في حرب “الخدع الحديدية”.. للإسرائيليين بكل وضوح: أجهزة الدولة تتفكك
في حرب “الخدع الحديدية”.. للإسرائيليين بكل وضوح: أجهزة الدولة تتفكك
زيف لنتشور
الحرب التي لا نهاية لها في غزة تعد منجم ذهب لنتنياهو. حكومته وحكمه.
ليس لأنها تبعد أو تعرقل الانتخابات ولجنة تحقيق حقيقية وقرار محكمة، ثم تغلق زاوية صغيرة من انقلاب نظامي كبير، فقوة وأهمية الحرب تكمن الآن في قدرتها على صرف الانتباه عن حقيقة أن كل أجهزة الدولة تتفكك حتى مستوى سوء الأداء.
الأزمة المتعمقة في التعليم والصحة والرفاه والمواصلات والقائمة لا تزال طويلة، والعجز لا يزال ممتداً وواضحاً وجلياً لكل مواطن أو مواطنة احتاجا للخدمات
الأزمة المتعمقة في التعليم والصحة والرفاه والمواصلات والقائمة لا تزال طويلة، والعجز لا يزال ممتداً وواضحاً وجلياً لكل مواطن أو مواطنة احتاجا للخدمات، ويفهم من كل المعطيات ويصرخ على لسان الخبراء والموظفين الكبار في الأجهزة المختلفة. لا يمكن العيش في إسرائيل وتفويت هذا. وفي السنة القريبة القادمة، في كل سيناريو محتمل، سيسوء الوضع الاقتصادي، ولن يكون الارتفاع المبهر إلا في غلاء المعيشة.
إلى جانب القصور الأعلى في 7 أكتوبر، تتواصل قصورات الحكومة؛ كل وزارة في مجالها، وكلها معاً، كجسم سلطوي، خلقوا تفككاً منظوماتياً.
لما كانت الأمور واضحة لنتنياهو ولمحيطه أيضاً، فقد أجري استخدام إضافي للمناورة القديمة والناجعة المتمثلة بتركيز الوعي على المواجهات العسكرية وعلى التهديدات الأمنية، وليس على الهموم التي تثيرها. ساحر ماكر وخبير يعرف كيف يضلل ويخدع، فيجذب النظر إلى مكان آخر، لكيلا يلحظ الجمهور الأمور التي تجري في أماكن أخرى في الوقت ذاته. وهكذا يدق وتداً عسكرياً في غزة، ويطلق تصريحات قتالية ويغرس مسامير صغيرة في دواليب المفاوضات لتحرير المخطوفين التي هو بنفسه يبعث إليها بالمندوبين. عجب العجاب.
الحرب في غزة، التي تستحق في هذه المرحلة أن تسمى الخدع الحديدية، أنهت دورها منذ زمن بعيد. كانت فيها إنجازات أمنية، جبت أثماناً باهظة، والآن طبقت الشروخ الدامية. هي فتاكة لجنود الجيش الإسرائيلي، وللمخطوفين الذين تبقوا على قيد الحياة وللمواطنين الغزيين أيضاً. هي تخدم أساساً الفرسان المتطرفين، والمسيحانيين والمتعطشين للثأر في الائتلاف منفلت العقال.
إنهاء الحرب والتسوية أو الحل للمدى البعيد تعد هي الرعب. وهذه قد تدفع مواطني إسرائيل للتفرغ عن الانشغال بالصواريخ وبصافرات الإنذار، بالنازحين وبالجنازات والتركيز على المدارس والمستشفيات، على الطرق وعلى التكايا.
هؤلاء المواطنون، الذين لو أعطيت لهم الإمكانية كانوا سيؤثرون، هم القادرون على رفع رؤوسهم من فوق دخان المعركة الذي بث في عيونهم واستيعاب ما يدور حولهم. ليفهموا، على خلفية خرائب حياتنا نحن المواطنين أن ليس غزة هي الوحيدة التي دمرت في منطقتنا. ليتبينوا أنه لا تزال هنا حملات عسكرية – ناجحة إلى هذا الحد أو ذاك، لكن بدون دولة.
معاريف 5/1/2025