
العودة إلى جوهر الفن: تنويعات جبران طرزي الهندسية

إياد الخالدي
حقق كتاب الفنان جبران طرزي صدى واسعا بين متذوقي الفنون التشكيلية، لما يضمه من شروحات وتفاصيل في بناء اللوحة المنسوبة إلى الفن التجريدي الهندسي، قدم لنا الفنان شرحا موسعا عن طريقة تراكيب لوحته التي تعتمد على الأشكال والخطوط والمربعات والمستطيلات وبقدر ما يتعلق الأمر في توزيع تلك الأشكال فإن المحتوى الداخلي للعمل سيتبنى طابعا جماليا يتعلق في إبداء مشروع فني وفكري يعتمد على الرؤية الفلسفية لفنون الشرق ذات الطابع المخصص للفن الإسلامي والأرابسيك والسقوف والدواوين الدمشقية. هذا الكتاب الذي بين أيدينا ضم الكثير من اللوحات الفنية بأشكال وحجوم مختلفة تأسست على ترابط يجمع بين الشكل والمضمون نقرأ في تفاصيل الكتاب أنه يحتوي على اثنتي عشرة سلسلة مترابطة، في كل واحدة منها يشرح المؤلف والفنان جبران طرزي (Gebran Tarazi) صياغة عمله الفني من خلال اعتماده على ما يطلق عليه (بالقائم.. النائم ) وهو في الأصل التركيب التقليدي فمعنى القائم (مستطيل ـ مستقيم) سيكون بشكل عمودي، أما النائم فهو مستطيل ممدد بشكل أفقي يترابط قائمان نائمان معا حول المربع المحيط، لتتشكل الوحدة الأساسية للتركيب الهندسي.
وفق هذا التصور من البناء للعمل الفني سيأخذنا الفنان لشرح تلك السلسلة، ففي واحدة من دروس تلك السلسلة نقرأ أن اندماج الوحدات المربعة والمستطيلة الـ185 في تركيب كبير ستتم حيث تحيط اربعة مستطيلات بمربع محيط في تركيب تقليدي، ليصل المتلقي إلى فحوى وروحية الشكل بصياغات رياضية مبنية على التوافق والانسجام، ويشير الفنان إلى أن كل لوحة من تلك الأعمال التي ضمها الكتاب، والتي بلغت أكثر من 145 عملا فنيا، هي نتيجة عمل شهر كامل من البحث، وكان ذلك في بداية ثمانينيات القرن المنصرم حتى انتهاء وقت العمل في تسعينيات القرن المنصرم، ويشير إلى أن الحاجة إلى التجريد في الرسم بدت له نتيجة طبيعية لحاجة التجريد في الأدب، وهذا ما التمسناه من خلال قراءة روايته «معصرة الزيتون»، والجدير بالذكر أن الفنان هو امتداد لأسرة طرزي المعروفة في لبنان ودمشق والمغرب، التي عملت في إنتاج عشرات الأعمال التراثية ذات الطابع العريق لفنون الشرق ومنها، الخشب المزخرف للجدران والسقوف للديوان الدمشقي.
كاتب عراقي