عربي دولي

«شبه مقاطعة» مصرية – إماراتية للحكم الجديد

«شبه مقاطعة» مصرية – إماراتية للحكم الجديد

القاهرة | تقف مصر والإمارات في جانب رافض للتعاون مع السلطات السورية الجديدة، والتي تقودها «هيئة تحرير الشام» بزعامة أحمد الشرع، في وقت تسارعت فيه خطوات التطبيع من جانب كل من تركيا والسعودية، مع تلك السلطات. وعلى رغم تضارب المصالح واختلاف الرؤى وآليات التعامل مع الملف السوري، فتحت قنوات التواصل بين البلدان الأربعة، وسط تباين واضح تركي – سعودي إزاء طبيعة القرارات التي يجب على السلطات السورية الجديدة اتخاذها.
ولا تزال مصر تكتفي بالتواصل «عن بعد» مع الإدارة السورية الجديدة، والتي يبدو أن القاهرة تخشى تجذير تحكّمها بمفاصل السلطة، في وقت نفت فيه الأخيرة احتمالية ترتيب زيارة قريبة لوزير خارجيتها، بدر عبد العاطي، لسوريا. يأتي ذلك وسط تزايد المخاوف المصرية على المستويَين الأمني والعسكري، انطلاقاً من عدة اعتبارات، في مقدمتها طريقة حل الجيش السوري وإعادة تشكيله. وفي هذا السياق، يرى العسكريون المصريون في الطريقة المشار إليها مخاطرة كبيرة، من شأنها أن تؤدي إلى نسف هيكل الجيش الوطني وتحويله إلى جيش من الميليشيات، وخصوصاً في ما يتعلق بالوحدات التي سيتمّ ضمّها إليه، وسط تحذيرات من تطبيق السيناريو السوداني. تضاف إلى ما تقدم، الهواجس المرتبطة بوجود غالبية من وصلوا إلى السلطة السورية على قوائم الإرهاب في مصر، سواء تلك المعلنة بأحكام قضائية أو غير المعلنة لدى الاستخبارات المصرية التي تتابع عن قرب مستجدات الوضع في سوريا عبر أطراف وسيطة وعبر قنوات اتصال «مقيّدة ومشروطة».

يعتقد المسؤولون المصريون أن أنقرة تسعى إلى تحويل سوريا إلى ولاية تركية

وعلى رغم رسائل الإغراء التي وصلت إلى القاهرة عبر بعض الوسطاء، بشأن فرص كبيرة في إعادة الإعمار يمكن أن تستفيد منها شركات مصرية، إلا أن مصر قابلت تلك الرسائل بالمطالبة بعدم احتضان سوريا لأيٍّ من قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» على أراضيها، مشددة على ضرورة استقلالية القرار وعدم التبعية لتركيا، وخصوصاً في ما يتعلق بالتعامل مع الأكراد والمعارضة في الداخل، وهي أمور لم تحصل على إجابات واضحة ومحددة بشأنها. وفيما ترغب «الهيئة» في طيّ صفحة الماضي وإعادة تقديم نفسها على نحو ديموقراطي عبر مسار انتقالي يجري العمل على تحضيره، ينتهي بانتخابات رئاسية وبرلمانية في أعقاب إقرار دستور يُقرّ من جانب مختلف الأطراف السورية، تشكّك القاهرة وأبو ظبي في قدرة «الهيئة» على تنفيذ تلك التصورات، في وقت يتشارك فيه البلدان في رفض التعاون مع أي أنظمة إسلامية «سنّية». ومع ذلك، يبدي الطرفان رغبتهما في تجنب الصدام وانتظار الأفعال، على رغم أن هويّة من اختيروا في سوريا، في الأيام الماضية، للتواصل مع القاهرة وأبو ظبي، على المستوى الأمني، لم تكن محفّزاً بالنسبة إلى كلا البلدين كي يعدّلا موقفهما. على أن مصر لا ترفض بالمطلق التعامل مع السلطات السورية الجديدة وفق ضوابط تتّسق وسياساتها الخارجية، خلافاً للإمارات.
في المقابل، تسعى تركيا إلى تحقيق مكاسب عديدة في سوريا، من خلال الإسراع في توقيع اتفاقيات مع السلطات السورية الجديدة، على غرار ترسيم الحدود البحرية والتعاون الاقتصادي، فيما تأمل السعودية حجز مكان لها في المسارات الاقتصادية. ويعتقد المسؤولون المصريون أن أنقرة تسعى إلى تحويل سوريا إلى ولاية تركية، بينما التهافت السعودي ينبع من رغبة الرياض في استعادة نفوذها في دمشق، إلى جانب المناورة بورقة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، في مقابل امتيازات وإجراءات مستقبلية قريبة لا تكون سوريا مستثناة منها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب