مقالات
القلق ” المستقبلي” في الفكر الصهيوني المعاصر بقلم الدكتور وليد عبد الحي
بقلم الدكتور وليد عبد الحي

القلق ” المستقبلي” في الفكر الصهيوني المعاصر
بقلم الدكتور وليد عبد الحي
عند مراجعة رموز الفكر الصهيوني المعاصر لاسيما كتاباتهم ” المستقبلية” ،حاولت رصد ابرز جوانب القلق لديهم ، وحاولت أن أتعرف على المفكرين من الاتجاهات المختلفة من المتدينين والعلمانيين أو ذوي الميول اليسارية أو اليمينية أو من المؤرخين الجدد ،أو من السياسيين أو الباحثين،أو التقارير التي تنتجها مراكز أبحاثهم، ورصدت ذلك في دراسة أصدرتها جامعة اليرموك قبل بضع سنين، وواصلت المتابعة في هذا الاتجاه، وتبين لي أن أبرز جوانب القلق المستقبلي لدى النخبة الصهيونية تتمثل في الآتي:
1- القلق من تنامي النزعة العلمانية وما قد يتركه ذلك على المبرر التاريخي والأخلاقي لنشوء الدولة، فالعلمنة ستؤدي إلى التشكيك في الأساس الذي قامت عليه الدولة وهو المبرر الديني.
2- تزايد نزعة التكتلات الإقليمية في اتجاه العولمة،وهو أمر يطرح على إسرائيل سؤالا هاما :مع أية كتلة ستكون؟ فالمجتمع العربي لن يقبلهم على المدى الاستراتيجي،كما أن المنطقة العربية كتلة غير منضبطة، لذا فإن البديل هو في الانضمام للكتلة الأوروبية، وهو أمر يحمل مخاطرة في أن تكون إسرائيل تابعا أكثر منها صانعا للقرار، أي أنها ستضطر لتكييف إستراتيجيتها مع القوى الأوروبية أكثر من تكييف القوى الأوروبية معها، فدولة مثل ألمانيا أو فرنسا أو غيرهما لن تتكيف مع إستراتيجية إسرائيل إذا حدث تعارض بينهما،بل العكس هو الأرجح..
3- تراجع مكانة الآيديولوجيا في العلاقات الدولية لصالح النزعة البراغماتية، وهو أمر قد يجعل من الآيديولوجية الصهيونية موضع نزعة تشكك شديد، وقد كتب هاركابي دراسة ضخمة وعميقة في هذا الجانب مع تركيز على أن هذه الظاهرة تتزايد في أوساط الشباب.
4- التزايد السكاني بين العرب الفلسطينيين بشكل قد يهدد هوية التركيبة اليهودية للدولة، فالانسحاب من الضفة يجعل العمق الاستراتيجي لإسرائيل ضيقا في ظل التطور التكنولوجي العسكري،وعدم الانسحاب يعني استمرار عدم الاستقرار وزيادة نسبة العرب في أحشاء الدولة اليهودية.
5- تراجع دور القيادات الكارزمية(على غرار بن غوريون، وبيغن ورابين..وديان..الخ)، وهو أمر له امتداد عالمي،الأمر الذي يؤثر على طبيعة النخب الحاكمة،ويعزز النزعة التكنوقراطية ذات الميول البراغماتية، وهو ما بدأ يظهر في تزايد تهم الفساد لنسبة ليست هينة من القيادات العليا في إسرائيل( ليبرمان، أولمرت، كاتساف…الخ)
6- تراجع التأييد الشعبي عالميا لإسرائيل، وهو الأمر الذي تزايد بعد طوفان الاقصى وبشكل كبير، وقد تابعت ذلك قبل الطوفان بسبع سنوات من خلال إعدادي التقرير الاستراتيجي الفلسطيني ،وهو أمر دفع وزارة الخارجية الإسرائيلية مؤخرا لتشكيل فريق عمل لمواجهة هذه المسألة.
7- المخاوف الصهيونية من ” احتمال” تغير المكانة الإستراتيجية لإسرائيل في السياسة الأمريكية والأوروبية في المستقبل، وهو أمر بدأت بعض مظاهره –رغم ضعفها حتى الآن_ في الظهور لاسيما في الأوساط الأكاديمية،واغلب الدراسات الصهيونية ترى أن القيمة الإستراتيجية لإسرائيل تراجعت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ،كما أن التحول الأمريكي نحو الباسيفيكي واحتمال اكتشاف بدائل للنفط تعزز هذا الاتجاه.
8- التخوف من أن التطور التكنولوجي قد يصل لنقطة تتمكن فيها التنظيمات الصغيرة من ابتزاز الدول الكبرى لاسيما في مجال تطور الأسلحة غير التقليدية.
إنها مخاوف وهواجس تنتظر من يستثمرها أو يسرع في حضورها