فلسطين

اتفاق من ثلاث مراحل… وانسحاب تدريجي للاحتلال: إسرائيل نحو إنهاء حربها الأطول

اتفاق من ثلاث مراحل… وانسحاب تدريجي للاحتلال: إسرائيل نحو إنهاء حربها الأطول

أتت تطوّرات المفاوضات الأخيرة، وما رافقها من حديث عن صفقة وشيكة، في وقت ضجّت فيه وسائل الإعلام العبرية بأخبار سقوط عشرات القتلى والجرحى الإسرائيليين في الأيام الماضية، جرّاء عمليات المقاومة المستمرّة في شمال قطاع غزة، وتحديداً في بيت حانون، حيث أعلن جيش الاحتلال، أمس، مقتل 5 جنود. وتحدّثت وسائل إعلام العدو عن عمليات تُنفَّذ عبر أنفاق «لم يتمّ اكتشافها بعد»، فيما كشفت صحيفة «معاريف» أنّ «الجيش الإسرائيلي يغيّر أساليب قتاله في بيت حانون، بعد خسائره الفادحة» هناك.

وأمس، أعلن الناطق باسم «كتائب القسام»، أبو عبيدة، أنّ «المجاهدين كبّدوا العدو خسائر فادحة خلّفت أكثر من 10 قتلى وعشرات الإصابات، خلال الساعات الـ 72 الأخيرة»، فقط. وتكتسب عمليات المقاومة هذه أهمية خاصة، لسببين، أولاً لأنها تقع في بيت حانون، وهي منطقة يفترض العدو أنّه سيطر عليها وأمّنها منذ وقت طويل، وهو دمّرها بالفعل بشكل شبه كامل، ونصّت خططه في وقت معيّن على أن تصبح منطقة أمنية مغلقة، لا وجود لمقاومين ولا لمدنيين فيها. وأما السبب الثاني، فهو أنها تأتي بينما تمرّ المفاوضات في لحظات حاسمة على طريق إتمام الاتفاق، الأمر الذي يساهم في تأكيد فشل العدو في تحقيق أهداف الحرب، وعلى رأسها القضاء على المقاومة التي لا يزال يفاوضها في السياسة، وتكبّده الخسائر في الميدان.

وفي ما يتصل بالمفاوضات ونتيجتها المنتظرة، يواصل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تمهيد الأرضية داخلياً لتمرير الاتفاق. وبحسب «القناة 13»، فإن «نتنياهو أجرى مشاورات أمنية عبر الهاتف مع كبار المسؤولين في الوفد الإسرائيلي المتواجد في قطر بشأن صفقة الرهائن»، وقد «أطلع رئيسا الموساد والشاباك، نتنياهو ورؤساء الأجهزة الأمنية على تقدّم المحادثات في الدوحة، وبحثا معهم التفاصيل الأخيرة». كما عقد نتنياهو محادثات مع كل من وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذين يعارضان الصفقة، لكن من المستبعد أن يسيرا في محاولة لتفكيك الحكومة، وإن كانت أصلاً ثمّة شكوك في قدرتهما على ذلك. ويكتفي الوزيران المتطرفان إلى الآن بالاعتراض، وهو الموقف الذي عبّر عنه سموتريتش أمس، حين قال إنه لن يشارك في «هذه الكارثة». ومما قد يساعد في تليين موقف اليمين المتطرف، أنه وفقاً للتقديرات، فإن مسؤولي إدارة ترامب وعدوا تلك القوى في إسرائيل، بمزيد من الدعم والمساندة، في ما يتعلّق برفع العقوبات التي فُرضت من جانب إدارة جو بايدن على بعض المستوطنين، وكذلك دعم التوسّع والاستيطان في الضفة الغربية.

أكّد سموتريتش أنه لن يدعم الصفقة واصفاً إياها بـ«الكارثية» على أمن إسرائيل

وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإنهم في الكيان «يهدفون إلى الإعلان عن التوصّل إلى اتفاق في وقت مبكّر من يوم غد (اليوم)». وأشارت الصحيفة إلى أن «مكتب نتنياهو يستعدّ للموافقة السريعة على الاتفاق، وبعد الموافقة عليه من قبل الكابينت والحكومة، ستقوم سكرتاريا الحكومة بنشر قائمة السجناء الفلسطينيين الذين سيُطلق سراحهم، حيث سيتمّ منح الجمهور الوقت لتقديم الالتماسات إلى المحكمة العليا. والحدّ الأدنى من الوقت الذي يتطلّبه القانون هو أقلّ من 48 ساعة، ما يعني أننا سنصل إلى 20 كانون الثاني/ يناير، حتى يدخل كل شيء حيّز التنفيذ»؛ وهذه ستكون هدية قيّمة للرئيس دونالد ترامب، في يوم تنصيبه. وفي هذا الإطار، نقلت «فايننشال تايمز» عن مصدر مطّلع على المفاوضات، قوله إن «التحوّل في موقف نتنياهو جاء لأن إنهاء الحرب بات أولوية بالنسبة إلى ترامب (…) ونتنياهو يريد التحالف مع ترامب».

معالم الاتفاق
لا يزال النصّ الكامل والتفصيلي للاتفاق المُزمع توقيعه، بين العدو الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، طيّ الكتمان. وهذا بالمناسبة، يمنح المفاوضات جدّية أكبر، حيث لطالما كان تسريب النصّ الكامل للاتفاق وصفةً للتشويش على المفاوضات، بل ودفعها إلى الانهيار، في رحلة التفاوض الطويلة على مدى أكثر من عام.

لكن وفقاً لما رشح من تسريبات، فإن الاتفاق عبارة عن 3 مراحل، وهذه أبرز معالمه:

– المرحلة الأولى، والتي تُسمّى «المرحلة الإنسانية»، تشمل 33 أسيراً إسرائيلياً، بينهم جميع النساء، سواء كنّ مدنيّات أو مجنّدات، والأطفال، وكبار السنّ الذين هم فوق سنّ الـ50، والجرحى والمرضى. ويبدأ تبادل الأسرى بعد أسبوع من وقف إطلاق النار، على أن تمتدّ هذه الفترة على عدّة أسابيع، وتكون هناك ترتيبات تسمح لسكان غزة بالانتقال إلى شمال القطاع.

– اعتباراً من اليوم الـ16، تنطلق مناقشة تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي من المفترض أن يُطلق فيها بقية الأسرى الإسرائيليين، مقابل أسرى فلسطينيين.

– ينسحب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة بشكل تدريجي إلى منطقة عازلة بالقرب من الحدود. كما سينسحب من محوري نتساريم (وسط القطاع) وفيلادلفيا (جنوب القطاع) تدريجياً، على أن يكتمل الانسحاب بحلول نهاية المرحلة الثانية من الاتفاق، حيث يكون الأسرى الإسرائيليون جميعهم قد أصبحوا خارج غزة.

– تضمّ قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين من المفترض أن يتمّ الإفراج عنهم 1650 اسماً، ولكن هذا العدد يمكن أن يتغيّر بحسب حالة الأسرى الإسرائيليين (أحياء أو أموات).

وسيتمّ إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من ذوي المحكومات العالية، لكن لن يُسمح لهم بالعودة إلى الضفة الغربية. كما تتمنّع إسرائيل عن الإفراج عن الأسرى المقاومين الذين شاركوا في أحداث 7 أكتوبر.
وعلى صعيد موازٍ، شملت اتصالات الأيام الماضية، مداولات بين مسؤولين في القاهرة وواشنطن والدوحة وأنقرة والرياض، حول اليوم التالي في قطاع غزة، وطريقة تفعيل آلية ضغط تمكّن من بلورة موقف فلسطيني موحّد للتعامل مع «المجتمع الدولي». ويأتي ذلك وسط ضغوط على السلطة الفلسطينية لتبنّي مسار إيجابي، من مثل «لجنة الإسناد المجتمعي»، التي قبلتها المقاومة، ورفضتها السلطة عدة مرات، آخرها قبل يومين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب