عربي دولي

نيويورك تايمز: كل دولة عربية لها حساباتها الخاصة للتطبيع مع نظام الأسد.. متفقة على الحتمية ومختلفة حول الكيفية

نيويورك تايمز: كل دولة عربية لها حساباتها الخاصة للتطبيع مع نظام الأسد.. متفقة على الحتمية ومختلفة حول الكيفية

إبراهيم درويش

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده مراسلوها فيفيان نيريم ورجا عبد الرحيم وإدوارد وونغ، وتناولوا فيه الجهود العربية لإعادة تأهيل نظام بشار الأسد، وضمّه من جديد للحظيرة العربية، بعد سنين من إهماله وتجاهله.

فقد عاش الأسد في عزلة لأكثر من عقد بسبب استخدامه القمع ضد المتظاهرين السلميين، والسؤال الدائر في العواصم العربية هو عن كيفية إعادته للحظيرة وليس متى.

وقال الكتاب، إن السعودية مثلها مثل بقية الدول العربية رفضت التعامل مع الأسد الذي عذب وقتل واستخدم الغاز ضد شعبه، إلا أن زيارة فيصل المقداد، وزير خارجية النظام السوري، وضعت نهاية لفكرة بقاء الأسد معزولا. واستقبل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مبعوث الأسد بابتسامة، وقال في بيان مشترك، إن البلدين ناقشا خطوات لتسهيل “عودة سوريا إلى الحظيرة العربية” مع بدء العمل القنصلي من جديد والرحلات الجوية بين البلدين.

عاش الأسد في عزلة لأكثر من عقد بسبب استخدامه القمع ضد المتظاهرين السلميين، والسؤال الدائر في العواصم العربية هو عن كيفية إعادته للحظيرة وليس متى.

وفي الوقت نفسه، أعادت تونس العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد هذا الأسبوع، وسمّت سفيرها الجديد في دمشق.

ونقلت الصحيفة عن آنا جاكوبس، المحللة في شؤون الخليج بمجموعة الأزمات الدولية، قولها: “بقاء الأسد في السلطة وتطبيع الدول العربية العلاقات مع دمشق هي نتيجة مفروغ منها عند هذه النقطة”، مضيفة أن “الولايات المتحدة وأوروبا كانت واضحة في عدم موافقتها على تطبيع العلاقات العربية مع الأسد، لكن ليس لديها ما يمكن عمله إزاء هذا”.

وأشارت الصحيفة إلى جهود تنسيقية بين دول الخليج ومصر والأردن والعراق قبل عقد القمة العربية الشهر المقبل، والتي قد يدعى إليها ممثل عن نظام الأسد لأول مرة منذ 12 عاما.

وتضيف الصحيفة أنه لا يوجد إجماع بين الدول العربية حول كيفية التعامل مع النظام السوري، وما هي التنازلات المطلوبة مقابل استئناف العلاقات الدبلوماسية، لكن الاتجاه بات واضحا. وما حدث هو تحول بطيء بسبب استمرار الحرب بدون نهاية، وتشبث الأسد بالسلطة بطريقة قادت دولا عربية للاعتقاد أن إعادة ضبط العلاقات معه باتت محتومة. وقامت الإمارات العربية المتحدة بإعادة العلاقات مع الأسد في 2018. وقال محمد علاء غانم، مدير المجلس السوري الأمريكي المعارض للتطبيع مع الأسد، إن الضغوط الأمريكية أوقفت دولا عربيا من تطبيع العلاقات مع النظام السوري.

ومُررت في 2019  تشريعات إضافية وضعت عراقيل أمام إقامة العلاقات. وظلت الدول المؤثرة بالمنطقة، بما فيها السعودية وتركيا ومصر مترددة في التعامل مع النظام السوري. ودعمت السعودية فصائل سورية معارضة للأسد، وزودتها بالمال والسلاح بتنسيق سري مع الولايات المتحدة، واستقبلت المعارضة السورية في الرياض، ونظرت للأسد باعتباره بيدقا في يد إيران، منافستها الإقليمية.

 إلا أن الشرق الأوسط تغير منذ ذلك الوقت، وشهد تحولات جيوسياسية أعادت تنظيم التحالفات. فبعد سلسات من الهجمات التي دعمتها إيران ضد السعودية والإمارات، والتي ترافقت مع رؤية حول التراجع الأمريكي بالمنطقة، دفعت البلدان للتعامل مباشرة مع طهران.

لا يوجد إجماع بين الدول العربية حول كيفية التعامل مع النظام السوري، وما هي التنازلات المطلوبة مقابل استئناف العلاقات الدبلوماسية

وتُوجت المحادثات المشتركة وجهود خفض التوتر باتفاقية رعتها الصين بين السعودية وإيران بعد انقطاع العلاقات لسبعة أعوام. وبدلا من عزل إيران، تبنت السعودية استراتيجية متعددة الوجوه تهدف لمواجهة التأثير الإيراني بالمنطقة، بما في ذلك سوريا، حيث دعمت إيران الأسد طوال الحرب.

وأعلن السعوديون هذا الأسبوع عن اتفاقية سلام مع الحوثيين الذين تدعمهم إيران في اليمن.

وتعلق الصحيفة أن دوافع الدول العربية للتعامل مع نظام الأسد متعددة. فالعراق يريد فتح طرق تجارية مع سوريا، وأخرى مثل الأردن ولبنان وتركيا استقبلت ملايين اللاجئين السوريين الذين فروا من الحرب، وهناك دول تريد الحد من التجارة غير الشرعية للمخدرات مثل الكبتاغون الذي يهرّب بشكل واسع إلى الشرق الأوسط ولا سيما السعودية.

ويقول جوشوا لانديز، مدير مركز الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما: “كل الدول في المنطقة لديها قضايا عالقة مع سوريا يجب التفاوض عليها”. وحتى تركيا التي ظلت من الداعمين الكبار للمعارضة، أصدر فيها عدد من المسؤولين إشارات عن استعداد للتحاور مع النظام السوري.

والتقى مسؤولون أمنيون وعسكريون أتراك مع مسؤولين في النظام السوري خلال الأشهر الأخيرة. وجاء التغير في النغمة بسبب الانتخابات التركية الشهر المقبل، حيث تحول موضوع اللاجئين السوريين لقضية انتخابية تعهد فيها كل واحد من المرشحين الأربعة، بتمويل جهود لإعادة السوريين إلى بلادهم. ويشعر السوريون بالخوف من خسارتهم مناطق آمنة في الخليج وتركيا.

وبحسب رئيس وزراء سوريا السابق، رياض حجاب، قال: “نلتقي عدة أطراف إقليمية ودولية، ونذكّر كل واحد من مخاطر التعجل بتطبيع العلاقات مع النظام الإجرامي لبشار الأسد”. ويقيم حجاب الآن في قطر، الدولة التي تعد من قلة لا تزال تعارض التطبيع.

وقال وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن في تصريحات متلفزة يوم الخميس، إن بلاده لن تتخذ أية خطوات لتطبيع العلاقات مع الأسد بدون حل سياسي للنزاع.

وتحول الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في شهر شباط/ فبراير، إلى ورقة رابحة للأسد، حيث خاف المعارضون له من أن يستخدمها بشار من أجل العودة للمسرح الإقليمي والدولي.

وزار مسؤولون عرب الأسد بعد الكارثة، كما أرسلت الدول العربية طائرات محملة بالمساعدات الإنسانية. ولا يوجد هناك إجماع عربي حول التعامل مع الأسد، وكل دولة تتبع حساباتها الخاصة حسبما يقول رياض حجاب.

قال المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا جيمس جيفري: “يُعرف الأسد بوعوده، لكنه لا يفي بها”

فبحسب البيان السعودي، ناقش فيصل بن فرحان وفيصل المقداد، مسألة المساعدات الإنسانية وعودة اللاجئين السوريين كشرط لإنهاء النزاع، والحد من تهريب المخدرات ووقف التدخلات الخارجية.

وبدت مصر مترددة في التعامل مع الأسد، لكن المقداد زار القاهرة بداية الشهر الحالي، في أول زيارة لمسؤول بارز في النظام السوري منذ الحرب.

ومع تسارع خطوات التقارب العربي مع نظام الأسد، تميز الموقف الأمريكي بعدم التدخل، فلا خطط لإدارة بايدن للتطبيع أو رفع العقوبات. وفي إحاطة لوزارة الخارجية الأمريكية، قالت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إنه “يجب التعامل مع نظام الأسد كمارق، هذا كل ما في الأمر”.

ومع ذلك، حثت الإدارة الأمريكية الدول العربية الراغبة بالتطبيع مع الأسد، على الحصول على شيء بالمقابل، مثل وقف تجارة الكبتاغون ووضع شروط لعودة آمنة للاجئين، ووقف التأثير الإيراني. لكن المسؤولين الأمريكيين يشكّون في التزام الأسد بأي تعهد.

وعلق المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا جيمس جيفري قائلا: “يُعرف الأسد بوعوده، لكنه لا يفي بها”.

لندن- “القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب