الصحافه

عودة السلطة الفلسطينية لغزة أهون الحلول: إلى متى سنسمع “احنا رجال محمد ضيف”؟

عودة السلطة الفلسطينية لغزة أهون الحلول: إلى متى سنسمع “احنا رجال محمد ضيف”؟

لئن كان أحد ما بحاجة للتذكير بما هو مرتقب إذا ما أنهينا الحرب دون تقويض حكم حماس، فقد جاءت الصور من ميدان السرايا في غزة لتجسد هذا السيناريو جيداً. مئات المخربين المسلحين ببزاتهم اندفعوا على مركبات جديدة، يحيط بهم رعاع من آلاف الأشخاص الذين يهتفون “حط السيف قبال السيف، احنا رجال محمد ضيف”.

في مقال نشرته على هذه الصفحة في 27/5/2024 دعوت لإقامة تحالف دول في المنطقة لها مصالح متوازية معنا (مصر، الأردن، الإمارات والسعودية) بقيادة الولايات المتحدة. تحالف كهذا مناسب ليكون محل حكم حماس في غزة لليوم التالي للحرب، ويحكم في المكان على مدى نحو عقد (الفترة المطلوبة للإعمار). لم أكن الوحيد الذي اقترحت مثل هذا الحل أو ما يشبهه. لأسفي، أثبتت السنة المنصرمة بأن هذا الحل ليس واقعياً. فالازدواجية الأخلاقية والجبن اللذان يميزان محافل الحكم في هذه الدول لن يسمحا بذلك.

التقينا مع ثلاثة حلول محتملة – كلها سيئة: الأول الذي سيأتي كخيار القصور إذا ما أنهينا الحرب دون تقويض حكم حماس، يعد بعودة سريعة إلى الوضع الذي كنا فيه قبل الحرب. تحت غطاء إعمار عشرات آلاف المباني التي دمرت، ستنقل كميات هائلة من الإسمنت والحديد إلى غزة وسيستخدم قسم كبير منها لبناء الأنفاق، ومصانع سلاح تحت أرضية وما شابه.

الثاني، حكم عسكري إسرائيلي، الحل الذي سبق أن جربناه على مدى سنين في غزة والضفة. سيكون هذا كارثة على اقتصادنا الذي سيضطر لتمويل المواطنين هناك، كارثة لسياستنا الخارجية التي ستصطدم بمقاومة دولية جارفة للخطوة وفوق كل ذلك كارثة بمنظومتنا القيمية التي تنبع من حكم بلا جدوى على شعب آخر.

الثالث، إلقاء المسؤولية على السلطة الفلسطينية – كيان سلطوي فاسد، لا يحظى بدعم جماهيري واسع في المناطق التي يعمل فيها، ويعتمد أساساً على رماح “أجهزته الأمنية”. هذا كيان يدفع كل شهر الملايين لعائلات الشهداء، ويحرض ضد إسرائيل في المحكمة الدولية وفي الأمم المتحدة، ويشجع جهاز تعليم يخلد الكراهية لليهود بعامة وللإسرائيليين بخاصة.

معظم زعماء الائتلاف والمعارضة قالوا إن وقف إطلاق النار سيئ، ومع ذلك يؤيدونه لأنه أهون الشرور. هذا هو الوضع أيضاً بالنسبة للحكم في غزة في اليوم التالي: السلطة الفلسطينية، على كل مساوئها، هي حل أنجح من كل الإمكانيات السيئة الأخرى.

إن خليطاً يتشكل من بضعة عناصر سيسمح بتحسين هذا الحل. عمر أبو مازن وحالته الصحية يلزمان باستبداله قريباً. الآلية في غزة تخلق إمكانية لروافع ضغط تؤدي إلى تغييرات ما (كوقف الدفعات لعائلات الشهداء). وبالطبع، دخول ترامب إلى البيت الأبيض كان هو من قلص دعم الولايات المتحدة للسلطة الفلسطينية والأونروا. هو وطاقمه عادا وقالا منذ انتخابه إنه لن يسمح لحماس بمواصلة الحكم في القطاع. إذا ما أجدنا العمل بتعاون مع الإدارة الوافدة، فسيكون هناك مجال لرؤية صيغة جديدة من السلطة الفلسطينية، تأخذ المسؤولية عن غزة، تقيم تنسيقاً أمنياً مع إسرائيل وتمتنع عن التحريض ضدنا في المنصات الدولية.

البروفيسور بوعز جولاني

معاريف 22/1/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب