إدارة ترمب معنية بتنفيذ الاتفاق بمرحلتيه

إدارة ترمب معنية بتنفيذ الاتفاق بمرحلتيه
بقلم رئيس التحرير
أعلنت إسرائيل ربط عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة بإطلاق سراح المحتجزة أربيل يهود، التي تعود معوقات الإفراج عنها إلى “ظروف أمنية”، فيما تصر إسرائيل على أن الانسحاب من محور “نيتساريم” لن يتم قبل تسوية قضيتها ، من جانبها، اتهمت حركة حماس سلطات الاحتلال بـ”التلكؤ في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى”، مشيرة إلى استمرار إغلاق شارع الرشيد ومنع عودة النازحين الفلسطينيين من جنوب قطاع غزة إلى شماله ، وشددت الحركة، في بيان مقتضب، على أنها “تحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن أي تعطيل في تنفيذ الاتفاق”، محذرة من “تداعيات ذلك على بقية مراحل الاتفاق” التي تم التوصل إليها بوساطة دولية.
كل المؤشرات تدلل أن إسرائيل تحاول التذرع بذرائع لعرقلة تنفيذ الاتفاق في مرحلته الثانية التي يفترض أن تبدأ المفاوضات حولها بعد أيام قليلة، بل ربما في مرحلته الأولى أيضاً ، ويرى فريق من الإسرائيليين أن الاتفاق وُجد لينفَّذ بمرحلتَيه، بما يفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار؛. في المقابل، يعتقد فريق آخر أن هناك ضرورة لاستئناف الحرب، على اعتبار أن استمرارها، بمعزل عن تحقيق أهدافها، أفضل للكيان من أيّ بديل، وأن عودتها قد تؤدّي إلى تحقيق غايات من مثل احتلال القطاع، وطرد السكان الفلسطينيين منه، ومن ثم الاستيطان والضمّ فيه.
هناك رأي يسود في إسرائيل مفاده أن إدارة ترمب معنية في إتمام الاتفاق في مرحلته الأولى ، والتفاهم على بنود المرحلة الثانية منه، وترى الإدارة الأمريكية بضرورة التنفيذ من دون تأخير أو إبطاء أو عرقلة، ومن ثم الانتقال إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، على أن يكون ذلك مقدّمة لمشاريع مطروحة على طاولة ترامب، وفي المقدمة منها التوصّل إلى ترتيب إقليمي أوسع تشارك فيه دول المنطقة وفق مفهوم الشرق الأوسط الجديد ولتحقيق ذلك لا مناص من إنهاء الحرب ، . إلا أنه في المقابل، تبدو الإرادة الإسرائيلية مغايرة لإرادة الولايات المتحدة، بعدما باتت المصالح الشخصية لرئيس حكومة إسرائيل ، بنيامين نتنياهو، مغايره ومتناقضة مع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط ، لان حكومة اليمين المتطرفة التي يرئسها نتنياهو تسعى لتطبيق أيديولوجيتها المتطرّفة في غزة كما في الضفة، وتتّفق في ما بينها على ضرورة العودة إلى القتال، باعتبارها الخيار الأكثر ملائمة لمصالح الفاشيين الشخصية والأيديولوجية، وخصوصاً أن البدائل قد تؤدي إلى تفكُّك الحكومة وتبديد فرصة تحقيق تلك المصالح.
نتنياهو يدرك أن إدارة ترمب ، هي التي تقرّر مآل الأمور. وفي هذا السياق، حرصت واشنطن على الإعلان المسبق أن مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ينوي زيارة غزة قريباً للتأكد من تنفيذ الاتفاق، بما يشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع. ووفقاً لتسريبات الإعلام العبري، فإن ” الانطباع السائد لدى مَن تحدّث إلى فريق ترامب، هو أن نوايا الأخير جدّية للغاية” ، في ما يمثل إشارة يجدر التوقّف عندها كثيراً، بمعزل عن كل ما يعلن ويتسرّب في إسرائيل. كما أن واحداً من أقرب المقرّبين إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، وهو وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، أعلن، في كلمة ألقاها في ” الكنيست” ، أنه ” متفائل للغاية” لجهة إمكان إيجاد حكم بديل لحركة ” حماس” في غزة، مشيراً إلى أن إسرائيل تعمل على ذلك مع الولايات المتحدة والقوى الأخرى في المنطقة .
يدرك نتنياهو أنه يواجه أداره – مختلفة تماماً، مقارنة بالاحتجاجات والمطالب المهذّبة للرئيسَين الديمقراطيين جو بايدن وباراك أوباما” ، بحسب ما يرد في الإعلام العبري. وثمة إشارات دالة على أنه لن تكون هناك عودة إلى فترة الصداقة الشخصية بين نتنياهو وترامب، والتي طبعت الولاية الأولى للأخير، بمعنى أن ” التماسات” رئيس الحكومة الإسرائيلية لدى الرئيس الأميركي، لن تجدي نفعاً مثلما حدث في السابق.
ولهذا، سيكون على نتنياهو، الذي يبحث أولاً عن مصالحه الشخصية، أن يلاءم بين مطالب ترامب ومطالب شركائه في الائتلاف؛ وإنْ وجد استحالة في إرضاء الطرفين، فسيكون معنيّاً، وهو المرجّح، بأن يرضي الراعي الأميركي ويتماشى مع إرادته. ووفقاً لأرجح التقديرات، قد يكون اليمين المتطرّف نفسه معنيّاً بالسير في ركاب سياسة ترمب ، للإبقاء على الحكومة لتمرير المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية التي هي الهدف الرئيسي للأيديولوجية الفاشية، وبالفعل، أثبت وزير المالية، بتسلئيل سموتريش، بعدما قرّر البقاء في الائتلاف، على رغم معارضته اتفاق وقف إطلاق النار، أن ما يتحكّم بقراراته هو مصالح العقيدة التي يتبناها، على النقيض من زميله في التطرّف، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي فضّل القرارات الشعبوية، والانسحاب وحزبه، «عوتسما يهوديت»، من الحكومة.
بالنتيجة ووفق ما تقدم يرجح إتمام صفقة تبادل الأسرى والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وأن محاولة عرقلة التنفيذ وخلق الذرائع لعرقلة تنفيذ الاتفاق من قبل حكومة نتني اهو لم تعد تجدي نفعا وأن نتنياهو سيواجه مصيره المحتوم