لماذا باتت إسرائيل اليوم أكثر حاجة لوقف الحرب في غزة؟
لماذا باتت إسرائيل اليوم أكثر حاجة لوقف الحرب في غزة؟
بن – درور يميني
حماس لا تريد اتفاق مخطوفين. الإدارة الأمريكية تقول هذا مراراً. وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قال مرة أخرى الخميس الماضي، في مقابلة مع “نيويورك تايمز”: كلما اقتربنا من الاتفاق “تتراجع حماس عن موافقتها على وقف النار وتحرير المخطوفين”. ونحن نرفض الاستماع. هذا لا يعني أن نتنياهو يريد الاتفاق. وأكثر من هذا، عندما يهدد باستمرار الحرب حتى بعد الاتفاق فإنه لا يهدد حماس. هو يخدم حماس لأن حماس في مرحلة “قوة الضعف” منذ أشهر عديدة؛ لا شيء تخسره. الدمار والخراب هائلان. ما الذي يمكن عمله لحماس أكثر مما فعلناه حتى الآن؟
لقد أوقعت حماس ضرراً تاريخياً لمليونين من سكان غزة. أوقعت بهم الكارثة الأكبر منذ النكبة. أوقع زعماء العرب نكبة 1948، وزعماء حماس نكبة 2023. لكن مثلما لم يكن هناك محفل جدي واحد أجرى حساباً للنفس على فشل الرفض والمقاومة وتهديدات الإبادة، فمشكوك أن يفعل أحد ما حساباً للنفس اليوم، على فشل الرفض والمقاومة وتهديدات الإبادة. ففي العقود الأخيرة تلقت حماس عروضاً للإعمار والمساعدة ولرفع الحصار، مقابل تجريد القطاع. ولم تعرف حماس إلا جواباً واحداً. لا.
في داخل إسرائيل هجرة عكسية من البلاد، استقطاب، انشقاق.
الخراب ليس نتيجة صدفة. لأن إحساس الضحية جزء من الهوية الفلسطينية. في السياق الاستراتيجي، إحساس الضحية هو الورقة المظفرة للفلسطينيين، هو الذي يمنحهم القوة الدولية، وهو الذي يخرج مئات الآلاف إلى الشوارع في كل مدن الغرب وفي الجامعات. كلما ارتفع إحساس الضحية إلى مستويات أعلى جديدة، يسوء وضع إسرائيل. ما الذي يمكن لإسرائيل أن تفعله في المرحلة الحالية؟ أن تقتل عشرة مخربين آخرين من حماس كل يوم؟ أن تهدم عشرة مبان أخرى؟ أن تمنع عبور شاحنات الغذاء؟ هذا بالضبط ما تريده حماس. إحساس الضحية. المذبحة الوحشية لعبت دوراً ما بعد 7 أكتوبر. هذا انتهى. الآن الكلمات الأساس هي الإبادة الجماعية، التجويع، التطهير العرقي والاستعمار. هذه أكاذيب. لكن دعاية الأكاذيب، كما يجدر بالذكر، هي لاعب مركزي في لوحة الشطرنج الاستراتيجية. استراتيجية نتنياهو فشلت قبل 7 أكتوبر. هي فشل مطلق أيضاً منذ 7 أكتوبر. هذه استراتيجية حرب بلا توقف. الثمن الداخلي والدولي الذي تدفعه إسرائيل آخذ في التصاعد. في الداخل هجرة عكسية من البلاد، استقطاب، انشقاق. هذا إحباط متزايد ومتعاظم على ترك المخطوفين لمصيرهم. هذا امتثال متضائل لخدمة الاحتياط. هذا الدمار الاقتصادي الذي هو نتيجة لمزيد من الميزانيات للوسط المتملص من الخدمة والعمل، وأقل ميزانيات للمقاتلين ولحاملي العبء. يدور الحديث في المستوى الدولي عن أن إسرائيل تحتل مكان جنوب إفريقيا. هذا ليس حظر سلاح فقط من قبل العديد من دول الغرب، بل مقاطعة هادئة، وتعاون أكاديمي وعلمي وبحثي أقل، واستثمارات أقل في إسرائيل، وأحداث لاسامية أكثر.
لكن نتنياهو يهدد حماس بمواصلة القتال. وكأن هذا يخيفهم كثيراً. المزيد من الشيء ذاته. كل يوم يمر تعد فيه إسرائيل الطرف المعتدي – بالنسبة للحملة المناهضة لإسرائيل، يعد انتصاراً صغيراً آخر. بالضبط مثلما هي حماس في مرحلة قوة الضعف، إسرائيل الآن في مرحلة ضعف القوة. لن يأتي الخلاص من إدارة ترامب. هذا مشجع أن يتلقى التقدميون في الولايات المتحدة ضربة في انتخابات الرئاسة، لكنهم يواصلون العمل. ربما أغلبية السكان في الدول الغربية ليسوا كارهي إسرائيل أو أن النزاع لا يقلقهم، لكن المشكلة مع النخب المسيطرة على وسائل الإعلام، الأكاديمية والثقافة. وهي أكثر تأثيراً بكثير.
قوة الضعف تميز أيضاً الحوثيين. لا شيء يخسرونه. مثل حماس، هذه أجسام تحركها أيديولوجيا الكراهية. أجسام تزرع الدمار والخراب. اليمن في المرتبة الـ 126 في جدول المجاعة العالمية، من أصل 127 دولة في هذا التصنيف. بالضبط مثل حماس، ليس للحوثيين مشكلة مع مزيد من الضحايا البشرية و/أو المعاناة الإنسانية و/أو المس بالبنى التحتية التي توجد بصعوبة. السعودية قاتلت الحوثيين، سنوات من القصف، لكن هذا لن يجدي نفعاً؛ بل هي التي تضررت. وإسرائيل الآن، وأساساً حيال حماس، بعد 457 يوماً من القصف، هل هناك أهداف أخرى تغير شيئاً ما؟ صفينا محمد ضيف ويحيى السنوار، ماذا تبقى؟
وقف إطلاق النار في الظروف الناشئة، مصلحة قومية عليا، وخصوصاً مع اتفاق مخطوفين، لضرورة تقليص الضرر. كل يوم يمر بدون وقف نار يزيد الضرر. بالطبع، وقف النار الذي يؤدي إلى اتفاق استراتيجي مع السعودية، وسيحسن الوضع. لكننا في خسارة متزايدة. جنود يقتلون، ومخطوفون يذوون، وإسرائيل تصبح منبوذة أكثر فأكثر. هكذا نحتاج إلى وقف النار. لا كاستسلام لمطالب حماس، بل العكس. هذا هو الطريق الأفضل للمس بحماس.
يديعوت أحرونوت 5/1/2025