مقالات

فلسطينيو سوريا ودرب الآلام الطويل والحقبة الأسدية البائدة

فلسطينيو سوريا ودرب الآلام الطويل والحقبة الأسدية البائدة

نبيل السهلي

العنوان المذكور مستوحى من اسم رواية ثلاثية درب الآلام الخيالية للكاتب والأديب الروسي الراحل ألكسي تولستوي.
وينطبق ذلك على اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، الذين عانوا من ظلم واستبداد نظام الأسد والابن، شأنهم شأن الشعب السوري؛ وتبعاً لذلك لم يكن اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الإطلاق بمنأى عن المشاركة في الثورة السورية منذ البدايات.
وثقت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا (3085) حالة اعتقال من قبل نظام المجرم الهارب منذ بداية الثورة السورية عام 2011 بينهم 28 طفلاً و117 امرأة، وقضى تحت التعذيب 643 شخصاً؛ في حين تم تحرير 48 شخصاً فقط بعد سقوط نظام الطاغية بشار الأسد؛ وبطبيعة الحال قام بعمليات التوثيق أيضاً للمعتقلين والمغيبين والشهداء الفلسطينيين في سوريا ناشطون من الشباب الفلسطيني هناك. ومن الأهمية الإشارة إلى نظام المجرم بشار الأسد وميليشيات طائفية شيعية عراقية ومن جنسيات مثل فاطميون وزينبيون اعتقلت أكثر من (2000) فلسطيني بعد فرارهم من جنوب مخيم اليرموك عن طريق منطقة علي الوحش ولم يعرف أحد مصيرهم أحد حتى كتابة هذه السطور.
ومن الشهداء الشباب الفلسطينيين تحت التعذيب في سجون الطاغية الفار؛ أحمد عمايري ومحمد عمايري ويزن عريشة وحسان حسان؛ ولم يعرف مصير الشاب المعتقل خالد بكراوي، أما الشهداء المعروفون من الشباب واستشهدوا في اليرموك فهم بسام حميدي وأحمد طه، واستشهد المصور الصحافي طارق الخضر في درعا، واللافت حصول انشقاق عدد من ضباط وجنود جيش الحرير الفلسطيني واصطفافهم إلى جانب الشعب السوري، وأذكر منهم العقيد قحطان طباشة الذي استشهد أثناء دفاعه عن درعا في الجنوب السوري وأهلها الذين يعرفونه عن قرب وكذلك الملازم أول إياس نعيمي الذي استشهد دفاعا عن مخيم اليرموك وأهله.
تعتبر مجزرة حفرة التضامن المروعة التي نفذها الضابط في مخابرات نظام الأسد البائد في 16 نيسان /ابريل 2013 (المجرم الفار أمجد يوسف ومجموعته) تعتبر دالة كبرى على مدى الإجرام الذي طال الشعبين السوري والفلسطيني؛ ومن ضحايا المجزرة المشار إليها الشاب وسيم صيام من سكان مخيم اليرموك شارع الجاعونة المعروف وسط المخيم، وهو ابن الأخ والصديق الغالي عمر صيام الموجود حالياً في ألمانيا وعائلته وكذلك عائلة ابنه الشهيد، وقد كان غالبية الشهداء في تلك المجزرة من الفلسطينيين من سكان اليرموك ومنطقة التضامن إلى الشرق من اليرموك، وقد تمّ فيها اعتقال عائلة كاملة من اليرموك وهي أم زياد عمايري وعائلتها وابنتها وزوجها وعائلتها ويصل عددهم جميعاً إلى (90) فردا جلهم أطفال، ويعتقد أنهم أعدموا في حفرة التضامن ومناطق أخرى في المنطقة، وكنت التقيت ابن العائلة الأكبر زياد عام 2014 في لبنان وكان يتمنى موتهم خوفاً عليهم من الاغتصاب.

بدا النظام الجزائري على ثقة أن المسؤولين الفرنسيين مقبلون على هفوات تكلفهم معركة العلاقات العامة التي قرروا خوضها مع الجزائر

بات اللاجئون في سوريا جزءا من النسيج الاجتماعي السوري، يحملون في حلهم وترحالهم أحلام العودة التي لم تبارحهم البتة. لقد شهدت غالبية المخيمات الفلسطينية في سوريا قصفا وتدميرا شاملا وجزئيا من قبل جيش نظام بشار الأسد الفار من وجه العدالة، الأمر الذي أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من المخيمات الفلسطينية وتهجير نحو (250) ألف فلسطيني إلى عدة دول غربية وتركيا وكندا وصولاً إلى البرازيل، فضلاً عن التهجير الداخلي الذي طال عشرات الآلاف وخاصة الى منطقة صحنايا وغيرها. والثابت أن موجة النزوح الكبرى وقعت بعد قصف طائرة ميغ لنظام المجرم الفار بشار الأسد جامع عبد القادر الحسيني في وسط مخيم اليرموك، في يوم الأحد 16-12-2012 في تمام الساعة الثانية عشرة وخمس وأربعين دقيقة ظهرا. وقد استشهد إثر تلك العملية 185 شخصا من المصلين والنازحين داخل المسجد من منطقتي التضامن والحجر الاسود. وقد اعتبر اليوم المذكور منحى جديدا للحالة الفلسطينية في سوريا.
قدر مجموع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا في نهاية عام 2012 بنحو (560) ألف لاجئ فلسطيني. وبالنسبة إلى التوزع الجغرافي، تشير معطيات المجموعات الإحصائية السورية، إلى تركز 67 في المائة من إجمالي مجموع اللاجئين في العاصمة السورية دمشق، والمخيمات القائمة في ضواحيها. في حين يتوزع الباقون (33) في المائة على المحافظات الأخرى. وبشكل عام، يتركز في تسعة مخيمات معترف بها من قبل الوكالة في سوريا نحو 30 في المائة من إجمالي مجموع اللاجئين في سوريا، وترتفع إلى 60 في المائة إذا أخذنا في الاعتبار سكان مخيم اليرموك من اللاجئين الفلسطينيين.
ولا تشمل الأرقام المذكورة، أعداد العرب الفلسطينيين الذين وفدوا إليها عامي 1967 و1970 حيث أن هؤلاء غير مسجلين في قيود «الأونروا» في سوريا. وعليه فإن العدد الفعلي للاجئين الفلسطينيين في سوريا، يتجاوز الرقمين المذكورين أعلاه.
من نافلة القول إن الشعب الفلسطيني بشكل عام وفلسطينيي سوريا في شكل خاص كانت فرحتهم عارمة بإسقاط الشعب السوري لنظام المجرم بشار الأسد، خاصة أن اللاجئين الفلسطينيين عانوا كما عانى الشعب السوري من ظلم واستبداد خلال الحقبة الأسدية الإجرامية التي امتدت لأكثر من خمسة عقود خلت. والثابت أن القانون الذي نظمّ حياة الفلسطينيين في سوريا من حقوق وواجبات هو برقم (260) الصادر عام 1956، أي قبل سيطرة المجرم حافظ الأسد على السلطة خلال عام 1970.
قام المجرم حافظ الأسد بدعم وتبني الانشقاق عن حركة فتح أكبر فصيل فلسطيني في عام 1983، ولم يكتف بذلك بل اعتقلت فروع أمنه الآلاف من كوادر الحركة وزجتهم بأعتى السجون والزنازين التي شاهدها العالم بأسره بعد سقوط نظام طاغية الشام المجرم بشار؛ وقضى هؤلاء سنوات طويلة وراء القضبان وكانت آلامهم وعذاباتهم كبيرة، وأذكر منهم الأخوة الدكتور سمير الرفاعي سفير دولة فلسطين في دمشق الآن والراحل حسني حمدان أبوعماد ومصطفى الخوري أبو محمود وبديع حمزات وهيثم شملوني وعلاء السبع وابو طعان رحمه الله والقائمة تطول.

كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب