مقالات

على بالي

على بالي

أسعد أبو خليل

 

هذه لم تُستوعَب بعد: تنظيمُ «القاعدة» السابق يحكم سوريا. صحيح أن التنظيم غيّرَ اسمَه أكثرَ مِن مرّة وأن زعيمه (تحت إشراف قطري وتركي مباشر) قبِلَ بتغييرِ ملابسِه وشذَّبَ لحيتَه كي يجعلَ من إسلامه أكثرَ مقبوليّةً. والرجل غيّرَ ستراته أكثر من مرّة في أسبوع، وحتى عندما أشار إلى فتاة سورية كانت تحيّيه بضرورة تغطية الرأس، هاج الإعلام الغربي والليبراليون العرب ورأوا في البادرة تهذيباً لم يألفوه في أتباع بن لادن (مع أنّ الذين قابلوا بن لادن شهدوا على تهذيبه، وهتلر— كي لا ننسى— كان يضع في جيوبه سكاكر وحلوى كي يعطيها لأولاد غوبلز). اليمين الانعزالي الطائفي المسيحي ينجرُّ في الاحتفاليّة بحاملي فكر القاعدة، غير مُدركين أنّ الضحايا الأول لهيمنة هذا الفكر سيكونون المسيحيّين. ماذا حلَّ بتعداد المسيحيّين في العراق بعد الغزو أو سوريا بعد الحرب وقد انتصف العدد هناك؟ حتى عندما تكون إسرائيل تُمعن في قصف أراضٍ سوريّة واحتلالها بعد ضرب مئات الأهداف العسكريّة (التي لم تعد ملكاً للنظام لأن النظام ولّى إلى غير رجعة غير مأسوفٍ عليه)، يطلع الكثيرُ من العرب (وبعض اليساريّين) ويفتون بأن لا ضرورة للزعيم الجديد للردّ على عدوان إسرائيل. نفس هؤلاء كانوا يزعمون أنّ جلَّ اعتراضهم على النظام السوري أنه لم يحرّر الجولان ولم يردّ على عدوان إسرائيل، مستعيناً بالمقولة التي ذهبت مثلاً في الخنوع: الردّ في الزمان والمكان المناسبيْن. حسناً، يمكن فهم الفكرة أنّ لا قدرة أو طاقة للنظام الجديد في الردّ على إسرائيل لكنه لم يردّ حتى لفظاً، وهذه سابقة في تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين. إسرائيل تشنّ عدواناً مستمرّاً على سوريا والحكومة الجديدة تلتزم الصمت حيالها. على الأقل، كانت الحكومات السوريّة منذ عام 1948 تبيعنا كلاماً ناريّاً ضد إسرائيل في تثبيت موقف العداء ضد إسرائيل. الجولاني (إذا كان هذا اسمه) أصدرَ عدداً من التطمينات لإسرائيل إلى درجة أنّ جريدة «هآرتس» (حبيبة الليبراليّين العرب رغم صهيونيّتها وعنصريّتها) دعت إلى توجيه دعوة له كي يزور القدس على طريقة السادات ويخطب في الكنيست.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب