مقالات

دبلوماسية العراق والبحرين —-نواف شاذل طاقة

نواف شاذل طاقة

 دبلوماسية العراق والبحرين

نواف شاذل طاقة
حفلت وسائل التواصل الاجتماعي بالتعليقات الساخرة على تصرفات القائم بأعمال سفارة العراق في المنامة الذي اضطرت وزارة خارجية مملكة البحرين إلى الطلب من الحكومة العراقية سحبه بسبب تصرفات شخصية وصفت بأنها غير لائقة. جدير بالذكر، أن الدبلوماسي المذكور عُين في منصبه وفقاً لنظام المحاصصة الذي جاء به الاحتلال. أعادت إليّ هذه الحادثة ذكرى زيارة الى المنامة، عاصمة البحرين، أواخر عام 1999 أو مطلع 2000 رافقتُ خلالها وكيل وزارة الخارجية العراقية في حينه الراحل نزار حمدون، كان الهدف منها عرض الموقف العراقي من التطورات السياسية. كان العرف الدبلوماسي يقضي أن تقتصر الزيارة على لقاء وكيل وزارة الخارجية في مملكة البحرين في حينه الشيخ خالد آل خليفة الذي اصبح وزيراً لخارجية بلاده في فترة لاحقة. عُرف عن الراحل حمدون أدبه الجم ولغته الدبلوماسية الرصينة وذكاؤه المقترن بالتواضع، وهي صفات أهلته بجدارة لكسب احترام محدثيه. بعد جلسة الحوار الودية والصريحة لوكيل الوزارة حمدون مع نظيره آل خليفة والتي كانت إحدى غاياتها اعادة الدفء الى العلاقات بين العراق وجيرانه في الخليج، كان من المقرر أن نغادر في اليوم التالي، غير اننا أبلغنا مساء اليوم نفسه برغبة رئيس وزراء المملكة الراحل الشيخ خليفة آل خليفة بلقاء الوفد العراقي. تحدث رئيس وزراء البحرين بمشاعر الحب للعراق، مشيداً بالعراق وتاريخه العريق، مستذكراً زياراته السابقة للعراق، والبصرة بشكل خاص، ومصراً على تحميل حمدون تحياته للعراقيين وللرئيس العراقي الراحل بشكل خاص. لم يكن اللقاء مع رئيس الوزراء مخططاً له مسبقاً وكان خارج الاعراف الدبلوماسية، لكنه كان لقاءً ناجحاً بجميع المقاييس. عموما، كان من المقرر للوفد أن يغادر المنامة صباح اليوم التالي، لكننا تلقينا طلباً عشية السفر بالبقاء في المنامة لرغبة عاهل البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة بلقاء الوفد العراقي والاستماع الى ما سيقوله نزار حمدون. تحقق اللقاء ظهر اليوم التالي، وكان عاهل البحرين في اجازة خاصة على ما يبدو خارج العاصمة، قطعها خصيصا لعقد اللقاء الذي نُظم في خيمة عربية اعدت خصيصا للغرض المذكور، حيث استمع خلالها جلالته الى العرض الذي قدمه الوكيل حمدون بكل اقتدار وحرفية دبلوماسية. شكر عاهل البحرين وكيل الوزارة حمدون على عرضه ووعد ببذل الجهود لتحسين العلاقات بين العراق ودول الخليج العربي. اتذكر هذه الزيارة الى البحرين قبل نحو 25 عاماً، وأشعر بالأسى للحال الذي وصلنا إليه. بيد أني لا استغرب وصول الدبلوماسية العراقية إلى هذا الحضيض، فالأسباب عديدة والشواهد مؤلمة، لن يتسع المجال لذكرها، وسأكتفي بالتذكير أن أول عميد للمعهد الدبلوماسي العراقي عينه حزب الدعوة عقب احتلال العراق عام 2003 كانت خبرته الوظيفية تقتصر على سنوات خدمة أمضاها عاملاً في مطعم شعبي في الحي اللاتيني بباريس.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب