رئيسيتحقيقات وتقارير

بعد شهرين من “مسيّرة يافا”.. صاروخ اليمن سقط قريباً من مطار اللد الدولي ويثير ذعر وتساؤلات الإسرائيليين

بعد شهرين من “مسيّرة يافا”.. صاروخ اليمن سقط قريباً من مطار اللد الدولي ويثير ذعر وتساؤلات الإسرائيليين

الناصره /وديع عواودة

 بعد دقائق من سقوط الصاروخ اليمني في محيط مستوطنة دانئيل (على أنقاض قرية دانيال الفلسطينية المهجّرة منذ 1948) شرقي تل أبيب (6 كيلومترات من مطار اللد الدولي)، سارع جيش الاحتلال للتأكيد، في بيان مكتوب، على أن أصوات الانفجارات المسموعة في مركز البلاد هي نتيجة الصواريخ الإسرائيلية المعترضة.

جيش الاحتلال، الذي أكد في بيانه أن الصاروخ أطلق من اليمن، قام بهذه المحاولة المتأخرة لتخفيف وطأة المباغتة ومشاعر الخوف التي أصابت الإسرائيليين على حين غزة ضمن مساعي الحفاظ على صحتهم ومناعتهم النفسية.

 الضرر الحقيقي هو تعميق الشعور بالخوف، وفقدان الشعور بالأمن بسبب سقوط صاروخ وفشل منظومات الدفاع بمنع وصوله تماماً، كما حصل عندما ضربت مسيّرة “يافا”

ربما يخفّف هذا التوضيح على الإسرائيليين في مركز البلاد، ويبدّد بعض القلق العميق لديهم، بعدما باغتهم دوي الانفجارات وهم يستفيقون ليوم جديد، وفي طريقهم للعمل، لكن الصاروخ اليمني نجح بتذكيرهم بخطورة تفاقم واتّساع جبهات الحرب في ظل تعنّت رئيس حكومتهم نتنياهو في المضي بها، بخلاف رؤية المؤسسة الأمنية والدولة العميقة.

 سقط الصاروخ من اليمن في منطقة غير مأهولة، وتسبّبت الصواريخ المعترضة، طبقاً للرواية الإسرائيلية الرسمية، بإصابة عدد من الإسرائيليين بإصابات طفيفة، وبإشعال حريق كبير في محيط مستوطنة موديعين، قريباً من مدينة الرملة، علاوة على أضرار في محطة القطار المركزية فيها (موديعين). غير أن الضرر الحقيقي هو تعميق الشعور بالخوف، وفقدان الشعور بالأمن بسبب سقوط صاروخ وفشل منظومات الدفاع بمنع وصوله تماماً، كما حصل عندما ضربت مسيّرة “يافا” تل أبيب، قبل شهور. هذا إضافة لصراخ صافرات الإنذار المثيرة للفزع، خاصة في ساعة مبكّرة، وبشكل مباغت، ويتجلى ذلك في صور إسرائيليين وهم يختبئون أسفل مقاعد القطار ويبحثون في الشوارع عما يحميهم .

قريباً من مطار اللد (مطار بن غوريون)

 وفي ظل صمت رسمي على الصاروخ، يرى مراقبون إسرائيليون أن الحادثة تنطوي على فشل منظومة طبقات الدفاع، ما يستدعي تحقيقاً، والأهم تأكيدهم على أنها تعكس اتجاهاً سلبياً تسير فيه إسرائيل: عدم التورّط بالمراوحة في المكان والاستنزاف داخل غزة وفي شمال البلاد فحسب، بل اتساع النار والمخاطرة بحرب كبرى لم تختر إسرائيل توقيتها، ولا جبهاتها، ما يفقدها قوة المباغتة أيضاً.

واعتبر الوزير المستقيل من الحكومة غادي آيزنكوت أن الصاروخ من اليمن حادثة ينبغي التحقيق بملابساتها، مشدداً على ضرورة تقصير المفاوضات مع “حماس”، واستعادة المخطوفين عبر صفقة خلال شهر قبل فوات الأوان.

وتبعه الجنرال في الاحتياط نوعام تيبون، في حديث للإذاعة العبرية الرسمية، بالقول إن الصاروخ من اليمن يذكّرنا بأن إسرائيل تسير في الاتجاه المعاكس، فبدلاً من تقليل عدد جبهات الحرب تزيدها.

وحمّل تيبون نتنياهو مسؤولية فقدان إسرائيل قوة ردعها، بقوله إن الحوثيين، رغم تدمير ميناء الحديدة، عادوا وتجرأوا عليها بصاروخ نحو مطار اللد الدولي في قلب البلاد.

ويسخر تيبون من مزاعم نتنياهو بأن شن حرب في لبنان الآن لن يلحق ضرراً بالضغط العسكري داخل القطاع، لافتاً إلى تأييده رؤية وزير الأمن غالانت المعارض لهذه التوجّهات، ويقول إن إسرائيل مستنزفة، وينبغي أن تلتقط أنفاسها وترتب أوراقها برؤية إستراتيجية تأخذ بالحسبان كل الجبهات والاعتبارات.

لم نتعلّم من السابع من أكتوبر

هذا ما يؤكده المحاضر في جامعة تل أبيب الجنرال في الاحتياط ميخائيل ميليشتاين، الذي يقول، في مقال تنشره صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم، إن “طوفان الأقصى” لم يدفع المستويين السياسي والعسكري لتبنّي توجّه متبصّر يقظ ومتواضع حيال النشاطات  العسكرية الإسرائيلية داخل غزة.

ويمضي ميليشتاين في تحذيراته المتكررة: “يمكن الآن ملاحظة أضواء الخطر الحمراء الجديدة؛ نحن على ما يبدو في الطريق لحرب استنزاف ولكارثة قادمة”.

الثأر لقصف الحديدة

 ورداً على سؤال الإذاعة، قال مستشار الأمن الأسبق الجنرال في الاحتياط  غيورا آيلاند إن الصاروخ من اليمن يسلّط الضوء على وجود إسرائيل في سبع جبهات، وضرب الحديدة لم يردع الحوثيين.

 وتابع: “وصول هذا الصاروخ من اليمن خلل عملياتي ينبغي فحصه. يبدو أن هذا صاروخٌ موجّه متطوّر يمكن المناورة في مسار إرساله، وهذا يفسر لماذا أطل من جهة الشرق، وليس صاروخاً باليستياً.

يشار هنا إلى أن مصادر إعلامية عبرية نقلت، هذا الصباح، عن جهات أمنية قولها إن منظومات الدفاع أطلقت عدداً كبيراً من صواريخ مضادة (من القبة الحديدية وصواريخ من طراز “حيتس”) نحو الصاروخ القادم من اليمن على بعد 2000 كيلومتر، مرجحة أن يكون الصاروخ من نوع غير معروف يستطيع المراوغة وتجاوز القدرات الدفاعية.

ميليشتاين: يمكن الآن ملاحظة أضواء الخطر الحمراء الجديدة؛ نحن على ما يبدو في الطريق لحرب استنزاف ولكارثة قادمة

المعلّق العسكري الإسرائيلي البارز رون بن يشاي يرجّح أن الصاروخ من اليمن جاء ثأراً لقصف ميناء الحديدة، لافتاً لضرورة التحقيق بفشل اعتراضه قبل دخوله الأجواء الإسرائيلية.

ويتابع: “هذا الصاروخ الذي سقط على مسافة قصيرة من مطار بن غوريون الدولي يثير أسئلة ثقيلة”.

تصعيد مع “حزب الله”

ويتزامن سقوط الصاروخ من اليمن مع تصعيد متواصل في الجبهة مع “حزب الله”، حيث يرد الأخير على قتل عناصره واستهداف منشآته في عمق لبنان بصواريخ ومسيّرات أبعد من المناطق الحدودية، تصل لبحيرة طبريا، ما يشوّش حياة الإسرائيليين داخل مستوطنات الجليل، ويفاقم حالة التذمّر، وتوجيههم الاتهامات لحكومة نتنياهو بالتنازل عنهم.

يذكر أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر سيضيف إعادة النازحين لبقية أهداف الحرب، خلال اجتماع كان من المقرّر أن يلتئم اليوم، وتم تأجيله لغد الإثنين، وفق تقارير صحفية محلية وأمريكية تقول أيضاً إن الجيش يستعد لحرب واسعة في الشمال، ما يثير قلق البيت الأبيض أيضاً.

– “القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب