دراساتمقالات

موقف الاتحاد السوفيتي من المسألة اليهودية ( 2 – 3 ) قراءة وتلخيص : علي رهيف الربيعي 

قراءة وتلخيص : علي رهيف الربيعي 

موقف الاتحاد السوفيتي من المسألة اليهودية ( 2 – 3 )
قراءة وتلخيص : علي رهيف الربيعي 
وإذا انتقلنا من استعراض موقف الفكر البلشفي إلى تأمل موقف الاتحاد السوفيتي من المسألة اليهودية، فإننا نجد الأمر لا يختلف كثيرا . فالقانون السوفيتي يجعل الصهيونية ومعاداة اليهود جريمة يعاقب عليهما القانون . وقد ألغيت جميع التنظيمات الصهيونية وأصبح نشاطها غير شرعي، مع ان روسيا كانت مركز النشاط الصهيوني في العالم. ووقف المندوبون السوفييت ، في المنظمات والمؤتمرات الشيوعية، ضد السماح للأحزاب الصهيونية ذات الديباجات الماركسية بالانضمام إليها حتى لا تكتسب اية شرعية.
أيد الاتحاد السوفيتي قيام الدولة الصهيونية ، واعترف بها فور قيامها . ولقد تحدث المندوب السوفيتي في هيئة الأمم عن الشعب اليهودي الذي لاقى الاضطهاد، اي انه كان يتحرك داخل الإطار المجرد والعام لمقولة اليهود التي رفضها البلاشفة من قبل ، وليس داخل إطار يهود شرق أوربا بوصفهم اقلية قومية.
مع بداية الأربعينات، تصاعد النفوذ النازي الذي كان يشكل تهديدا قويا للدولة السوفيتية ، بدأت الاتصالات بين السوفيت والصهاينة ، وشكلت في بداية الأمر لجان يهودية لمناصرة السوفيت ولمناهضة الفاشية . وفي عام ١٩٤٣، وضمن إطار الاستعدادات للتسوية النهائية لعالم ما بعد الحرب . بدا السوفيت يتحدثون في إطار ان المشكلة اليهودية ستصبح مشكلة عالمية ملحة مع نهاية الحرب ، لا مجرد مشكلة ألمانية أو حتى مشكلة غربية . ومن ثم ، فلابد ان يحددوا موقفهم منها بوضوح وفي إطار عالمي.
وفي أكتوبر ١٩٤٣ ، قام إيفان مايسكي، نائب وزير الخارجية السوفيتية ، بزيارة إلى فلسطين قام خلالها بزيارة الكيبوتسات ومناقشة مشاكل الاستيطان مع بن جوريون وجولدا مائير، ولم يتصل بالجانب العربي قط. ويبدو ان مايسكي بدأ سياسة مراجعة موقف السوفيت من الاستيطان الصهيوني ، إذ كان يرى ان ” من الواضح أن اليهود الاشتراكيين والتقدميين في فلسطين سيكونون أكثر فائدة من العرب المتخلفين الذين تسيطر عليهم مجموعات إقطاعية من الباشوات والأفندية “. واستمرت هذه النغمة طيلة الحرب وبعدها واصبحت لبنة اساسية في الديباجات الاشتراكية الصهيونية. واخذ السوفيت يتحدثون عن الدولة الصهيونية باعتبارها الدولة الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط ، لا سيما وانها كانت تسمح للحزب الشيوعي بممارسة نشاطه بشكل قانوني. كما أن الأحزاب الصهيونية ذات الديباجات الاشتراكية المتطرفة كانت تشكل من وجهة نظرهم نواة للاشتراكية في المنطقة.
ويبدو ان هذا هو المنطق الذي ساد، فمستشار ستالين ، كما يقال، نصحوه بأن إقامة الدولة الصهيونية في الشرق الأوسط المتخلف ستدخل عنصرا من عدم الاتزان والصراع في المنطقة وهو ما سيؤدي إلى تثويرها، حتى لو كانت هذه الدولة نفسها دولة رجعية واستعمارية . وهذا يعني انه نسب للدولة الصهيونية الدور أو الوظيفة التي نسبها الفكر الماركسي لليهود بوصفهم جماعة وظيفية وسيطة تقوض دعائم المجتمع دون أن تقوم هي ببناء المجتمع الجديد . بل كان هناك رأي يذهب إلى أن الدولة الصهيونية ستؤدي إلى نوع من انواع الاستقطاب الطبقي بحيث تتحالف الرجعية الغربية مع الرجعية اليهودية ويتحالف اعضاء الطبقة العاملة من العرب واليهود ضد أعدائهم الطبقيين ، اي ان المنطقة بهذه الطريقة يتم إدخالها العملية التاريخية الكبرى ، عملية استقطاب الراسماليين والعمال ، بحيث يتم استقطاب كل التفاعلات والتناقضات في عملية واحدة ذات قطبين متعارضين. ولكن مهما كانت الأسباب والدوافع، فإن التطورات اللاحقة بينت خلل المقدمات.
ومهما كانت الديباجات ، قومية ام طبقية، بيروقراطية ام ثورية فإن من الواضح انه تقرر توظيف فلسطين وشعبها في خدمة المصالح الاستراتيجية للاتحاد السوفيتي ، وكان يفترض ان انتشار الاشتراكية يخدم هذه المصالح . وقد تكون هذه الديباجات الاشتراكية زائفة أو حقيقية ، ولكن ما يهم ان الدولة السوفيتية بدأت تدرك دورها باعتبارها قوة عظمى وان من الضروري أن يكون لها دور تلعبه في الصراع.
يتبع..
المصدر :
(1)د. عبد الوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ، المجلد الأول، الموسوعة الموجزة في جزأين، ص٢٨١، وص٢٨٢، وص٢٨٢، دار الشروق.
2024 حزيران 14

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب