نيويورك تايمز: السعودية والإمارات تبحثان بحذر عن تعاون مع حكومة دمشق
نيويورك تايمز: السعودية والإمارات تبحثان بحذر عن تعاون مع حكومة دمشق
إبراهيم درويش
قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن السعودية والإمارات تتعاملان بحذر مع قادة سوريا الجدد. وأشارت في تقرير أعده إسماعيل نار، إن القوتين في الشرق الأوسط تعملان منذ أكثر من عقد على منع وصول الإسلاميين للسلطة في المنطقة، إلا أن سيطرة المعارضة التابعة لهيئة تحرير الشام على دمشق، تعتبر امتحانا لهذا النهج.
فقد ظلت سوريا وعلى مدى عقود، حليفا قريبا لإيران في الشرق الأوسط، فيما دخلت دول الخليج في تنافس حاد مع طهران للتأثير على المنطقة. ومع سقوط نظام بشار الأسد، هُمشت إيران. وهو ما قدم فرصة لدول الخليج كي تملأ الفراغ وتطور علاقات مع الحكومة الجديدة في دمشق. إلا أن الدولتين الخليجيتين القويتين تتعاملان مع التغيير في سوريا بحذر، لأن هيئة تحرير الشام، وهي الجماعة التي قادت الفصائل المعارضة في الحملة ضد الأسد، وتسيطر على معظم سوريا، ميالة للإسلاميين، وكانت سابقا على علاقة مع تنظيم القاعدة.
وبدت القوى الخليجية واضحة في تصريحاتها بأن قادة سوريا الجدد بحاجة لإثبات أنفسهم، وأنهم سيدعمون نظاما شاملا ومتسامحا مع طوائف البلاد المختلفة، قبل أن يحصلوا على الدعم السياسي والمالي من دول الخليج.
وفي منتصف كانون الأول/ ديسمبر، قال المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي إن طبيعة الفصائل المعارضة السورية وارتباطاتها السابقة بتنظيم القاعدة تدعو للقلق. وقال: “أعتقد أن هذه كلها مؤشرات مقلقة للغاية. لقد شهدت المنطقة حلقات مثل هذه من قبل، لذا يتعين علينا أن نكون على أهبة الاستعداد”. ولطالما خافت دول الخليج من تمكن الجماعات الإسلامية في الشرق الأوسط، مما سيزعزع استقرار أنظمتها الديكتاتورية. وعندما اندلع الربيع العربي في 2011 انهارت عدة حكومات مستبدة، وصعد الإسلاميون في دول مثل تونس ومصر.
وقالت أنا جاكوبس، المحللة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية ببروكسل: “لدى الإمارات تحديدا تاريخ طويل في عداء الأحزاب السياسية والحكومات المرتبطة بالإسلاميين”، مضيفة: “ولكن حتى الآن على الأقل، أرسلت الإمارات بعض الإشارات الواضحة بأنها على استعداد للعمل مع الحكومة المؤقتة من أجل الحفاظ على الاستقرار في سوريا وفي المنطقة الأوسع”.
وبعد ثورة الربيع العربي، انتخب المصريون رئيسا إسلاميا هو محمد مرسي، والذي سرعان ما أطاح به الجيش بقيادة عبد الفتاح السسيي وبدعم من الإمارات. ولا يعتبر الحذر من الإسلاميين مقتصرا فقط على دول الخليج، بل في الدول الإقليمية الأخرى بما فيها مصر. فقد أمضى الجنرال السابق السيسي، الذي حل محل مرسي في عام 2013، السنوات الماضية في القضاء على الإخوان المسلمين في بلاده، حيث رأى في الجماعة تهديدا لسلطته.
وفي منتصف كانون الأول/ ديسمبر، ظهر السيسي بشكل نادر أمام الصحافيين، مما يشير إلى التوتر بشأن الأحداث في سوريا. وبدا أنه يرسم تباينا بينه وبين الأسد. وقال: “هناك شيئان لم أفعلهما قط، بفضل الله: لم تتلطخ يداي أبداً بدماء أحد، ولم آخذ أي شيء لم يكن لي”.
وكانت السعودية والإمارات من أكبر المعارضين لنظام الأسد بعد بداية الحرب الأهلية السورية والعقد الذي تلاها. وتحول الأسد إلى منبوذ في المنطقة والعالم بسبب العنف والوحشية التي مارسها ضد معارضيه، والتي اشتملت على استخدام السلاح الكيماوي. وأغلق البلدان سفارتيهما في دمشق عام 2012، إلا أن استعادة الأسد السيطرة على معظم المناطق التي استولت عليها المعارضة، وبدعم مهم من روسيا وإيران، غيّر مواقف دول الخليج.
ولعبت السعودية والإمارات دورا في عودة الأسد إلى الحظيرة العربية بعد عقد من العزلة. وكان التحرك مدفوعا بمحاولات مواجهة التأثير الإيراني في بقية أنحاء الشرق الأوسط. وبعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في أوائل عام 2023، قدمت السعودية العون الإنساني للأسد. وفي وقت لاحق من نفس العام، استُقبل الزعيم السوري في جامعة الدول العربية. وكانت عودته بمثابة قبول ضمني ببقائه، على الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلها الغرب للإطاحة به. وجاء التحول في مواقف دول الخليج، عندما كان الأسد يسيطر على معظم أنحاء سوريا، وكجزء من عمليات ترتيب في العلاقات الإقليمية قامت بها السعودية والإمارات بما في ذلك استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران.
ومع رحيل الأسد وظهور قيادة جديدة في دمشق، فإن الفرص الاقتصادية لإعادة البناء بعد الصراع ستكون جزءا من أي عملية تقييم. فسوريا التي ورثها القادة الجدد مدمرة وبدون بنية تحتية فاعلة، ولهذا ستكون هناك فرصة للسعودية والإمارات للاستفادة من جهود إعادة إعمار البلاد، بشرط التفاوض على شروط محبذة مع الحكومة في دمشق. كما أن الحصول على دور في إعادة إعمار البلاد، سيوفر فرصة للتأثير على مستقبل سوريا.
وتبدو قطر، تحديدا، منفتحة على دعم الحكومة الانتقالية في سوريا. فقد حافظت الدوحة على اتصالات مع هيئة تحرير الشام والجماعات السورية الأخرى أثناء الحرب الأهلية. وفي عام 2015، توسطت قطر في عملية تبادل أسرى بين المعارضين السوريين والجيش اللبناني.
وعندما حضر الأسد القمة العربية في جدة عام 2023، خرج أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني من قاعة المؤتمر. وبعد الإطاحة بالأسد، أرسلت قطر وزير خارجيتها إلى دمشق في أواخر كانون الأول/ ديسمبر، وهو أعلى مسؤول حكومي من الخليج يلتقي الحكومة الانتقالية.
وقد تبع ذلك في وقت سابق من هذا الأسبوع، زيارة من رئيس مجلس التعاون الخليجي ووزير خارجية الكويت. وقال الشرع، إن القطريين سيحصلون على الأولوية لدعمهم السوريين على مدى العقد الماضي، ربما في إشارة إلى دور الإمارة الخليجية في مشاريع إعادة الإعمار. ورافق الوفد القطري فريق فني من الخطوط الجوية القطرية لتقديم الدعم في إعادة فتح مطار دمشق الدولي.
– “القدس العربي”: