خبراء: مقاومة الضفة حاضرة وتتوارثها الأجيال وإبادة غزة تحفزها
خبراء: مقاومة الضفة حاضرة وتتوارثها الأجيال وإبادة غزة تحفزها
رام الله: يقول خبراء فلسطينيون إن الجيش الإسرائيلي ورغم تنفيذه عمليات عسكرية بين الحين والآخر في الضفة الغربية وتحديدا في شمالها، غير قادر على التخلص من المقاومة الفلسطينية، رغم إلحاقه ضررا كبيرا ببنيتها وحاضنتها الشعبية.
وأرجع الخبراء ذلك إلى أن “الحالة النضالية في الضفة الغربية ولّادة، وكل جيل يخلف بعده أجيال تسير على ذات الطريق ما دام الاحتلال باقيا”.
ومنذ ما قبل “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية في الضفة الغربية وتحديدا في مخيمات جنين وطولكرم وطوباس ونابلس.
وبالتوازي مع الإبادة الجماعية في غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة، كما زاد المستوطنون اعتداءاتهم، ما أسفر عن 772 شهيدا، ونحو 6300 جريح، و11600 حالة اعتقال، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
حالة متواصلة
وقال رئيس “مركز القدس للدراسات” أحمد رفيق عوض، إن “حالة المقاومة في الضفة الغربية لم تتوقف منذ احتلالها عام 1967”.
وأضاف: “موجات من المد والجزر تهدد الضفة لكن المقاومة مستمرة، ولم تستطع كل القوانين الإسرائيلية والقمع والاقتحامات إنهاء هذه الحالة”.
وأرجع عوض ذلك بالقول: “السبب هو أن الاحتلال موجود، وقد عايشه جيلان كل منهما قاوم ويقاوم، ولكن الاحتلال يعتقد أن القوة تأتي بنتائج تطوع وتركع السكان، لذلك اتخذ كل أشكال القمع من إبعاد وقتل وهدم منازل وغيرها دون فائدة”.
ويرى عوض إن إسرائيل ومنذ 7 أكتوبر 2023 “حاولت أن تستبق الأحداث والمقاومة وشنت عمليات عسكرية كبيرة في مخيمات طولكرم وجنين والفارعة شمال الضفة، ولكنها لم تنجح”.
وقال: “ضربت إسرائيل الحاضنة الشعبية ودمرت البنى التحتية للمخيمات وهدمت منازل فلسطينية، وفرضت سياسة العقاب الجماعي ورغم ذلك المقاومة مستمرة، والاحتلال فشل في تقويض العمل المقاوم وفشل في إخضاعها وكسرها”.
ولفت الخبير الفلسطيني إلى أن “ساحة الضفة الغربية وعلى المدى القريب ستبقى مشتعلة عبر مواجهات مسلحة وتنفيذ عمليات عسكرية واحتجاجات ومظاهرات وغيرها رفضا لسياسات الاحتلال والاستيطان التوسعي وحالة القتل والإبادة في قطاع غزة ولبنان”.
متجددة رغم الضرر
الخبير الفلسطيني أحمد أبو الهيجا قال إن “إسرائيل فشلت على مر عقود بكسر المقاومة الفلسطينية، غير أنها ألحقت بها ضررا كبيرا من خلال ملاحقة الخلايا العسكرية وقتل نشطائها واعتقال آخرين”.
ويرى أن الجيل الشاب “لا يمكن أن يقتنع بالتخلي عن المقاومة المسلحة بينما يشاهد القتل والتدمير اليومي ومجازر ترتكب في كل ساعة”.
وقال أبو الهيجا: “عبر التاريخ، الحل العسكري والقتل لم يكن يوما يؤدي إلى حل فعلي، القتل قد يؤدي إلى هدوء مؤقت، لكن الأوضاع تنفجر من جديد لأن أسباب الصراع مازالت موجودة، وما جرى في السابق ولم يأتِ بنتائج، لن يأتي اليوم بنتائج. هذه معادلة لم تفهمها إسرائيل”.
وأضاف: “اليوم تشن إسرائيل حربا متعددة الجبهات، والشباب المقاوم في الضفة يرى أن هناك قتالا في غزة ولبنان، وإسنادا من بعض الأطراف العربية، وعمليات من الداخل المحتل (إسرائيل) ومن الطبيعي أن يرى بأن دوره في الصراع يجب أن يكون حاضرا”.
ولفت أبو الهيجا إلى أن “نمط تفكير الشباب بعد طوفان الأقصى ليس كما قبله، ويرى أن هناك إقبالا كبيرا على المقاومة والعمل المسلح”.
في المقابل، يقول إن العمليات العسكرية الإسرائيلية “ألحقت ضررا كبيرا بالمقاومة بالضفة الغربية ولكن الحالة ولّادة وكل جيل يأتي بعده جيل آخر يحمل السلاح وبصورة سريعة ولافتة ترى أن هناك تعويضا في الجماعات المسلحة”.
ويرى أبو الهيجا أيضا أن “فصائل المقاومة الفلسطينية لديها إصرار على أن تبقى الضفة مشاركة ومساندة لغزة وأن تبقى فيها ظاهرة متجددة وتتطور”.
ولفت إلى أن “الحالة تبقى في مراوحة تصعد في حين وتهدأ في حين آخر، لكنها حالة استنزاف مستمرة، عمليات فردية وأخرى جماعات وكلها ترهق الاحتلال وتسبب له كابوسا”.
ولا يرى أبو الهيجا أن الحالة “ستهدأ قريبا في الضفة وحتى لو انتهت الحرب على غزة”.
امتداد لحالة نضالية مستمرة
مدير مركز يبوس للدارسات الاستراتيجية سليمان بشارات قال إن “حالة المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية هي امتداد لحالة نضالية فلسطينية مستمرة ومتواصلة منذ الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب نكسة عام 1967 (احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة)، وربما قبل ذلك”.
وأضاف: “إذا ما ربطنا أيضا العمل النضالي بالضفة بالبعد الزماني المرتبط بتطورات الحرب على غزة في العامين اللذين سبقاها كان هناك حضور للمقاومة بالضفة بأشكال مختلفة متعددة، ونفذ الاحتلال عمليات اغتيال متعددة لمقاومين وبرزت ظاهرة المجموعات المسلحة التي أطلق عليها الكتائب أمثال كتيبة جنين وعرين الأسود في نابلس وغيرهما”.
وأردف بشارات: “حتى وإن توقفت الحرب على غزة فامتداد الوجود المقاوم بالضفة سيبقى حاضرا ما بقي الاحتلال وممارسات المستوطنين، ربما تخفت حالة المقاومة بالضفة في مراحل وترتفع في مراحل مختلفة انطلاقا من الاحتياج وقياسا على مستوى الاعتداءات التي يقوم بها الاحتلال”.
وتابع: “العمل المقاوم غير مرتبط برد فعل، أو سمات خاصة بقدر ما يعبر عن هوية حالة نضالية فلسطينية مستمرة، وهذه واحدة من أكبر التحديات أمام الاحتلال الذي لا يستطيع بسببها القضاء على نهج المقاومة باعتباره جزءا من الهوية الجمعية الفلسطينية”.
وقال بشارات إن تلك الحالة “ليست مرتبطة بتنظيمات أو تيارات أو أحزاب أو أشخاص، وإنما انعكاس لهوية أيديولوجية مرتبطة بوجود الاحتلال والسعي إلى التحرر منه”.
وخلص بالقول: “ربما تكون الحرب على غزة من منطلق النموذج الملهم، رافعة لتحريك العمل النضالي في الضفة، وربما حجم المجازر وعمليات الإبادة التي يقوم بها الاحتلال في غزة تشكل أيضا دافعا إضافية من باب المسؤولية الوطنية لمشاركة الهم الفلسطيني”.
وأضاف بشارات: “في ظل ارتفاع مستوى الاعتداءات الإسرائيلية وحالة التضييق وغياب الأفق السياسي وتعزيز الانتهاكات بحق المسجد الأقصى، يمكن أن تشكل كل هذه المعطيات دافعا لتصاعدية العمل المقاوم بالضفة في المرحلة المقبلة”.
وتابع: “ربما يفتح المجال أمام اتساع الحالة النضالية العامة وانخراط فئات متعددة بالمقاومة خصوصا إذا ما أخذنا بالاعتبار أنه في الأعوام الماضية باتت هوية العمل المقاوم لا تقوم على الامتدادات الحزبية وإنما على الانخراط المباشر الذي يتخطى مفاهيم الانتماء الحزبي”.
(الأناضول)