خطة إسرائيلية لتعزيز الاستيطان في الجولان: العدو يواصل التمدّد جنوباً
خطة إسرائيلية لتعزيز الاستيطان في الجولان: العدو يواصل التمدّد جنوباً
يتابع الاحتلال الإسرائيلي تمدّده في عمق الأراضي السورية، قاطعاً بعض الطرق الرئيسية، ومحاولاً تهجير سكان عدد من القرى. ويأتي ذلك بالتوازي مع الحملة الجوية المستمرة، التي تطاول مختلف المناطق السورية لتدمير ما بقي من سلاح الجيش السوري، بعد انهياره إثر فرار الرئيس بشار الأسد. وتقدّمت قوات الاحتلال، التي كثّفت نشاط طائرات الاستطلاع في أجواء كامل الجنوب السوري، نحو ثلاث قرى جديدة، هي قرية جملة في محافظة درعا، وقريتَا مزرعة بيت جن ومغر المير التابعتان لمحافظة ريف دمشق، واحتلّتها. كما وسّعت توغّلها في ريف القنيطرة الجنوبي، حيث قطعت الطريق بين بلدتَي المعلقة وصيدا. ونتيجة توسّعها هذا، ذكرت مصادر أهلية أن جيش العدو بات على بعد أقل من 20 كيلومتراً من طريق دمشق – بيروت الدولي.
ومنذ هروب الأسد، بدأت قوات الاحتلال حملة برية وجوية على سوريا، تضمّنت السيطرة على قمة جبل الشيخ الاستراتيجية، بالإضافة إلى معظم منابع المياه في القنيطرة. كما نفّذت عمليات تفتيش دقيقة وتدمير ممنهجة لبعض القطاعات، بما فيها أنابيب مياه الشرب في عدد من القرى، بهدف دفع السكان إلى النزوح، وفقاً للمصادر الأهلية. وعلى مستوى الهجمات الجوية، شهدت عدة محافظات سورية غارات مستمرة طاولت مستودعات وبنى تحتية، بل وما بقي من ركام مراكز البحوث التي قامت إسرائيل بتدميرها بشكل كامل. كذلك، تستمر الهجمات الجوية على تلال جبل قاسيون، بهدف تدمير مخازن صواريخ استراتيجية، وأنفاق يقال إنها تابعة للمقاومة، قامت وسائل إعلام عربية بدخولها وتصويرها في وقت سابق.
احتلّت قوات الاحتلال ثلاث قرى جديدة، هي جملة في محافظة درعا، ومزرعة بيت جن ومغر المير التابعتان لمحافظة ريف دمشق
في غضون ذلك، أكدت مصادر سورية أن السفير السوري في الأمم المتحدة، قصي الضحاك، قدّم رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، للاعتراض على انتهاك «اتفاقية فضّ الاشتباك» الموقّعة عام 1974، والتي أعلن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أنها باتت «منتهية» منذ سقوط نظام الأسد. كذلك، دان وزراء خارجية الأردن والعراق والسعودية ومصر ولبنان والإمارات والبحرين وقطر، والذين اجتمعوا في العقبة في الأردن لمناقشة مستقبل سوريا، أولَ أمس، التوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية، علماً أن اجتماع العقبة تزامن مع حملة جوية مكثّفة إسرائيلية استهدفت دمشق وريفها واللاذقية وحماة.
بدوره، أعاد قائد «غرفة العمليات العسكرية»، التي تسيطر على سوريا، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، في تصريحات صحافية، التأكيد أن سوريا لن تخوض أي حرب جديدة، مشيراً إلى أن إسرائيل كانت «تتحجّج» بالوجود الإيراني لدخول سوريا. وقال إن «الحجج الإسرائيلية باتت واهية ولا تبرر تجاوزاتها الأخيرة»، مضيفاً أن «الإسرائيليين تجاوزوا خطوط الاشتباك في سوريا بشكل واضح، ما يهدد بتصعيد غير مبرر في المنطقة». وتابع أن «الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».
ويأتي ذلك في وقت أعلن فيه ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية مصادقة أعضاء الحكومة بالإجماع على خطة بنيامين نتنياهو لتعزيز ما وُصِف بالنمو الديموغرافي في بلدات هضبة الجولان المحتل ومدينة كتسرين، ورصد أربعين مليون شيكل للمشروع. وقال نتنياهو إن إسرائيل ستواصل التمسك بهضبة الجولان السورية المحتلة «من أجل ازدهارها والاستيطان فيها»، مضيفاً أن تعزيز الاستيطان في الجولان «يعني تعزيز دولة إسرائيل، وهو أمر بالغ الأهمية في هذه الفترة»، على حد قوله. وفي المقابل، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة قرار حكومة الاحتلال التوسّع في الاستيطان في الجولان المحتل، ومواصلتها تخريب فرص استعادة سوريا لأمنها واستقرارها.
ويبدو أن نتنياهو المدعوم بشكل مطلق من الولايات المتحدة، يعوّل خصوصاً على الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، لحماية تمدّده في الجولان السوري، وربما في المنطقة المنزوعة السلاح في الجنوب، والتي طلبت وزارة الأمن الإسرائيلية من عناصرها الذين اقتحموها وسيطروا عليها، الاستعداد لبقاء طويل فيها. وكان ترامب أول رئيس أميركي يضرب عرض الحائط بالقرارات الدولية المتعلقة بالجولان، إبان عهد إدارته السابقة، إذ ادّعى، آنذاك، أن الجولان «إسرائيلية»، فضلاً عن قيامه بنقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس، في خطوة تجاهل خلالها كل القوانين والقرارات الأممية في هذا الشأن.
(الأخبار)