صلات مرشح ترامب لمنصب المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط مع دول خليجية ثرية تثير أسئلة حول تضارب المصالح

إبراهيم درويش

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده إريك ليبتون، قال فيه إن مرشح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، لمنصب المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، أقام صلات سابقة مع دول خليجية غنية بالنفط.

وقالت الصحيفة إن مشاركة ستيفن ويتكوف مع صندوقين سياديين عندما اشترى ثم باع فندق “بارك لين منهاتن” تظهر احتمال تضارب المصالح في دوره الجديد.

وأشارت الصحيفة إلى أن ويتكوف -رجل الأعمال ومدير شركة عقارات في نيويورك- كان في عام 2018 بمأزق، حيث وجهت وزارة العدل اتهامات بالاحتيال إلى المستثمر المشارك لويتكوف في مشروع فندق منهاتن. كما تم تعليق خطة لتحويل الفندق إلى شقق سكنية فاخرة. ثم جاءت عملية إنقاذ، مكونة من جزئين. وهي شكل من أشكال الإنقاذ الذي بات مستثمرو العقارات في نيويورك يلجأون إليه بشكل متزايد.

مشاركة ستيفن ويتكوف مع صندوقين سياديين عندما اشترى ثم باع فندق “بارك لين منهاتن” تظهر احتمال تضارب المصالح في دوره الجديد.

ففي البداية، وسّع صندوق الثروة السيادية في أبو ظبي حصته في الفندق المتعثر، بارك لين، الذي يقع على الحافة الجنوبية من سنترال بارك. ثم في خطوة أكثر أهمية، أرسلت هيئة الاستثمار القطرية العام الماضي 623 مليون دولار لشراء ويتكوف وشركائه بالاستدانة.

وتعلق الصحيفة أن التعاقدات المالية والتي تشمل صندوقين سياديين غنيين في الشرق الأوسط، هي بمثابة لمحة عن التدفق الكبير للدولارات إلى سوق العقارات الأمريكية من كيانات مرتبطة بدول مثل قطر والإمارات والسعودية والكويت.

وبالنسبة لويتكوف، فإن هذا من شأنه أن يخلق تعقيدات عندما يتولى منصبه الجديد، وسوف يتفاوض قريبا مع زعماء الدول التي كانت في الماضي، وربما في المستقبل، مقرضة أو مشترية لمشاريع العقارات العائلية.

ولم يشر ويتكوف، الذي لم يستجب لطلبات الصحيفة للتعليق، فيما إن كان ينوي التنحي عن منصبه كرئيس تنفيذي مشارك لمجموعة ويتكوف، التي يديرها مع ابنه أليكس.

وقال ترامب واصفا اختيار ويتكوف لمنصب الممثل الخاص له إلى الشرق الأوسط: “سيكون ستيف الصوت الذي لا يكل من أجل السلام وسيجعلنا فخورين”. ولم يحدد ترامب شروط وظيفة ويتكوف الذي ليست لديه خبرة دبلوماسية سابقة.

وفي حالة المصادقة عليه وتوليه عملا فيدراليا رسميا، فيجب على ويتكوف التنحي عن شركته العقارية والكشف عن كل ممتلكاته وأمواله. وبالإضافة إلى ذلك، سيحظر عليه بموجب القانون الفيدرالي اتخاذ أي إجراء رسمي قد يعود بالنفع المالي المباشر عليه شخصيا، وربما يُطلب منه أيضا بيع بعض الاستثمارات.

في حالة المصادقة عليه وتوليه عملا فيدراليا رسميا، فيجب على ويتكوف التنحي عن شركته العقارية والكشف عن كل ممتلكاته وأمواله

وربما يتجنب ويتكوف هذا، ويزعم  أنه يعمل كمستشار غير حكومي لترامب. وهذا من شأنه أن يسمح له بمواصلة التعامل مع المستثمرين في الشرق الأوسط، حتى وهو يقدم المشورة للبيت الأبيض بشأن الدبلوماسية الأمريكية بالمنطقة.

ومن المقرر أن يلقي ويتكوف كلمة الشهر المقبل في مؤتمر للعملات المشفرة بأبو ظبي. وقد ساعد في تأسيس شركة العملات المشفرة التي أطلقتها عائلة ترامب مؤخرا “ورلد ليبرتي” كما شارك أبناؤه أليكس وزاك في تأسيسها.

وقدم منظمو مؤتمر العملات المشفرة ويتكوف بالفعل باعتباره “مبعوثا خاصا إلى الشرق الأوسط”، على الرغم من أن إدارة ترامب لم تبدأ عملها بعد.

وتعلق الصحيفة أن هناك العديد من الأمثلة عن شخصيات تدور في دائرة ترامب ممن حصلوا على استثمارات بملايين الدولارات من قادة في الشرق الأوسط، بعد عملهم في مناصب بإدارة ترامب الأولى.

وأفضل مثال هو صهر ترامب، جارد كوشنر، الذي لعب دورا مشابها للدور الموكل به ويتكوف، حيث ساهم بعمليات تطبيع دول في الخليج مع إسرائيل، فيما عرفت باسم اتفاقيات إبراهيم. ولم تمض سوى فترة قصيرة على مغادرة كوشنر البيت الأبيض، إلا وحصل على التزامات بـ3 مليارات دولار من الصناديق السيادية السعودي والقطرية والإماراتية لشركته الاستثمارية المتخصصة في الأسهم الخاصة “أفينتي بارتنرز”.

وكذا ستيفن مونشين، الذي عمل وزيرا للخزانة في فترة ترامب الأولى، حيث أنشأ شركة أسهم خاصة بعد مغادرته منصبه، بقيمة 2.5 مليار دولار، جاء جزء كبير من التمويل غير المعلن من الصندوق السيادي السعودي الذي دعم كوشنر.

وتشير الصحيفة إلى أن ويتكوف، كان لديه اهتمام خاص بدولة قطر. وزار عاصمتها الدوحة في أيار/ مايو الماضي للمشاركة في منتدى اقتصادي إلى جانب مسؤول حكومي كبير ينظم مشاريع العقارات في البلاد والبحث عن الفرصة لمشاريع جديدة في المنطقة.

وقال ويتكوف في ندوة نقاش عقارية: “قطر في الحقيقة مدهشة جدا.. السياحة في تزايد والفنادق رائعة، من ذا الذي لا يعود إلى المنطقة؟”. وكان ابنه أليكس في قطر خلال الشهر الماضي لحضور مناسبة رعاها رئيس الوزراء القطري، وحضرها مسؤولون بارزون من الصندوق السيادي للبلد ، من أجل “استكشاف فرص في قطاع العقارات القطري”، ورفض أليكس التعليق.

وتعود صداقة ترامب مع ويتكوف لعقود، وقد وصفه عام 2018 عندما كان رئيسا “برجلي” و”صديقي”. وبدأت العلاقة بينهما عندما كان ويتكوف محاميا في شركة تتعامل معها عائلة ترامب. وأنشأ ويتكوف شركته الخاصة عام 1997 “ويتكوف غروب” وهي متخصصة في بناء العقارات في نيويورك ولوس أنجليس وساوث فلوريدا. وظلا على صداقة منذ عقود، حيث تبرع ويتكوف على مدى العقد الماضي بمليوني دولار لقضايا ترامب السياسية وكان يلعب الغولف مع ترامب في أيلول/ سبتمبر عندما تعرض لمحاولة اغتيال ثانية.

وأشارت الصحيفة إلى  فندق بارك لين منهاتن الذي كان مملوكا من الملياردير هاري هيلمسلي وزوجته ليونا. وقد بني عام 1970، ولكن معماره لم يكن جميلا، مع أنه يمنح رؤية جميلة لحديقة سنترال بارك. وعندما قرر هيلمسلي بيعه عام 2013، انضم ويتكوف إلى رجل الأعمال الماليزي جو لو، والصندوق السيادي الإماراتي لشرائه بـ600 مليون دولار، جاء منها 135 مليون دولار من مبادلة للاستثمارات.

وكانت الخطة هي هدم الفندق وبناء شقق فاخرة “صف المليارديرات”، خاصة أن المنطقة شهدت ازدهارا في هذا النمط، لكن المشروع تعثر بسبب بطء سوق الشقق الفاخرة، ولهذا قرر ويتكوف تجميد خطط التحويل.

وبعد عامين، وجهت وزارة العدل اتهامات للو في قضية الصندوق الماليزي الاستثماري “1 أم بي دي” لأنه استخدم أموال الصندوق لمنافعه الشخصية، ومنها الحصة في شراء فندق بارك لين.

وعندما حاولت الحكومة الأمريكية السيطرة على الفندق من أجل استعادة بعض الأموال، زادت المساهمة من مستثمري الشرق الأوسط، حيث زادت مبادلة حصتها إلى 140 مليون للمساعدة في وقف الجهود. وهنا دخلت قطر عبر شركة “استحواذ سنترال” التي اشترت بارك لين بمبلغ 622.9 مليون دولار، بما فيها حصة ويتكوف.

كوشنر أظهر مدى الفائدة التي تعود على العمل كمستشار لترامب في شؤون الشرق الأوسط

وتعلق الصحيفة أن صناديق  الثروة السيادية في الشرق الأوسط -وهي منطقة صغيرة نسبيا من العالم- فيها نحو خمسة تريليونات دولار، أو أكثر من 40 في المئة من الأموال في الحسابات المملوكة للحكومات، وفقا لمؤسسة غلوبال إس دبليو إف، التي تتعقب هذه الصناديق.

وكان صندوق قطر وحده، الذي يبلغ مجموع أصوله المدارة نحو 800 مليار دولار، قد قام بعمليات شراء في منهاتن، حيث ضخ ما يقدر بنحو مليار دولار في العقارات بمدينة نيويورك العام الماضي، وفقا لمجلة “ذا ريل ديل” المتخصصة في تجارة العقارات.

وأصبحت الصناديق التي تتخذ من الشرق الأوسط مقرا لها، لاعبا حيويا ليس فقط في صناعة العقارات، بل أيضا في شركات رأس المال الاستثماري والأسهم الخاصة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، على الرغم من أن شركات الثروة السيادية غالبا ما لا تنشر تفاصيل عن المكان الذي تضع فيه أموالها.

وتقول الصحيفة إن كوشنر أظهر مدى الفائدة التي تعود على العمل كمستشار لترامب في شؤون الشرق الأوسط.

ومثل ويتكوف، لم يكن لدى كوشنر أي خبرة حقيقية في دبلوماسية الشرق الأوسط، وكل ما كان في سيرته الذاتية هي عمله كمدير تنفيذي في شركة عقارية عائلية، عندما دخل إدارة ترامب الأولى.

ويقول السيناتور الديمقراطي عن ولاية أوريغون، رون ويدن، ورئيس اللجنة المالية بمجلس الشيوخ، إنه سيراقب وضع ويتكوف عن كثب، مع أن الديمقراطيين سيكونوا أقلية في الدورة القادمة للكونغرس.

– “القدس العربي”: