مقالات

 جرح في ظهر الخيل تحت السّرج متداري لا الخيل تشكي ولا الخيال داري” 

بقلم مروان سلطان.فلسطين

 جرح في ظهر الخيل تحت السّرج متداري لا الخيل تشكي ولا الخيال داري” 

 

بقلم مروان سلطان.فلسطين

7.1.2025

—————————————-

في الوقت الذي يعمل الاحتلال الاسرائيلي بكل قوته وجبروته لحسم الاطماع الاسرائيلية مع الفلسطينين ، وهي التي تشن حرب الابادة ، والتهجير والتجويع والتعطيش ، وتحاول جاهدة ان تنهي كل مظاهر الحياة في قطاع غزة ، هي اليوم تعمل على اشعال الضفة الغربية لاستكمال مخططها العدواني في التوسع والضم والمشروع الاستيطاني  وتضرب  الحصار  والخناق على المدن والقرى والمخيمات والبادية الفلسطينية وذلك لفرض الهيمنة الاسرائيلية على الفلسطينين مما يترك اثارا لها تداعيته على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ولعل اخطر تلك التحديات هو ما يقوم به الاحتلال من محاولة لمسح تام للتاريخ الفلسطيني على ارض فلسطين ، ومحاولة ان ينسب ذلك الارث التاريخي والثقافي لليهود على هذه الارض . كل هذه التحديات واخرى تهدد المشروع الوطني الفلسطيني، بل تهدد الوجود الفلسطيني برمته. لقد بدت على السطح السياسي في الملف الفلسطيني باتت تشكل تحديات كبيرة وعبئا ثقيلا  له تداعياته الكبيرة والمؤثرة على المستوى المحلي والاقليمي والدولي.

 الجرح الفلسطيني اعمق من ان يتصوره اي شخص ، بل ان القضية الفلسطينية باتت مثخنة بالجراح التي احد اسبابها الاحتلال الاسرائيلي والتقاعس الدولي ، ومحاولة البعض العبث في الجبهة الداخلية للشعب الفلسطيني وهو الاخطر ، والخطر الداعم للقضية الفلسطينية ومسارها. الاخطار اليوم تلوح في الافق القريب وليس البعيد . لان الهجمة الصهيونية وادواتها اكبر من قدرات الشعب الفلسطيني في مواجهتها. تتجند في هذه الجبهة اكبر قوة مهيمنة في العالم، وادوات محلية وعربية ودولية وصمت عالمي في الجهة المقابلة.

  ان تفرد اسرائيل في الساحة الفلسطينية ، بعد ان ضمنت حياد اهم الجبهات العربية في مصر والاردن وانشغال سوريا لاكثر من عشر سنوات في الحرب الداخلية ، واحتلال العراق من قبل القوات الامريكية ، استطاعت اسرائيل ان تخترق المبادرة العربية للسلام من حالة الاجماع العربي الى اقامة علاقات وتطبيع احادية مع العديد من الدول العربية كل على حدى مما ترك بصماته على مسار القضية الفلسطينية . 

اليوم ومع المضي قدما من اجل بناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ، ورعاية منظمة التحرير الفلسطينية ومن خلال السلطة الوطنية الفلسطينية للشأن العام الفلسطيني محليا ودوليا ، وتحقيق انجازات مهمة في تعزيز الهوية الفلسطينية ووجوده على ارضه ، ومقارعة الاستيطان الذي يهدد الوجود الفلسطيني ، نجد اليوم اليوم انفسنا امام تحديات جديدة بسبب التداخلات الاقليمية ومحاولة السيطرة على القرار الوطني الفلسطيني لاسباب لا علاقة لها بقضايا الشعب الفلسطيني. فاتسعت دائرة الذين يوجهون سهامهم الى م ت ف والى السلطة الفلسطينية ، وقد خرج الامر عن المالوف اذا وجه الرصاص الى مقرات وعناصر الامن الفلسطيني ، الذين يقدمون خدمتهم الى الشعب الفلسطيني لضمان الامن الداخلي وسلامة وامن المؤسسات الفلسطينية العامة والممتلكات الخاصة. يجب ان لا ننكر ولو لحظة واحدة التاثير السلبي  الكبير على القضية الفلسطينية، وتعثر مسارتها بسبب الانقسام الذي حدث في العام 2007، واختطفت حركة الاخوان المسلمين ممثلا بحركة حماس قطاع غزة ، والذي هو قائم الى الان.

دوائر العمل الدولية التي انشاتها الاحتلال الاسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية بعضها محلي واقليمي ودولي ، عززت ادوات الفتنة لتعمل على اسقاط من ترى فيه اسرائيل اخطر اعدائها السياسين وهي السلطة الوطنية الفلسطينية . لماذا تعمل اسرائيل على اسقاط السلطة الفلسطينية، لسبب بسيط انها غير قادرة على تمرير مشروعها التصفوي للقضية الفلسطينية من خلال هذه السلطة والتي ندمت اشد الندم على توقيع اتفاق اوسلو وان كان هزيلا الا انه يقف حائلا في تصفية القضية الفلسطينية اليوم. السلطة الفلسطينية هو مشروع فلسطيني بكل ما تعنيه الكلمة لخدمة الشعب الفلسطيني ونواة تاسيس الدولة الفلسطينية. لذا عملت اسرائيل على تحييدها وضرب منظومتها لانهاء وجودها .  وهي الان  تجند كل طاقاتها وعلاقاتها  ومعها كل المتامرين ومن قنوات فضائية او منصات اعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي توسيع دائرة الفتنة للانقضاض على هذه السلطة العتيدة.

وهذه الادوات جيش مساند لجيش الاحتلال الاسرائيلي وتحت مسميات مختلفة بحهوزيتها للانطلاق لحظة تلقي اشارات في البدء في التمرد  وقد تلقتها بالفعل لتسمع التغريدات بكافة اشكالها والوانها ، وتتعدد السينوريهات في سبيل الاهداف المرجوة تحقيقها. لقد احدثت هذه الوسائل حالة من الجدل المقزز واسعة  النطاق في الاوساط المحلية والاقليمية حول الواقع الفلسطيني !.

معركة الاحتلال في الضفة الغربية حسب كل المؤشرات توحي بانها قد بدئت ، وبالفعل هي بدئت قبل السابع من اكتوبر 2023 والذي تلاه حرب الابادة على غزة. ولان هذه الحرب على الضفة الغربية حتى تاخذ مسارا وفق الخطط الاسرائيلية والمضي قدما في تقليص عدد السكان فيها بمعنى التهجير والبدء في عمليات الضم مع دخول الرئيس الامريكي ترامب البيت الابيض ، فان ذلك يحتاج الى دوافع مقنعة للراي العام الدولي للقيام بعمليات عسكرية واسعة برية وجوية لتنفيذ المخطط الاحتلالي، لذلك سمحت اسرائيل بدخول التمويل الدولي والسلاح ، الذي يتكون من المسدسات والبنادق الالية.  طبعا الذي مصدره اسرائيل لان التهريب عبر الحدود امر معقد للغاية واسرائيل بما لديها من تقنيات عالية تستطيع مراقبة الحدود والحد من محاولات التهريب.  وبما ان الهدف هو مخيمات اللاجئين الفلسطينين الرمز الفلسطيني لعنوان اللجوء فان اولى اهداف الاحتلال الاسرائيلي التخلص من هذه المخيمات ولن يتم ذلك الا من خلال تحويل هذه المخيمات الى ميدان للقتال ، لتبدء مناوراتها في ملاحقة المسلحين الفلسطينين الذين يتخذون من هذه المخيمات وقرى شمال الضفة الغربية مركزا لهم، وهذا ما هو العنوان الذي وضعته اسرائيل في معركتها لانهاء مظاهر اللجوء الفلسطيني ، الذي هو عنوان القضية الفلسطينية.

لان المقاومة فلسطين شيء مهم واساس في دحر الاحتلال ، فان الواقع الفلسطيني محكوم بشكل هذه المقاومة وبرنامجها المقاوم، من خلال المقاومة الشعبية اسلوبا ووسيلة لانهاء هذا الاحتلال ،  وقد اكد على اساسيات المقاومة الشعبية ودعمها السيد الرئيس محمود عباس بشكل واسع من اجل مناهضة وانهاء الاحتلال للاراضي الفلسطينية . والسبب في دعم المقاومة الشعبية هو  اجل تحييد الاحتلال في ارتكاب جرائم الابادة والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني.  لقد قدم الشعب الفلسطيني عشرات الشهداء والجرحى والاسرى اثناء المقاومة الشعبية للاحتلال وعبر المسيرات التي انطلقت وما زالت مستمرة ضد الاستيطان والاحتلال، وكان الشهيد الوزير زياد ابوعين ايقونة شهداء المقاومة الشعبية الذي استشهد وهو بين المزارعين الفلسطينيين يزرعون اشجار الزيتون، وكانت عهد التميمي الطفلة الفلسطينية التي جسدت روح المقاومة الشعبية على ارض الشهداء فلسطين ، وغيرها من الاماكن التي تشهد المسيرات المناهضة للاحتلال.

الاحتلال الاسرائيلي لا يكترث باستعمال القوة المفرطة في اوساط الشعب الفلسطيني المسالم وادخل في ملاحقة المسلحين طائرات F16 ، والطائرات المسيرة ، والصواريخ المحمولة على الكتف ….. الخ من الاسلحة الفتاكة. ولا يجد الاسرائيليون حرجا في توجيه ضرباتهم الموجعة لقتل مقاوم او مطلوب امني لها ان كان في مقهى او تجمع سكني وحوله العشرات من المواطنين الامنين ، لتصيب وتقتل من كان في محيط ذلك الموقع المطلوب. وليس هذا فحسب انما تعمل من خلال استعمالها للبلدوزر المرافقة D9, D10 للحملات الامنية وجرف الشوارع وانابيب الصرف الصحي وانابيب المياه ، على خلق بيئة طاردة للحياة من اجل تهجير السكان .

 هذا الواقع الاليم الذي نعيشه ، يمكن الا نجده في الايام القادمة لان الاجراءات الاحتلالية ، ليست لإرضائنا ولا على تعمل على ذلك، هي ستعمل بكل قوة وهذا القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء الاسرائيلي لاستعمال القوة المفرطة ولن تبرر الابادة الجماعية والتطهير العرقي في ملاحقة اي مطلوب لها. وستلقي على قارعة الطريق الجثث كما هو الحال في غزة. 

الجرح عميق واذا الخيل لا تشكو جرحا والما الم بها ، فالخيال وان علم بجرحها لا يمكن له ان يداويها لعمق جرحها . المرحلة الان تتطلب من الحكماء الحكمة . نفترض حسن النوايا فنقول لا تكونوا انتم ممن يسيئون للقضية والشعب من حيث لا تدرون ، وتتم تصفية ما تبقى من قضية على ايديكم. يقول الله تعالى:

وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَٱصْبِرُوٓاْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ. صدق الله العظيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب