مقالات

‘ حرب الضفة البداية أم النهاية ” بقلم ، أ . خضير بشارات -طمون-فلسطين –

بقلم ، أ . خضير بشارات -طمون-فلسطين -

‘ حرب الضفة البداية أم النهاية “
بقلم ، أ . خضير بشارات -طمون-فلسطين –
ترجل من المركبة و حمل نفسه إلى الشارع الرئيسي نحو مبنى البلدية لينتظر الباص الذي يقله إلى مكان عمله في عراق التايه ، أجواء مشمسة لا تنبئ بمطر كما تقول الأخبار الجوية منذ يومين أو أكثر ، توقف و راح يننظر لحظات حتى صعد و أدى تحية الصباح مارا إلى مقعده من بين الركاب فهم في معظمهم من المعلمات و الطلاب في مدرسة فلسطين داخل قرية عراق التايه أيضا، جلس مكانه و بدأ يقلب في جهازه متنقلا عبر صفحات الأخبار حتى و قعت عيناه على خبر يفيد وقوع عملية بطولية على حاجز عسكري صهيوني بالقرب من تياسير في الأغوار الشمالية مباشرة نقل الفرحة إلى صديقه القريب منه بعدما غير مقعده و تقدم إلى الكرسي الأولى بعد نزول المعلمات و طلاب المدرسة ، فاجأه صديق آخر أن العملية منذ وقت و نُشر عنها عبر الأخبار ، ترجلوا بالقرب من المدرسة و ذرعوا ساحتها نحو غرفة المدير للتوقيع و أداء سلام الطاعة دقائق حتى توافد المعلمون و الطلبة و دخلت إلى المدرسة الفوضى و انتشر الحديث بين المعلمين عن العملية و دارت رتابة اليوم كعادتها ، يقدم المعلمون حصصهم على مضض مرغمين عليها إنها قوة النظام البائس و يحملون المناوبة مُثقلين كواهلهم و لا حول لهم و لا قوة إلا التسليم بالواقع كما هو ،جاءت العملية في النقطة العسكرية بعد حصار شديد على المحافظة خاصة مخيم الفارعة و قرية طمون ، و هذا يؤكد الفشل الواضح و المستمر على قدرة الاحتلال الصهيوني العسكرية و الأمنية فكانت ضربة حامية كما تبثها صفحات التلجرام و تنقل الحدث بصور مباشرة و تصوير دقيق ، فكشفت زيف المنظومة الأمنية التي يرى نفسه بها ، شاب واحد يلبس بدلته العسكرية و يحمل سلاحه و إيمانه يتسلل إلى الحاجز من جهة الوادي أي شمال الحاجز و يمطر الكيان بالرصاص ،دخلت الحملة الأمنية على المحافظة يومها الرابع إذ بدأت في طمون صباح يوم الأحد الأول من شباط ثم تلاها مخيم الفارعة أغلقت العصابة الصهيونية المنطقة بالسواتر الترابية مداخل القرية كلها من جهة عاطوف و من مفرق العشارين و من المفرق الرئيسي و تدخل الالاليات من كل جانب من الوديان و من حاجز الحمرا ، جبات و جرافات و مدرعات و دبابات لأول مرة تستخدم في حملة عسكرية و طائرات لا تفارق سماء المحافظة، الزنانة و و أباتشي و هليكوبتر يبدو أنها توغل و اجتياح يعيدنا إلى زمن الانتفاضة الثانية و اجتياح مدن و قرى الضفة الغربية ، يدرك الاحتلال أنه يعاقب الأبرياء و لكنه لا يبالي بسياسة العقاب الجماعي لتحقيق ما يصبو إليه، كل ذلك يأتي في ظل و خضم الفرح الذي يعيشه الأسير الفلسطيني وأهله الذي تحرر بصفقة أطلق عليها طوفان الأحرار إنه الانتصار بعينه و أنت تشاهد قوافل الأسرى تعود إلى أعشاشها بعد عقود ، رأينا من خلالهم الوحشية الصهيونية و مدى هجمتها على الفلسطيني حيث يكون،ففي ظل السعادة التي ملأت الشعب الفلسطيني صباح الخميس الثلاثين من يناير و هو يتابع هيبة مقاتلو غزة أثناء تسليم الأسرى الصهاينة و طريقة تعاملهم مع الأسير و كيف يظهر برتابة عالية الأهمية تنم عن سمو الأخلاق الإنسانية و الدينية عند المقاتلين ، و هذا لم يشاهده العالم في الأسير الفلسطيني عند خروجه ، صورة مختلفة تماما بين عصابة الاحتلال و بين مقاتل يدافع عن دينه و وطنه، فما شاهدناه في الأسير الفلسطيني يعكس نازية الاحتلال و قسوة تعاملهم مع الأسير الفلسطيني هذا عدا عما يبوحون به بأنفسهم إذا استطاعوا الحديث لسوء حالهم و ضعف بنيتهم الجسمية ، فقد حرموا من الأكل والشرب و انهالت عليهم ضربات الجنود و يقتحمون الزنازين دون سبب مدججين بكل آلات الضرب لكسر معنوياتنا كما قال أحد الأسرى و هو على فراش المشفى لتلقي العلاج،أثناء متابعة الأخبار مساء الخميس و تشرئب العيون قبل الأعناق لرؤية الأجساد النحيلة و هي تدب على الأرض، عبر خبر إلى صفحات التواصل و سرعان ما كتبته قناة الجزيرة على أسفل شاشتها خبر عاجل : كلمة للمتحدث العسكري باسم كتائب القسام ، بعد قليل ، خرج بروح عالية ، تحدث للحظات و غاب صوته و صورته تشوشت القناة رغم ذلك دب الخبر كالهشيم في عقول المتابعين و هم يتابعون و يشاهدون نبأ ارتقاء ثلة من قادة القسام شهداء ، أعاد يوسف إلى الجزيرة لمرات ، لكي يسمع أنفاس المتحدث و هو يرتل الخبر و يقدم الشهداء من على منصة القتال خاشعا و يلوح بسبابته التي لا تتغير حركتها منذ سنين، أخيرا سمعنا الخبر على رأس ساعة إخبارية فصدح لسانه قائلا : نزف إلى شعبنا الفلسطيني و إلى أمتنا العربية و الإسلامية و إلى أحرار العالم ثلة من كتائب القسام الذين اثخنوا في العدو أنهم القادة محمد الضيف أبو خالد و رافع سلامة و أيمن نوفل و رائد ثابت و أحمد الغندور و مروان عيسى و غازي أبو طماعة ، كوكبة من الشهداء أناروا الطريق نحو القدس و التحرير ، قدموا أرواحهم رخيصة لتحيا الأمة و ليكسروا شوكة الاحتلال و ينكشف على حقيقته فهم الجبناء و زمرة مارقة عبر أزقة الزمن ستلفظهم كل الأزقة و الشوارع و الحارات في هذا الوطن ، سيمرون كالديدان المارقة و تزيل الرياح آثارها طال الزمن أو قصر ، خبر أدمى القلوب قبل العيون مزق نتوءات الجوارح الجياشة في النفوس ، أوقف البهجة المتدفقة بين الناس و غابت الفرحة التي انتصبت لخروج الأسرى ، كان المشهد غاصا ، اختلطت المشاعر و امتزجت الآهات مع تراتيل البوح الصباحي، ضربة تفتت صخور الصابرين على الجراح ، لا يستطيع الغقل البشري استيعاب ما حدث ، ثلة من الميامين فقدتها ساحة النضال و المقارعة مع الاحتلال،ترجل إلى ذاريات الشهادة من قارع العدو لغقود ثلاثة بل أكثر ، رجل الظل ، الذي لا تعرفه عدسات الكاميرات و لا يعرف شكله إلا قلة ممن يعملون في حدود إمارته، رجل سخر نفسه لإحياء الأمة ، و تحريك بصيص النار تحت رماد تكوّم على عقولها لسنوات طوال ، تأتي هذه الأنباء تباعا في ظل الظروف الصعبة التي تحياها فلسطين، اتفاق الهدنة المعرض لخطر الاحتلال فجيشه يضرب في
الناس بجوانب غزة ، يخترق الهدنة، يماطل في الإفراج عن الأسرى، شهداء في شارع الرشيد ، هذا إضافة إلى ذلك وحشيته في الضفة ، اجتياح لليوم الخامس في طمون، كل صنوف الدبابات استقرت في البلدة منعوا عن أهلها كل مقومات الحياة ، لا ماء و لا هواء و لا حركة ممنوع التجول ، يمنعون سيارات الإسعاف من دخولها ، قصف عنيف على بعض المناطق ، تهحير عائلات من منازلها و يتوجهون نحو الشرق عبر المجهول بحثا عن ذواتهم من جديد ، يعيشون حياة اللجوء و النزوح تحت قوة السلاح ، تدمر عصابة الاحتلال كل ما يمكن أن يقتات عليه الفلسطيني ، حطمت مواسير المياه الرئيسة ، تغلغلت بين البيوت البلاستيكية في منطقة عاطوف و عاثت في الزروع و وجرفت آبار المياه و دمرت الشوارع العامة و بين الحارات، قطعت أوصال المحافظة، سدت كل مداخلها بالتراب و نصبت قناصيها ، حرب مدمرة تسعى إليها الصهيونية في شمال الضفة الغربية في جنين و طوباس و طولكرم، يحدث كل هذا الدمار دون أن يحرك أحد ساكنا ، ليبقى المواطن وحده يعاني من سياسة الأمر الواقع الني تفرضها عصابة الاحتلال على الشعب الفلسطيني بهدف إخراجه من أرضه و منزله ، تجريف كل البنى التحتية في مخيم الفارعة ، إطلاق الرصاص على زجاج سيارات الإسعاف في طمون إحراق
المنازل في مخيم جنين، قصف عنيف على أزقة بعينها في مخيم طولكرم، تشديد على الحواجز المنتشرة بين أجزاء الضفة و منع الحركة لساعات ، زيادة الحواجز بشكل ملحوظ ، لا تكاد قرية أو مدينة أو مخيم إلا وحاجز يفصلها عن الجغرافيا التي تحيط بها ، انتهاكات واضحة لكل قيم الحياة ، تعمد إسرائيل على تنفيذها غير مهتمة بالإنسانية و قانونها الدولي ، فهو قانون لا يطبق إلا على الطرف الأضعف حيث العرب و أنظمة دولهم التابعة خطر حقيقي يواجه الفلسطيني أينما وجد ، في ظل الحصار المفروض على الضفة و رغم التضييق
الأمني و العسكري يحدث الاشتباك مع العدو بكل طرقه و بمختلف الوسائل المتاحة ، و ما دليل ذلك إلا عملية تياسير إذ اقتحم الشاب الحاجز العسكري بكل بسالة و شجاعة و أربك عصابة الاحتلال و غير قواعد الاشتباك فقد قُتل جنديان و أصيب ثمانية آخرون ، اعتلى البرج و صبّ كل غضبه و رصاصه على الجنود من أعلى نقطة
فيه ، اختراق أمني رهيب في منظومة الأمن الإسرائيلية المتهالكة فردوا عليه بوابل من الرصاص فخترق زجاج البرج ليطبقوا قوله تعالى : ” يخربون بيوتهم بأيديهم و أيدي المؤمنين ” ، احضروا الطائرات لنقل الجرحى و الموتى و لضرب الفدائي المتحصن داخل معسكر هم ، لم تظهر شخصية المنفذ إلا في اليوم التالي للعمليه أي يوم الأربعاء الموافق الخامس من شباط و ذلك عبر أهله فقد نشروا في إحدى صفحات التواصل المحلية قولهم : منذ عملية تياسير هو ابننا الشهيد محمد دراغمة رحمه الله و اسكنه فسيح جناته، و لم تصرح عصابة الاحتلال بأية معلومات حول الشخص المنفذ مما زاد في حيرة الأمر و تعقد الحديث فيه حيث مر ثلاثة أيام على وقع العملية ، حملة عسكرية موغلة في الوحشية و العدوانية تشنها عصابات الاحتلال بحق الأبرياء في كل مكان في وسط تحريض واضح من قيادة الكيان لتهحير الشعب الفلسطيني عن أرضه حيث بدؤوا يعدون الخطط و يقدمون الاقتراحات حول الدول التي بإمكانها استيعاب الفلسطينيين و ظهر ذلك جليا بعد زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية و لقائه مع ترمب و كأنهما ينصبان انفسهما المسؤولية الكاملة عن الوطن العربي و ما نحن إلا أدوات تدار حيث يريدون، لاقى هذا الخبر رفضا تاما وقاطعا من دول العالم سولء العرب منهم و الغرب أو الشرق ، فقد هدد ملك الأردن بالحرب اذا أقدمت إسرائيل على تلك الخطوة، كما وظهر موقف مصر الحازم و الجريء على فكرة التهحير كما و شهدت المنطقة حراكا دوبلوماسيا نشيطا في الساعات القليلة الماضية و لازالت مستمرة بين الرئيس الفلسطيني و ملك الأردن و في المنطقة كلها ، حالة من الهستيريا إصابة الشيطان الأكبر أمريكا، فراح يكتب و يوقع بما يناسب جنونه و غطرسته يعتقد أن الشعوب و العالم يأتمرون بامره و يهابون سلطانه الزائف ، يجهل حقيقة الشعوب و تشبثها بالأرض التي تنتمي لها ، رفض شعبي و جماهيري قاطع حول قضية التهحير و الخروج من أرضهم، فهي كرامتهم و عزهم و بها يرون أنفسهم و شخصيتهم الوطنية ، ما يحدث اليوم في الوطن لهو جريمة ترتكبها العصابة الصهيو أمريكية يتطلب من الجميع الوقوف بمسؤولية عند واجباتهم و تقديم المصلحة الوطنية على الحزبية و الذاتية المقيتة التي تفتت عضد الوحدة و الاتفاق، فنحن أكثر ما نحتاجه في هذه المرحلة الحرجة هو الوحدة الوطنية و قيادة تدرك حجم الكارثة التي أصابت الوطن و تعمل بما يحقق الحياة الكريمة لكافة الشعب الفلسطيني دون محاباة لشخص دون آخر أو لفصيل دون آخر نحتاج إلى نظام فيه العدل و المساواة و يسعى إلى الحرية و الاستقلال للعيش داخل الوطن الذي يسكن فينا و نسكن فيه .
تستمر المحرقة الصهيونية على الوطن بشقيه رغم اتفاق وقف إطلاق النار ، فالعدو يضرب العائدين إلى الشمال بلا سبب ، فيرتقي الشهداء ، لازالت المعونات الطبية ممنوعة الدخول ، تدخل شاحنات الإغاثة الإنسانية لكنها لا تلبي احتياجات الناس بالشكل المطلوب ، حالة الأبرياء تستحق الرثاء ، لا يملكون الخيم لتقيهم البرد و الشتاء ، ينامون تحتها و هي ممزقة ، رجل يمسك عامودها طوال الليل و شاب يمسك من زاوية أخرى عسى أن يمنع سقفها الممزق الماء عن النسوة أو الأطفال، الرياح تعصف بكل أجزائها و تتطاير عبر الفضاء الرحب ، فيبتلع الرجال و النساء حسرة الفقد و حسرة الخوف على الأبناء ، أولاد صغار تغرقهم المياه المتدفقة ، فتيات يتحاشين المطر و الريح بما يلبسن من ملاءات الصلاة ، و يرجفن دهشة و خيفة، و لازال الناس يتدفقون إلى منازلهم المهدمة علهم يفوزون ببناء خيمة على انقاضها، وهذا لسان حالهم ، إن
شاء سنرجع إلى بيوتنا مهما كان حجم الدمار و الخراب ، سنعمرها و سنبوس ترابها ، سنبقى صامدين فيها ، لا أحد يستطيع قلع جذورنا من هذه الأرض، يعمل الاحتلال بما يملك من أسلحة و بما يدخر من سياسة صهيونية على تصفية القرار الوطني الفلسطيني و ضياع الشعب الفلسطيني و تهحيره إلى دول مجاورة
أو بعيدة لتبقى الأرض فارغة و يقيم عليها كيانه المسخ و الغاصب ، فهو لا يدرك طبيعة العلاقة ما بين الإنسان الفلسطينيي و أرضه و إلا لما بذل كل ذلك في سبيل تحيق شيء لا يمكن تحقيقه ، و لا يراه الفلسطيني إلا ضربا من الهذيان و الأمر المستحيل تحقيقه، فما يقوم به الاحتلال في غزة و جنين و طمون و الفارعة إلا ليضعط على الناس و يخيفهم و يجبرهم على الرحيل و من ناحية أخرى هو يريد أن ينزع ثقة المقاومة من بين
الناس و ليجعلها شريحة منبوذة خارج نطاق الوطنية، فحري بنا أن ندرك حقيقة الصراع مع العدو حتى لا نقع في براثنه من حيث لا ندري ،
6 _ 2 _ 2025 م ، الخميس ، 48 : 04 ، مساء ،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب