إسرائيل تقطّع أوصال الضفة الغربية وتنتظر ألفرصه للضم
إسرائيل تقطّع أوصال الضفة الغربية وتنتظر ألفرصه للضم
بقلم رئيس التحرير
“خطة الحسم” هي ما يتردد على ألسنة وتصريحات قادة المستوطنين واليمين المتطرف وذلك استنادا للاتفاقية الائتلافية التي وقَّعتها الأحزاب الإسرائيلية لتشكيل الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو أواخر عام 2022.
ويذكر أن حكومة نتني اهو اليمينية المتطرفة قائمة على اتفاقيات وتفاهمات بين وزير المالية زعيم حزب “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموتريش ووزير الأمن القومي زعيم حزب “القوة اليهودية” إيتمار بن غفير من جهة ونتنياهو من جهة ثانية على أساس التوسع الاستيطاني الذي يمهد لسياسة الضم والتي من ضمن بنودها ما يتعلق بما سماه سموتريش “خطة الحسم”، وقال فيها إن “الفلسطينيين في الضفة الغربية أمام 3 خيارات: أن يكونوا خاضعين لنا، أن يرحلوا وسنساعدهم على الرحيل، أن يقاوموا وسنقتلهم” وفي 2017، أعلن المتطرف سموتريتش خطة لمعالجة الصراع مع الفلسطينيين، أطلق عليها “خطة الحسم”، ترفض وجود أي كيان فلسطيني وتشجع الاستيطان وتهجير الفلسطينيين وتدعم استخدام العنف ضدهم.
الإجراءات والممارسات الاسرائيليه في الضفة الغربية جميعها تصب في مصلحة إستراتيجية تشديد القبضة الإسرائيلية على الضفة، والتي تمهد للضم وإعلان فرض ( السيادة الإسرائيلية) عليها. وتتمثل تلك الإجراءات في اقتحامات جيش الاحتلال للمدن والقرى والبلدات، وإقامة مئات الحواجز والبوابات العسكرية على مداخل المدن، وتحويلها إلى كانتونات معزولة. ويُضاف إلى ذلك، إطلاق العنان للمشروع الاستيطاني بأوسع أبوابه ، من مشاريع استيطانية إلى مصادرة الأراضي وإقامة البؤر العشوائية، مروراً بالسماح للمستوطنين بارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين بغية تهجيرهم ، وتتخذ الاعتداءات منحى تصاعدي وبات يخشى من نذر الانفجار نتيجة تزايد اعتداءات المستوطنين على ممتلكات الفلسطينيين ، وفي موازاة اعتداءات المستوطنين تتصاعد اقتحامات قوات جيش الاحتلال التي تشن عمليات عسكرية واسعة في مناطق عدة في الضفة، أبرزها في جنين وطولكرم ونابلس ، وتقوم فيها بتدمير واسع للبنية التحتية– التي كان جرى ترميم بعضها في وقت سابق -، وتنفيذ عمليات القتل والاستباحة للدم الفلسطيني من خلال استهداف ممتلكات ومنازل الفلسطينيين
قرارات وإجراءات إسرائيليه سيكون لوقعهما انعكاس على الفلسطينيين وتتمثل في إصدار وزير الحرب ، يسرائيل كاتس، قراراً بوقف الاعتقالات الإدارية ضد المستوطنين الذين يرتكبون جرائم ضد الفلسطينيين. ورغم أن هؤلاء يحظون أصلاً بحماية كبيرة، سياسية وقانونية وعسكرية، لتنفيذ تلك الاعتداءات، إلا أن بعض الجهات التي تراعي الضغوط الدولية في هذا الإطار، انتقدت القرار الجديد. وذكرت صحيفة ” هآرتس” العبرية أن أعضاء في “الكنيست» طالبوا بإلغاء أوامر اعتقال إدارية يخضع لها 8 مستوطنين، حتى مطلع الشهر الحالي، فيما رأت مصادر قضائية أن قرار كاتس يمنح ” رخصة بالقتل لشبيبة التلال، ويقيّد أيدي الشاباك في التعامل مع جهات يهودية”، وأن من شأن ذلك القرار أن “يدفع منظمات سرية إلى الاعتداء على العرب وإشعال المنطقة”. ومن جهته، رأى عضو ” الكنيست”غادي آيزنكوت، قرار كاتس “خطأ شديداً وخطيراً، وخطوة أخرى نحو تصعيد خطير في الضفة الغربية وسندفع ثمنه”.
وعلى أي حال، يدرك الفلسطينيون أن الإجراء الذي كانت تتخذه سلطات الاحتلال بحق بعض المستوطنين القلائل، هو إجراء شكلي لم يؤثر في طبيعة اعتداءاتهم وكثافتها، وهو ما تدلّ عليه مشاركة المئات منهم في الهجوم على قرى من مثل المغير وحوارة وترمسعيا وبرقة، وإحراق عشرات المنازل والمركبات، من دون اعتقال أي منهم. كما أن الاعتقالات التي تُنفذ ضد هؤلاء وقادتهم الذين يمولونهم ويحرضونهم ويسلحونهم، لم تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. ومع ذلك، فقد منح القرار الجديد عصابات المستوطنين ضوءاً أخضر وتسهيلات لارتكاب مزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين، كونه بمنزلة تشريع للقتل ، وخصوصاً مع تعزيز عمليات تسليح المستوطنين.
والتطور الأهم هو في تداعيات قرار محكمة الجنائية الدولية وإصدار ، مذكرتَي اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه السابق، يوآف غالانت. إذ دعا بن غفير، مثلاً، إلى الرد على مذكرات الاعتقال بـ” تطبيق السيادة على كل أراضي يهودا والسامرة”، في إشارة إلى ضم الضفة الغربية، و”الاستيطان في جميع مناطق البلاد، وقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية” التي وصفها بـ” سلطة الإرهاب”، مطالباً بـ” فرض عقوبات عليها”
ووفق كل المعطيات إسرائيل حسمت مسألة ضم الضفة والسيطرة عليها ، والواقع أن قرارها هذا ليس وليد اليوم فقط، بل متَخذ منذ احتلال الضفة، إذ عمل الاحتلال على الضم التدريجي في كل الظروف. وعلى غرار توظيفها اتفاق ” أوسلو”وعملية ” السلام” والمفاوضات، وإدانة الأمم المتحدة للاستيطان، من أجل ذلك، فإن إسرائيل اليوم توظف حربها على غزة والمناخ الدولي، وحتى الرد على القرارات الدولية والأممية، ومنها قرار ” الجنائية الدولية”، في السياق نفسه ، فهل من تحرك دولي يلجم ويوقف مخططات التوسع الاستيطاني وسياسة الضم