قبيل جلسة استعراض ملف مصر في مجلس حقوق الإنسان.. 10منظمات تنتقد إحالة المئات لمحاكم الإرهاب
قبيل جلسة استعراض ملف مصر في مجلس حقوق الإنسان.. 10منظمات تنتقد إحالة المئات لمحاكم الإرهاب
تامر هنداوي
القاهرة- “القدس العربي”: قبل ساعات من بدء جلسة الاستعراض الدوري الشامل لملف مصر في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أدانت 10 منظمات حقوقية قرارات نيابة أمن الدولة العليا مؤخرًا، بإحالة مئات المواطنين المحتجزين منذ فترات طويلة، تجاوز بعضها 6 سنوات، إلى محاكم الإرهاب، عوضًا عن الإفراج الفوري عنهم.
وقالت المنظمات، في بيان، إن قرارات الإحالة إلى المحاكم تمثل محاولة لطمس الانتهاكات الخطيرة التي شابت التحقيقات معهم واحتجازهم التعسفي المطول في قضايا ذات طابع سياسي.
وبحسب البيان، فإنه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، قررت نيابة أمن الدولة العليا إحالة ما لا يقل عن 90 قضية ذات طابع سياسي إلى محاكم الإرهاب، تضم عددًا من المعارضين السياسيين، والصحفيين، والمحامين، ومدافعين عن حقوق الإنسان.
وبينت أن هذا العدد من القضايا يفوق إجمالي القضايا التي أحالتها النيابة لهذه المحاكم خلال العقد الماضي كله تقريبًا، على نحو يخالف التعليمات القضائية بشأن عدم إحالة القضايا للمحاكمات ما لم تكن مدعومة بوقائع ثابتة، واتهامات محددة خاصة بكل متهم منفردًا، وغير مبنية فقط على تحريات الأجهزة الأمنية، إذ سبق وأكدت أحكام محكمة النقض على عدم الاعتداد بالتحريات الأمنية كدليل منفرد في الدعاوى القضائية.
ولفتت المنظمات، في بيانها، إلى أن القضايا ضمت محامين حقوقيين مثل هدى عبد المنعم، وإبراهيم متولي، ووليد سليم، وأحمد نظير الحلو، كما ضمت المترجمة مروة عرفة، ورجال الأعمال محمد ثابت، وعصام السويركي، والشيخ أنس السلطان، بالإضافة إلى سياسيين معارضين؛ منهم عبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسي السابق، رئيس حزب “مصر القوية”، ومحمد القصاص نائب رئيس الحزب، وجهاد الحداد، وأنس البلتاجي.
وأكدت أن القضايا تضم أيضًا أطباء، ومهندسين وموظفين وأساتذة بالمركز القومي للبحوث وآخرون في هيئة الطاقة النووية، وغيرهم.
وأعربت المنظمات عن قلقها البالغ إزاء هذه الإحالات المكثفة، خاصة لبعض المحتجزين الذين تجاوزت مدة حبسهم الاحتياطي 6 سنوات بالمخالفة للقانون، وأكدت أن هذه الإحالات تمثل استكمالًا لانتهاكات حقوق المحاكمة العادلة وحقوق المحتجزين، التي لا تكف نيابة أمن الدولة العليا عن ارتكابها.
وزادت: بعد حبس مطول تخطى 6 سنوات للبعض، في تجاوز فج للحد القانوني المقرر لمدة الحبس الاحتياطي بعامين وفق المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، وبدلًا من إخلاء سبيل المحتجزين وتعويضهم عن فترة الحبس المطول، تقرر النيابة إحالتهم لمحاكم الإرهاب، بالإضافة إلى طلب النيابة معاقبة المحتجزين عن جرائم يعود بعضها لأكثر من 20 عامًا (في 1992، و2006، و2008، و2013)، الأمر الذي يثير تساؤلات حول قانونية هذه الاتهامات المتعلقة بجرائم وقعت قبل إصدار قوانين مكافحة الإرهاب وتشكيل محاكم الإرهاب عام 2014، ناهيك عن قائمة الاتهامات المكررة التي نالت تقريبًا من معظم المحتجزين دون تفرقة، وهي؛ الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وارتكاب جرائم تمويل الإرهاب، وحيازة مطبوعات وتسجيلات تروج لجماعة إرهابية، والاشتراك في اتفاق جنائي بغرض ارتكاب جرائم إرهابية.
وبحسب المنظمات، تعد هذه الإحالات حلقة جديدة في سلسلة المراوغة والتلاعب بمصير المعارضين المحتجزين، واستكمالًا لآلية التدوير المتبعة، والتي تعتمدها نيابة أمن الدولة لتمديد فترات الحبس الاحتياطي، من خلال الزج بالمتهمين على قضايا جديدة، بخلاف القضية الأساسية المحتجزين بسببها، مستخدمة الاتهامات نفسها، لضمان بقائهم قيد الاحتجاز أطول فترة ممكنة.
وضربت المنظمات أمثلة بإحالة المحامي الحقوقي إبراهيم متولي، المحتجز منذ عام 2017، للمحاكمة على ذمة القضيتين 900 لسنة 2017 والقضية 1470 لسنة 2019 بالتهم نفسها، وتجديد حبس المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم على ذمة القضية 730 لسنة 2020، رغم الحكم بحبسها 5 سنوات في القضية 800 لسنة 2019 بالتهم نفسها.
وانتقدت المنظمات رفض النيابة ضم مدد الحبس التي قضاها المحتجزون، أو احتسابها ضمن الأحكام الصادرة بحقهم، وتعمدها الزج ببعضهم في قضايا جديدة على خلفية اتهامات سبق أن أتمّوا مدد عقوبتهم عليها.
وزادت: تتضاعف خطورة هذه الانتهاكات المستمرة والمتصاعدة المرتكبة من قبل نيابة أمن الدولة العليا في ظل الإصرار على توسيع اختصاصها، إذ أصبحت مسؤولة عن طيف واسع من القضايا السياسية، ويتم توظيفها للانتقام من الخصوم السياسيين والمعارضين.
وطالبت المنظمات الموقعة بإطلاق سراح جميع المحتجزين الذين تجاوزوا مدد الحبس القانونية، وتوقف نيابة أمن الدولة العليا عن مباشرة التحقيقات في القضايا ذات الطابع السياسي، وتفعيل نصوص قانون الإجراءات الجنائية في ما يخص ضم مدد الحبس، ووضع حد لآلية التدوير، وتعويض ضحايا الحبس الاحتياطي المطول وغير القانوني.
وأكدت على ضرورة التزام السلطات القضائية بضمانات المحاكمة العادلة لكافة المتهمين، وضمان حقهم في التمثيل القانوني، والدفاع، والاطلاع على الأوراق، والاستماع لشهادات الضحايا في الانتهاكات التي تعرّضوا لها أثناء فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة والتحقيق فيها.
وختمت المنظمات بيانها بالقول إن قرارات الإحالة الصادرة مؤخرًا تكذّب ادعاءات السلطات المصرية التي تسعى إلى تصدير صورة مزيفة حول إصلاحات في ملف المحتجزين وأماكن الاحتجاز.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري توجّه إلى جنيف، أمس، لترؤس الوفد المصري المشارك في جلسة الاستعراض الدوري الشامل لأوضاع حقوق الإنسان في مصر بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان المقرر عقدها غدًا الثلاثاء.
ومن المقرر أن يلتقي عبد العاطي خلال زيارته مع مديري عدد من المنظمات الدولية والوكالات المتخصصة التي تتخذ جنيف مقرًا لها، كما يشارك في جلسة حوارية “بمركز جنيف للسياسات الأمنية” لمناقشة الأزمات الإقليمية ورؤية مصر إزاءها.
ويعد الاستعراض الدوري الشامل عملية فريدة تهدف إلى مراجعة سجلات حقوق الإنسان لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، حيث تتيح للدول الفرصة لتوضيح الإجراءات التي اتخذتها لتحسين أوضاع حقوق الإنسان والتغلب على التحديات التي تعيق التمتع بهذه الحقوق.
وخلال الاستعراض الأخير لمصر، في 2019، تلقّت الحكومة 375 توصية، شملت 28 توصية بشأن وقف توقيع عقوبة الإعدام، و7 توصيات تتعلق بالاختفاء القسري، و29 توصية متعلقة بوقف التعذيب وسوء المعاملة، و19 توصية تتعلق بالمحاكمات العادلة والمنصفة.