دراساتمقالات

العلمانية في الفكر العربي ( الحلقة – 1 – 4) عرض : علي رهيف الربيعي

عرض : علي رهيف الربيعي

العلمانية في الفكر العربي ( الحلقة – 1 – 4)
عرض : علي رهيف الربيعي
يرتبط مفهوم العلمانية ارتباطا شديد بالفكر الغربي . وقد ظهرت الفكرة أثر الدعوات المتكررة التي انطلقت منذ أواسط القرن السادس عشر ، وبعد الصراع الناشئ بين الكنيسة الكاثوليكية المسيطرة أنذاك على الحياة الدينية وعلى الحياة السياسية ، وبين الحركات البروتستانتية التي اعتبرت بمثابة إصلاح على المستويين الديني والسياسي . ومن ضمن هذه الدعوة كان التوجه لتحقيق نوع من الإصلاح يحقق فصلا بين الدين والسياسة ، واعتبار الدين علاقة إيمانية بين الإنسان وخالقه ، وذلك من أجل ضرب نفوذ الكنيسة القوي واعتبار السياسة طريقة تنظيم للحياة لا حاجة لها لرجال الدين . لكن سلطة الكنيسة ظلت مع ذلك قوية ، وكانت الثورة الفرنسية بمثابة اول تحقيق فعلي لهذه المبادئ إذ استطاعة الثورة ان تحد من سلطة رجال الإكليروس الذين مثلوا الدين في السياسة من ضمن تحالفهم مع النبلاء، ومن ضمن نفوذهم في البلاط.
كانت مبادئ هذه الثورة من أولى الأفكار التي تسربت إلى الشرق . وكان لها تأثيرها في توجيه الأفكار الإصلاحية ، ومنها الأفكار العلمانية . ولم يكن الاحتكاك بأفكار الثورة الفرنسية الاحتكاك الوحيد بين الشرق والغرب ، فقد تم هذا الاحتكاك بأشكال مختلفة وساهم فيه العدد الكبير من المصلحين في مصر وسوريا ولبنان ، إن بزيارتهم لبعض عواصم أوربا وتسجيل انطباعاتهم أو من خلال نشر هذه المبادئ في الصحف والمجلات التي انتشرت مع مطلع القرن التاسع عشر واسهمت إلى حد بعيد في نقل الأفكار ونشرها. يضاف إلى ذلك حملة نابليون على مصر بما اعقبها من نشر مبادئ جديدة وإدخال إصلاحات بدت فريدة في حينها . يضاف إلى ذلك بدء اتصال وثيق بين الشرق والغرب.
في هذا الجو وبسبب الانفتاح على الغرب بدأت استجابة المثقفين وذلك من ضمن اتجاهين متباينين . الاتجاه التقليدي . الداعي إلى اخذ موقف سلبي من الغرب بقيمه وعلومه ، والدعوة إلى نوع من السلفية تكون بمثابة تحصين من الغرب . والدعوة التحديثية التي اتخذت موقفا ايجابيا اتسم بالدعوة إلى التكيف مع الأشكال السياسية والإجتماعية الجديدة ، والاستفادة من العلوم والاكتشافات التي اعتبرت سببا في تقدم الغرب ورقيه وتفوقه . هذا الاتجاه الثاني يضعنا مباشرة أمام تيار الأفكار التي برزت في هذه الفترة ، والتي ننسبها إلى الاتجاه العلماني . ذلك ان الحركة الإصلاحية كانت تهدف كما قال محمد عبده 1849 – 1905، وهو ليس من المفكرين العلمانيين ، إلى تحرير العقل من قيود التقليد . وكانت جميع الانظار متجه إلى التفوق العلمي الذي اعتبر محك الأفكار الإصلاحية ، وغاية الإصلاح في آن . وقد ادت الرغبة هذه إلي بروز اتجاه عقلاني في التفكير . صحيح إنه لم يثمر في البداية كما يعتقد بعض الدارسين، إلا ان هذا الاتجاه كان الممهد لتقبل إصلاحات سياسية اول الأمر ولتقبل الأفكار الراديكالية في ميادين العلوم الاجتماعية والانتر بيولوجية.
يتبع..
المصادر :
(1)الموسوعة الفلسفية العربية المجلد الثاني، معهد الإنماء العربي.
(2)حوراني، ألبرت، الفكر العربي في عصر النهضة، بيروت، 1977
(3)شرابي، هشام، المثقفون العرب والغرب، دار النهار، بيروت 1981
2025 /01 /28

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب