عربي دولي

موسكو وطهران نحو توقيع اتفاقية استراتيجية: طريق «تعميق» الشراكة سالكة

موسكو وطهران نحو توقيع اتفاقية استراتيجية: طريق «تعميق» الشراكة سالكة

ريم هاني

ريم هاني

فور سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، سارعت روسيا إلى التأكيد أنّ التطورات الأخيرة «لن تهدد» علاقاتها بإيران، معلنةً، على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، أنّ «تغيير القيادة في سوريا لن يؤثر في العلاقة» بين البلدين، وأن الطرفين لا يزالان «مستعدين» لتوقيع الاتفاق الاستراتيجي «الجديد» بينهما، والذي أعلن عنه في وقت سابق. وفي مقابلة مع وكالة «سبوتنيك»، بيّن لافروف أنّ نص الاتفاقية «الضخمة» جاهز منذ فترة طويلة، وأنّ موسكو وطهران موافقتان عليه، موضحاً أنّ الاتفاقية «شاملة وطويلة الأمد»، وقادرة، بطبيعتها، على الصمود في «الظروف» كافة، وبالتالي، فهي لا تتطلب حالياً أي «تعديلات»، علماً أنها تولي أهمية خاصة لتعزيز التعاون في مجالات الأمن والدفاع ومكافحة الإرهاب، جنباً إلى جنب التصدي لـ«العديد من التحديات والتهديدات المشتركة» التي تواجهها موسكو وطهران.
وبعدما كان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد أعلن، في وقت سابق هذا الشهر، أنّه سيتم توقيع الاتفاقية الاستراتيجية الجديدة خلال زيارة الرئيس الإيراني، مسعود بيزيشكيان، المقبلة لروسيا، نقلت وكالة الإعلام الروسية الرسمية، نهاية هذا الشهر، عن السفير الإيراني لدى روسيا قوله إنّ بزشكيان سيزور موسكو في الـ 17 من كانون الثاني، لتوقيع الاتفاقية مع بوتين. وبالتزامن مع ذلك، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن مسؤولين إيرانيين قولهم إنّ المبادرة الإيرانية «لتشكيل تحالف دولي مع موسكو ضد العقوبات الأميركية شارفت على الاكتمال»، فيما نقلت مجلة «نيوزويك» الأميركية عن محمد سليمان، مدير «برنامج التقنيات الاستراتيجية والأمن السيبراني»، في «معهد الشرق الأوسط»، قوله، في وقت سابق، إنّ «الاتفاق الشامل قد يؤدي إلى إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات السياسية الوثيقة بين الطرفين، ما قد يعزز معارضتهما المشتركة للغرب، ولا سيما على ضوء الحرب الأوكرانية والعقوبات المفروضة عليهما». ويردف الخبير أنّه على الرغم من أن الاتفاق لم يأتِ على ذكر ذلك «بصراحة»، إلا أنّه قد يشمل زيادة التعاون في مجال «التكنولوجيا العسكرية أو تبادل المعلومات الاستخباراتية».

محور «واحد»
وعلى الرغم من أنّ الزيارة القادمة للرئيس الإيراني، والتوقيع على الاتفاقية، كانا متوقعين إلى حدّ بعيد، إلا أنّ توقيتهما يبدو لافتاً بشكل خاص، ولا سيما أنّه يأتي وسط تحذيرات متزايدة من التقارب الإيراني – الروسي، والذي لم يعد يقتصر، طبقاً لمراقبين، على دعم «محور المقاومة» في المنطقة، بل يمتد إلى كلّ «الصراعات حول العالم»، والتي تؤدي إيران «دوراً محورياً» فيها.
في هذا السياق، يورد «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» تقريراً جاء فيه أنّه لدى مناقشة قضايا السياسة الخارجية، كثيراً ما تتطرق وسائل الإعلام الدولية إلى «محورَين»، بشكل منفصل، وهما: المحور «الأوراسي» المكوّن من الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، و«محور المقاومة» الذي «تقوده إيران في الشرق الأوسط»، لافتاً إلى أنّه على الرغم من الاختلاف بين أعضاء كلٍّ من المحورَين «ودوافعهم»، فإنّ كليهما يتكوّنان من «خصوم الولايات المتحدة الأقوياء»، والذين يتشاركون «الأيديولوجيات التي تعارض الغرب والنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة»، فيما يبقى من الضروري، طبقاً لأصحاب هذا الرأي، الاعتراف بأنّ إيران هي «العقدة الحيوية» الواقعة عند «التقاطع بين المحورَين».
ويشير التقرير إلى أنّ إيران تصعّب «عملية وصول خصوم واشنطن إلى الشرق الأوسط»، وتهدد الشحن الدولي والقوات الأميركية وتلك الحليفة لها في المنطقة. كما أنها لاعب «نشط» في ما يتعلق بـ«الترويج للتكنولوجيا العسكرية والخبرة التشغيلية والخبرة في ساحة المعركة» بالنسبة إلى المحور «الأوراسي»، ما يعرض شركاء الغرب ومصالحه للخطر في أوروبا ومنطقة المحيطَين الهندي والهادئ، جنباً إلى جنب «تدخّلها بوقاحة في الانتخابات الأميركية وتآمرها على اغتيال دونالد ترامب»، على حدّ ما يرد في التقرير. ونظراً إلى أنّ «الغرب» هو الذي يخوض، من الناحية اللوجستية، الحرب ضد المحورَين، فمن المهم، طبقاً لأصحاب هذا الرأي، التعامل مع التحدي العالمي «المشترك» لا على أنّه «مجموعتان منفصلتان» من المشاكل المنتشرة في الشرق الأوسط وأوروبا ومنطقة «الهندي – الهادئ»، بل على أنّه «نظام استراتيجي شامل»، يتطلب التصدي لتهديداته «إجراءات ديبلوماسية وإعلامية وعسكرية واقتصادية».
وأخذاً في الاعتبار «المساهمة» الإيرانية «الضارّة» في المحورَين، يجب أن تكون طهران «محور» تركيز الجهود الغربية المستقبلية، بحسب الرأي المتقدم، من خلال منعها من امتلاك أي أسلحة نووية، وتقويض ترسانتها من الصواريخ الباليستية وقدرتها على الإنتاج العسكري، وتعطيل خطوط إمدادها، والاستمرار في تقويض «محور المقاومة»، وتقليص الموارد المتاحة لدى طهران لدعم كلا المحورين، ولا سيما من خلال فرض الحظر والعقوبات على صادراتها النفطية كجزء من سياسة «الضغوط القصوى». ويشير التقرير إلى أنّ «فوائد» تلك السياسة ستنعكس على مناطق خارج الشرق الأوسط، من «أوروبا إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ».
كذلك تشمل الإجراءات المشار إليها، بحسب مراقبين، «الاستفادة من دروس حربَي أوكرانيا وإسرائيل، للتحضير للصراعات المستقبلية»، وخصوصاً من خلال الحوار بين «القيادة المركزية الأميركية»، و«القيادة الأوروبية – الأميركية»، و«القيادة الأميركية في المحيطَين الهندي والهادئ»، بمشاركة إسرائيل وأوكرانيا وشركاء من الشرق الأوسط وأوروبا ومنطقة «الهندي – الهادئ». وعلى الأرجح، تنبع مثل تلك التوصيات من فرضية أنّ «إيران والصين تتعلمان من روسيا، وأنّ من المرجح أن تتبادل طهران وبكين المعلومات حول مواجهاتهما مع الأسطولَين الأميركيين الخامس والسابع على التوالي، والهجمات الباليستية والمضادة للسفن وردود الغرب عليها».
أما من الناحية اللوجستية، فإنّ الدعوات إلى العمل على تسريع جهود الإنتاج الدفاعي الجماعي الغربي، تكتسب زخماً مستمراً، بما يشمل نصائح بزيادة «الاعتماد على دول الخليج»، والتي يمكن أن تموّل «مخزوناً إقليمياً من الذخيرة» لشركاء «القيادة المركزية الأميركية»، يمكن أن يكون أيضاً بمثابة «احتياط» لمواجهة أي تطورات عالمية محتملة «في مناطق أخرى»، جنباً إلى جنب تعطيل «قاعدة الإنتاج وسلاسل التوريد لدى المحورين، من خلال تعزيز قيود التصدير والعقوبات والجهود السيبرانية»، وعند الضرورة، «العمليات التخريبية والسرّية».

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب