
البرهان وحجوة أم ضبيبينة
بقلم: محجوب عباس أبو شرا
(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ
فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ*)
من أجل ذلك….
كأنما يضع البرهان شرطا” جديدا” للاستمرار في الاتفاق الاطاري، ويربط دعمه للاطاري بدمج الدعم السريع والحركات المسلحة في الجيش،،كأنما لم ترسخ في وجدانه في بيئة طفولته غير(حجوة ام ضبيبينة(
الاستهبال والمراوغة والتي اعتاد عليها قائد الجيش،، ان الفيصل الذي ذكره للاستمرار بالاطاري موجود في الأصل بالوثيقة الدستورية، كما ان البرهان ذاته ظل يردد من قبل ان قوات الدعم السريع جزء من الجيش بمعنى أنها تحت قيادة الجيش والقائد الأعلى للجيش،،
إذا” ما هو الجديد؟؟
في الحقيقة لا جديد لأنه معروف أن الصراع الحاصل بين قيادة الجيش وقيادة المليشيات، أن كل جهة تريد السيطرة على البلاد وثرواتها، سواء تحت لافتة قبلية واثنية او جهوية مناطقية او نتيجة طموح شخصي (لا يأبه أحدا” منهم لثورة ولا تضحيات ثوار ولا الشعب السوداني ماذا يريد؟؟ ولا يهم لماذا مات شبابه في الشوارع بالمئات ومن اجل ماذا؟؟ ) ،، وخصوصا” المليشيا الكبيرة (الدعم السريع) ومهما حاول قياداتهم إخفاء صراعاتهم الداخلية بالحديث الممجوج عن صراعات المدنيين كمبرر لاستمرارهم بالحكم العسكري،لن يفلحوا، فالصراع سيصبح اكثر وضوحا” كلما تمرحلت إلى الامام خطة (الشيطان الاكبر) تفتيت البلد بالكامل وتجزئة المجزأ، لتتكشّٓف ماهية الصراع للملأ بتصريحات (قيادات العسكر) وفي الحقيقة أدواته، وربما تتطور هذه التصريحات المغتضبة ضد بعضهم البعض، إلى التفكير والتخطيط للانتصار على الآخر بشكل يتجاوز التصريحات والكلام،، مما يعني الاقتراب من نقطة الصفر التي لا بد من وصولها، وهم لا يشعرون ، تسوقهم عقولهم الصغيرة وعواطفهم بمقدرات ضعيفة لا تتساوي حتى مع احلامهم الرخيصة في بقائهم لحكم شعب لا يسوون وزن ناموسة صغيرة من وزنه ، مما سيشكل وقتها ازمة كارثية حقيقية تقضي علي ما تبقى من الاخضر واليابس، وترمي بالبلد إلى الهاوية التي هي في الأصل على حافتها بسببهم.
الاخطر في الأمر ان هذا الصراع لم يصبح معزولا ومستقلاً بارادة هؤلاء الجنرالات،بل تم تدويل صراعهم،وفي سبيل انتصار كل منهم على الآخر اصبحوا يعرضون مقدراتهم في العمالة وبأن كل واحد فيهم هو الأفضل كعميل،ليصبحوا جزء من صراع اطراف خارجية تمثل دول اجنبية عظمي بينها صراعات طاحنة، وصلت إلى تدمير بلد بشكل كامل كأوك*رانيا وشردت وقتلت الملايين من مواطنيهاولا زالت مستمرة، لا احد يعرف نهايتها،، وهذا لا يحدث فرقا على الاطلاق مع اطراف الصراع الكبرى مقابل الانتصار لمصالحهم حتي لو ماتت كل البشرية ووصل العالم إلى الدمار الشامل التي تمتلك أسلحته، لا تنخدعوا بشعارات حقوق الانسان والاخلاق والانسانية وقيم الديمقراطية التي يدّعونها،، هذه مجرد شعارات جوفاء، يستخدمونها لتمرير اجنداتهم الخاصة لتحقيق مصالح دولِهم، تماما” كما فعل (الكيزان)في استخدامهم الدين لتحقيق مصالحهم الذاتية والحزبية،،
الخطر الحقيقي في ان إدخال السودان كنقطة تقاطع مصالح الرأسمالية العظمي و نقل الصراع اليه بالكامل، فهو يبدو كأمر حتمي و مستمر درجة درجة، ليصبح حلبة تتصارع عليها هذه القوى الضاربة للفوز بالغنائم المتوفرة فيه من ثروات وموارد وموقع جغرافي وغيره، وباستخدام العملاء الوطنيين،والذي وصل إلى استدراج القوى السياسية غير الناضجة، ضعيفة الوعي التي كانت تمثل جزء من قيادة الحراك الوطني والثورة نفسها، و بمشاركة قوى أخرى هي في الاساس قوى ردة من الارزقية والنفعية من اعداء الثورة ، يعني اننا كشعب في نهاية المطاف ان لم تتوافر ارادة سياسية وشعبية وطنية حقيقية، سنضيع تحت اطراف ارجل القوى الاجنبية الطامعة في خيرات البلد، ان لم نوحد صفوفنا وننتفض انتفاضة حقيقية مثل ما انتفضنا من قبل، الاستمرار في التدخل الاجنبي باستجداء وتهافت ابناء الوطن وصل للهتافات المؤيدة، لها ستكون نتيجته ان أقوى قوى وطنية تتجبّر وتتسلّط على الشعب الآن بقوة السلاح و تقتله وتقمعه في الشوارع ستجد نفسها قريبا” اهون من بيت عنكبوت لا حيلة لها، وستفقد السلطة و السيادة علي البلد وتخسر كل شي، الشعب والوطن ودنياها وآخرتها، وتحول الجميع لوكلاء يتم تحريكهم كبيادق الشطرنج،، وبما يعني ذلك استعمار جماعي جديد وحديث، تحالفي او أحادي،، ولحين أن تتأطر التحالفات الخارجية وتتشكّل حسب تقاسم مصالحها، ولحين وصول هذه القوى الاستعمارية الحديثة لوفاق بينها وتتفق في تقسيم الحصص ما بينها على ارض الوطن السودان، يكون ذلك الوقت خيولهم (عربسن) على اجسادنا ودكت ارضنا دكا، وكان هنالك وطن اسمه السودان له سيادته واحترامه..سننتقل الآن من انتظار اتفاق التحالفات الوطنية المتشاكسة واستكمال ارضاء الحركات المسلحة التي كما توهمت قامت بالثورة واسقطت البشير بسلاحها من اجل عيون اتفاق جوبا كما أثبتت ذلك في سلوك عملي، جسد انتصارها لذاتها وقادتها دون شعبها، والى انتظار اتفاق وتوافقات خارجية تتحكم في مصيرنا،وتتعامل معنا وكأننا لا شئ، فقط الصدفة هي من اوجدتنا على ارض عظيمة لا نستحقها ولا نستحق العيش فيها.
قال تعالى
(“مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ”)