بعد الصفقة: إسرائيل تتخوف من تعاظم حماس.. ورئيس “الشاباك”: سنغير الواقع الأمني في الضفة
بعد الصفقة: إسرائيل تتخوف من تعاظم حماس.. ورئيس “الشاباك”: سنغير الواقع الأمني في الضفة
الاهتمام في النقاش العاصف والحساس حول اتفاق وقف النار كان مكرساً للجبهة التي بدأت الجلبة، ألا وهي غزة. غير أن قسماً حيوياً في فهم المعاني القاسية للاتفاق، وهي قاسية، سواء كنتم مع أم ضد، يتعلق بجبهة الضفة. فالميدان، كما رأينا لشدة الأسف، يعتمل هناك.
في 2024، أحبط “الشاباك” أكثر من ألف عملية، لكن تلك التي نفذت كانت فتاكة وعرضت ارتفاعاً في مستوى قدرات الإرهاب، من مستوى تنظيم الخلايا وحتى نوعية السلاح. إيران، التي تنبش في كل مكان ممكن، استغلت الحدود الشرقية الفالتة مع الأردن لتهريب وسائل قتالية محطمة للتوازن.
والآن في إطار الاتفاق، سيتحرر بضع مئات من مخربي حماس لينزلوا في الضفة في توقيت حساس على نحو خاص. في أفضل الأحوال سيكون زخم إضافي للشعلة. في أسوأ الأحوال – برميل وقود. أرادت إسرائيل تحرير عدد ممكن من القتلة، لكن تخوف جهاز الأمن لا يأتي فقط من فرضية أن أياً من المحررين سيترك طريقه، بل من إمكانية التأثير السلبي على السلطة الفلسطينية ومكانتها بين الجمهور الفلسطيني، حيث سيرون كيف ذبحت حماس إسرائيل وتلقت بالمقابل دماراً هائلاً، لكنها لا تزال تقف على قدميها بل وتتباهى بتحرير مخربين.
أما السلطة الفلسطينية، تلك التي تعمل بتنسيق مدني وأمني كامل مع إسرائيل، بما في ذلك ارتفاع درجة في الحرب ضد تموضع حماس في مناطق الضفة، تتلقى إهانة سياسية وحزبية: الآن أيضاً، رغم عدم وجود بديل آخر، نرى رئيس الوزراء غير مستعد لسماع أي إشراك للسلطة في ذاك “اليوم التالي” في غزة. لكن هذا هو الوضع، وعليه فليس للمنظومة بديل غير الاستعداد. يصادق كل من “الشاباك” وقيادة المنطقة الوسطى ومديرية تنسيق الأعمال في المناطق على خطط عملياتية للحظات تحرير السجناء، تتضمن حراسة محاور وسدود أمنية، والتشديد على مبدأ التمييز بين السكان ومحافل الإرهاب، التي لا تزال مدعومة مما تبقى من المحور الإيراني: الفرضية أنه حتى لو ما زالت طهران تلعق جراح الضربات في الشمال والجنوب وداخل إيران أيضاً، فلن يتخلوا عن فرصة إشعال الجبهة الشرقية. يأخذ جهاز الأمن نفساً ويعالج السيناريو المؤكد لانعقاد حفلات ليلية على شرف المخربين التي ستجلب معها شهية ودافعية للدفع قدماً بمهمة تعزيز حماس على حساب السلطة. نظام أبو مازن لن يجلس هادئاً، لكن بدون مساعدة إسرائيلية فستكون المعركة خاسرة. ولما كانت هذه مصلحة إسرائيلية عليا، نأمل بألا تؤدي الدعوات من الجناح المتطرف بقيادة الوزيرين سموتريتش وبن غفير لوقف التنسيق أو حتى إلى انهيار السلطة إلى تدهور الوضعية المهزوزة على أي حال.
يتعين على في الجيش الآن إبداء عدوانية وتصميم، ولهذا فالنية تتجه إلى نقل قوات مدربة إلى هناك لتقوم بعمليات هجومية في شمال “السامرة”.
ويريد “الشاباك” أيضاً الدوس على الغاز: حث رئيس الجهاز رونين بار، في مداولات الكابنت الأخيرة، على عمليات واسعة ومتواصلة ضد شبكات الإرهاب وعدم الاكتفاء بالضرب من الجو. وعلى حد قوله، من الواجب تغيير الواقع الأمني في الضفة كدرس من أحداث 7 أكتوبر. بكلمات أخرى، اقتلاع ظاهرة الكتائب في مخيمات اللاجئين من جذورها وعدم السماح لها بالنمو والتأطر، مثلما حصل في القطاع. وفي موضوع القطاع، لا يمكن تجاهل المعنى المركزي لعودة السكان الغزيين إلى شمال غزة. ويوصى أولئك الذين يتخيلون عودة سهلة للقتال – بعد أن يعود نحو مليون نسمة، وبينهم بالطبع نشطاء حماس، إلى بيوتهم – أن يصحوا من سباتهم الحلو وينظروا إلى الواقع ببياض العين: إذا كانت العودة إلى القتال ممكنة، وإدارة ترامب لا تتحمس لهذا كما تخيل اليمين، فستكون هذه مهمة صعبة، بل دامية. فالحساب رهيب لكنه بسيط، إذا سقط في الأيام الثمانية الأخيرة 15 مقاتلاً في بيت حانون فيما سقط في جباليا في الأشهر الأخيرة 40 مقاتلاً آخر، والمنطقة فارغة تماماً تقريباً من المواطنين، سنفهم ماذا سيحصل حين يعودون. “إعادة السكان جنوباً لن تكون سهلة”، قال مسؤول في الجيش، “لكن إذا كان الجيش الإسرائيلي سيتكلف مهمة العودة إلى القتال، فإنه سينفذها. مع حاجة لمعرفة أن الثمن سيكون باهظاً”.
شرحت محافل في “الشاباك” كيف أخرت قائمة المخربين الذين سيتحررون عقد الاتفاق. على حد قولهم، الفيتو المتصلب من الجانب الإسرائيلي قضى ألا يتحرر رموز بارزة. وكذا أن يكون عمر السجين يبعد إمكانية عودته إلى الإرهاب. من أصل السجناء المؤبدين الذين سيتحررون، اختير أولئك الملطخة أيديهم بالدم. لهذا الغرض، نجح “الشاباك” في إدخال مخربين إلى القائمة اعتقلوا في أثناء المناورة في غزة ولم يكونوا مشاركين في مذبحة 7 أكتوبر. هذا إنجاز كبير لـ “الشاباك” إلى جانب الفريق المفاوض ومندوبي الموساد في قطر. كان هذا يتطلب غير قليل من الإبداعية والأعصاب الحديدية. والآن لا يتبقى إلا التأكد من أن يكون الضرر في حده الأدنى.
يوسي يهوشع
يديعوت أحرونوت 17/1/2025