مقالات
العفوية الشعبية من حزب النهضة.. إلى قيس سعيد بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين دياب -استاذ جامعي -سوريا –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين دياب -استاذ جامعي -سوريا -

العفوية الشعبية من حزب النهضة.. إلى قيس سعيد
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين دياب -استاذ جامعي -سوريا –
كيف للفكر القومي العربي،معرفة العفوية الشعبية،التي تتجلى في هذا القطر وذاك،دون تفحص خلفياتها وأسبابها،وكيف تعيش حالتها في وعي الناس،حتى تنضج،وتتحول إلى فعل وردفعل شعبيي،تعبيراً عن واقعة،وحادثة وظاهرة،كانت موجودة داخل البناء الاجتماعي،وساكنة تراقب مايجري داخل البناء
وما يتأتى من حل اجتماعي وحوار،وصدامات وتوترات،بين القوى الشعبية،والقوى التي تمنع هذه القوى من بلوغ غاياتها وأهدافها.
العفوية الشعبيةً،عادة عن احساس وتبصر بحالة التناقضات والصراع،والفعل ورد الفعل،هي ،في ظني ،حالة من الخيال المجتمعي،لحالة بنائية،سياسة مرة،واقتصادية مرّة أخرى،وثالثة ثقافية،روحية ووجدانية.
في العفوية الشعبية حالة استبصار ورؤية لحركة المجتمع،ومعاناته وتحدياته،وفي جوانية الحالة الشعبية،تفكير بالحلول،ووضع مشاهد”سينورهات،،فيها استجابة،لحل التناقضات،وبلوغ الرضى الشعبي،والقضاء على التحديات،أو تجاوز بعضها،ونجد في العفوية الشعبية حالة استلهام لحركة
التاريخ،وكيف تتوافق الإرادة الشعبي،في بنيانها الاجتماعيّ،مع حركة التاريخ.وبغض النظر عن عناوين العفوية الشعبية،وما قيل عن معانيها وأسبابها،هي حاضرة في العقل والذهنية المجتمعية،وهي في حالة يقظة وترقب،حتى تتوفر شروطها،أوقدرها الساكن في جوانية الخيال المجتمعي.العفوية الشعبية،هي في حالة انتظار حتى تأتي أسبابها.
ومن هذه الحالة العفوية الشعبية،نتقدم باتجاه واقعة ما نطلق عليه،الحراك الشعبي في تونس،الذي كان منقاداً بالإرادة الشعبية،الباحثة عن دور لها في دولة مدنية،قوامها المواطنة بكل محدداتها المجتمعية والفكرية،والدور الذي تشغله المواطنة في تعزيز الوحدة الاجتماعية،والسلم الاجتماعي والثقافي،وكان هذا الحراك، عندي،حاملاً العفوية الشعبية ومستحقاتها،في نظام سياسي يتماهى به وفيه المواطن التونسي،بغض النظر عن أصوله وجذوره الاجتماعية،ومنبته الطبقي،وجهاته/المناطقية.
وقلت في الحراك الشعبي،الذي أسقط نظام بن علي،إنه استجابه للعفوية الشعبية التونسية الباحثة عن دور لها،ترى فيه وطنيتها وقد مضت تتعين في السلوك المجتمعي التونسي،داخل أحزابه،ومنظماته المدنية،ونقاباته،ومؤسساته،على اختلاف مهامها ومضامينها،والوظائف التي تشغلها في البناء الاجتماعي للمجتمع التونسي،لكن هذه الاستجابة لم تتحقق على النحو الذي تريده تلك العفوية،ولم تتبلور بأي مكون من مكونات الحراك الشعبي،لأنّ الأحزاب،وخاصة حزب النهضة،لم يرتق في ممارساته إلى مستوى طموح العفوية الشعبية،وتموضعها،بل قل سكنها،في الوجدان الشعبي التونسي.وإذا أخذنا العفوية الشعبية،وحاملتها الإرادة الشعبية،في مشروعها النهضوي،نلاحظ بما يجري من حراك شعبي في المجتمع التونسي ،أن هذه العفوية،وهي تدافع التحديات التي تتعرض لها تونس،من الأمس إلى اليوم،تستشرف في إرادتها الشعبية،وبعين مستقبلية،الطريق إلى الاستجابة،التي يقوم بها الحراك الشعبي،والكيفية التي تتعين بها هذه الاستجابة.وتظل العفوية الشعبية التونسية باحثة عن دور لها،وهذا قدرها،ونقصد بالقدر هنا الظروف والمحددات البنائية التي تحيط بهذا الدور،فتجدد نفسها وتولد بتعبيرات وحراكات،ترتقي وتنهض إلى مستوى التحديات المستجدة،على النحو الذي رأينا في شخص قيس سعيد،مستوى من مستويات الاستجابة،التي تريدها العفوية الشعبية،بعد أن فشلت النهضة،ومن بمعيتها من أن تتموضع سياسياً وثقافياً واقتصادياً في الحياة اليومية للمجتمع التونسي.ولم تعكس نفسها في أي مشهد تجد فيه العفوية الشعبيةً صورتها.
وكان نجاح قيس سعيد خطوة إلى الأمام على طريق بلوغ العفوية الشعبية التونسية الاستجابة المستحقة،التي تمضي بها نحو ظفر الشعب التونسي بما يطمح إليه من تقدم اجتماعي واقتصادي وثقافي،وكان ماقام به الرئيس قيس سعيد من إجراءات سياسية وإدارية وقضائية،خطوات على طريق يكون في اجراءاته،استجابه حقيقية للعفوية الشعبية التونسية.
وعن سؤال هل يمضي الرئيس سعيد في اجراءاته ليكتمل مشهد الاستجابة هذه المرة للارادة الشعبية التونسية،في دولة مدنية،تنجز مهام النهضة والتقدم والارتقاء بالمواطنة التونسية،التي يرى فيها المواطن التونسي حقيقة،مطالبه وتطلعاته،ومالها من تعينات في صلب البناء الاجتماعي للمجتمع التونسي ؟
يقول المثل الشعبي،وهو مستوى من مستويات الحوار الداخلي للمجتمع،أي مجتمع،أو مايطلق عليه المينيلوج الدخلي:”أول الرقص حنجلة”،ويقصد بالحنجلة بالأدب الشعبي ،الرقص على رجل واحدة،وما نلاحظه من جهة ماقام به الرئيس سعيد،لايشبع تطلعات الشعب التونسي،ولايصل إلى مستوى تحوله إلى خطوة متقدمة،بحيث يكون في اجراءاته وسياساته،نقلة ليكون بحق أحد تجليات العفوية الشعبية التونسية.
لكن مايجري في الشارع التونسي من حراك شعبي مدني،ومن مطالب شعبية تخص مصير ومطالب وتطلعات الشعب التونسي،تشي بأنّ على الرئيس التونسي قيس سعيد الاسراع في اكتمال اجراءاته،حتى يستعيد مصداقيته،ويتعين في تلك الاجراءات ضرورة تنفيذه، وما حملت من استحقاقات،قبل أن يفوت الأوان بمظاهرات،تعطي لنفسها مشروعية شعبية،على النحو الذي
يتطابق مع المثل الشعبي”أول الرقص حنجلة” بحيث تتراكم هذه الاحتجاجات الخجولة،باتجاه تحولها إلى انتفاضات،وتتجاوزه العفوية الشعبية الباحثة عن استجابة مشروعة لها في حراكات شعبية قادمة.وهذا قدرها، شأنها في ذلك، شأن كل الأقطار العربية المسكونة بحراك وانتفاضات جماهيرية،،طامحة إلى تغيير الانظمة،في اطار المعادلة القومية،التي يقودها قانون تبادل الدور والمهام الحضارية،بين الأقطار العربية،وصولاً لبلوغ النهضة العربية،المفقودة حالياً في إطار ما يطلق عليه سياسياًً،الدولة الوطنية.*
إن دواعي عودتي إلى هذه المداخلة،التي قلتها وكتبتها إثر الحراك الشعبي،الذي أطاح بالرئيس زين العابدين،هوأن طوفان الأقصى،وتداعياته في غزة،سنراها في عقوبات شعبية في أكثر
من قطر عربي،لأنّ العفوية الشعبية،وليدة آمال ورغبات،وهموم
وطموحات،وما أكرها فيً وطننا العربي،لكن زمنها آت ولو بعد حين.
د- عزالدين حسن الدياب – 14-11-2021.
ملاحظة:اتمنى التعامل مع هذه المقاربة بالتقد والمحاكاة، تبادل الرأي. تحياتي