منوعات

جدل حول ندوة في طنجة نعتت محمد شكري بـ«اللا أخلاقي»

جدل حول ندوة في طنجة نعتت محمد شكري بـ«اللا أخلاقي»

عبد العزيز بنعبو

الرباط –  متى حضر الأديب المغربي الراحل محمد الشكري، يحضر معه الجدل ويتربع التشويق على مجريات النقاش الدائر حوله وحول انتاجه الادبي خاصة رائعته الصادمة «الخبز الحافي»، التي جعلت منه كاتبا مميزا انحاز للحقيقة دون تجميل وجعل من الصدق صهوته التي امتطاها وحارب بها طواحين اليومي في الفكر والمعيش أيضا.
آخر تجل لهذا الجدل الممتد عبر سنوات عيش وحتى لما بعد وفاة الكاتب الطنجاوي (نسبة إلى مدينة طنجة)، هو عنوان ندوة تكريمية زينت ملصق ضمن فعاليات الدورة 18 من مهرجان «تويزة» في طنجة شمال المغرب، وجاء فيه «شكري (اللا أخلاقي)»، والتي تدخل في إطار الملتقى 16 لتخليد أدب الكاتب العالمي محمد شكري.
الندوة المذكورة التي سيسيرها الإعلامي والشاعر عبد اللطيف بنيحيى، يشارك فيها كل من محمد عز الدين التازي، وشمس الضحى براقي، وسلمى الغزاوي من المغرب، وعبد الله إبراهيم من العراق، أثار عنوانها حفيظة عدد كبير من المثقفين المغاربة الذين عبروا عن استيائهم من كلمة «اللا أخلاقي» رغم وضعها بين قوسين، وصارت مادة دسمة لتدوينات على منصة «فيسبوك».
بالنسبة لإدارة مهرجان «تويزة»، فـ «ما يزال محمد شكري، أيقونة طنجة وساردها وشاردها، وواحدا من أهم الكتاب إثارة للجدل حتى يوم الناس هذا، مثلما لا يزال الاحتفاء به تقليدا راسخا ضمن البرنامج الثقافي للمهرجان منذ تأسيسه».
كما أنه «ما يزال صاحب (الخبز الحافي) مرجعا للحداثيين كما لا يزال يثير حفيظة الأدعياء والأوصياء، من الذين يبتغون نمذجة الممارسة الإبداعية ومركزتها، خوفا من الهامش الفسيح، بما هو فضاءاتٌ شاسعةٌ للحرية وأمداءٌ رحبةٌ للتعبير الحُرِّ والخيالِ المجنح».
وأوضحت إدارة المهرجان، أن اختيار مسمى «شكري (اللاأخلاقي)»، جاء «ارتباطا بشعار الدورة الحالية من المهرجان “وإنما الأمم الأخلاق…”. والحال أن مفهوم اللاأخلاقي لا يتعارض مع الأخلاقي، وإنما هو حالة عدمية، أو عبثية، كما أبدعها أندريه جيد في رائعته “اللاأخلاقي”، وكما درج عليها كبار الشعراء والمبدعين عبر التاريخ، منذ الشعراء الصعاليك، وقوفا عند شكري في هذه الندوة الثقافية الكبرى، تَطَلٌّعاً إلى أعلام الأدب الإنساني المعاصر الذين يحلقون في أفق إنساني طَلْقٍ لا يحكمه الأوصياء، ولا تتربص به أعين الرقباء».
لكن بعض المثقفين المغاربة كان لهم رأي آخر، مثل محمد بوخزار الذي يعتقد أن «الذي أطلق نعت (اللاأخلاقي) على محمد شكري، وكيفما كان قصده، فإنه أساء واعتدى على الراحل، وهو لا يعرفه قطعا، وإن ادعى العكس»، فيما الشاعر محمد الصالحي كتب قائلا «شكري و(اللاأخلاقي)»، لو وضعت الواو، لما أثير من اللغط ما أثير»، أما الإعلامية سعيدة شريف فقد انتقدت عنوان الندوة التكريمية بقولها «قمة الأخلاق في تذكر مبدعينا، إنما الأمم الأخلاق تناقش شكري (اللاأخلاقي)؟!»، بينما الكاتب مصطفى النحال فقد اختصر المسافة بقوله «ندوة تنعقد بمدينة طنجة تحت عنوان (شكري اللاأخلاقي)»، وأضاف موضحا «اللاأخلاقي والبئيس هو عنوان الندوة التي من المفروض أن تتناول كتابة محمد شكري لا شيئا آخر».
وجاء في تدوينة للأديب حسن نجمي: أناس «لا أخلاقيون» ينظمون ندوة في طنجة بعنوان: (محمد شكري «اللاأخلاقي»).
ويرى الشاعر والمترجم محمد العربي غجو أن «الهجوم على شكري وكتاباته، يخفي من جملة ما يخفيه، توجها يضيق بالتنوع الثقافي الذي ميز تاريخ عاصمة البوغاز ومنحها عمقها ورمزيتها الكونية.»
يوسف السباعي من جهته، غاص عميقا في واقعة العنوان والسياق والاقتباس، مسجلا ملحوظة وتعليقا حرا»، وتساءل «من أين أتى (هؤلاء العباقرة) وحتى محمد عز الدين التازي؟ كيف ذلك؟» وزاد متسائلا أيضا «نظّم ما تشاء، ولكن لماذا تقحمون اسم أندريه جيد وكتابه (اللاأخلاقي) في الموضوع؟»
وبالنسبة ليوسف السباعي، فإن «هذا العنوان لا محل له من الإعراب، ولا مدلول له»، وأضاف موضحا أنه «شخصيا هذه الأيام وخلال الشهور الأخيرة أتابع هجوما على محمد شكري ووسم كتاباته بالرديئة».
في جهة الدفاع عن فكرة الندوة وعنوانها، كتب خليل البكراوي قائلا «مجرد ما نُشر الملصق حتى تعالت أصوات الرفض لهذا العنوان، معتبرة أنه لا يليق بالرصيد الأدبي للأديب الراحل محمد شكري، مع العلم أن كلمة (اللاأخلاقي) تم وضعها بين مزدوجتين حتى لا يساء فهمها، ومع كل ذلك، سوء الفهم هو الذي حصل، فمحمد شكري بعظمة لسانه يؤكد في أكثر من حوار صحافي أنه كتب عن اللاأخلاقي وصولا إلى ما هو أخلاقي، فكيف لا وهو أديب الهامش الذي رفض التمسيد على القناعات والتماهي معها».
وتبقى الحقيقة الماثلة بجلاء، أن مهرجان «تويزة»، يحتفي دائما بالأديب الكبير محمد شكري، وقد بلغ الملتقى المخصص لهذا الغرض ضمن فعاليات التظاهرة رقم 16، من مجموع دورات المهرجان 18، كما أنه يشكل شرفة ثقافية تطل من خلالها عروس الشمال على موسم الصيف وتصنع لنفسها لحظة خاصة جدا في ذاكرة الملتقيات الثقافية المغربية.

««القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب