بلدات لبنانية حدودية.. إسرائيل حولتها إلى ركام

بلدات لبنانية حدودية.. إسرائيل حولتها إلى ركام
الاناضول
بلدة كفركلا، الملاصقة لمستوطنة “المطلة” الإسرائيلية، واحدة من البلدات التي بدا الدمار واضحًا فيها، حيث أكوام الركام، والأراضي الزراعية المجرفة، وطرقات اختفت معالمها، إذ دُمّر 70 بالمئة من منازلها وأُحرق الباقي.
خلف جيش الاحتلال الإسرائيلي عقب انسحابه من المناطق الحدودية في جنوب لبنان، وخاصة تلك الملاصقة للحدود مع شمال إسرائيل، دمارًا هائلًا بالمباني والأراضي المجرفة، وتغيرت معالم وجغرافيا تلك البلدات بشكل كبير.
ويستمر سكان المنطقة اللبنانية الحدودية مع إسرائيل بالتوافد منذ الثلاثاء الماضي، عقب انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى بلدات منكوبة، مسحتها التفجيرات والغارات الإسرائيلية.
رصدت الكاميرات والأهالي الدمار الهائل بالمباني والمنازل، والخراب الذي لحق بالأراضي الزراعية، وأشجار الزيتون المعمرة المقتلعة من جذورها.
وتمكنت الأناضول من الوصول إلى مناطق قريبة من نقطتين من ضمن خمس نقاط احتفظت بها إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية، وهي نقطة الحمامص في بلدة كفركلا، ونقطة العزية بين بلدتي مركبا وحولا الحدوديتين.
وكان من المفترض أن تستكمل إسرائيل انسحابها الكامل من جنوب لبنان بحلول فجر 26 كانون الثاني/ يناير الماضي، وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار، لكنها طلبت تمديد المهلة حتى 18 شباط/ فبراير الجاري.
ورغم انقضاء فترة تمديد المهلة، واصلت إسرائيل المماطلة بالإبقاء على وجودها في خمس نقاط رئيسية داخل الأراضي اللبنانية على طول الخط الأزرق، دون أن تعلن حتى الآن عن موعد رسمي للانسحاب منها.
وبدأ عدوان إسرائيل على لبنان في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وتحول إلى حرب واسعة في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، ما خلّف 4,110 شهداء و16,901 جريح، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
أكوام من الركام وأرض مجرفة
بلدة كفركلا، الملاصقة لمستوطنة “المطلة” الإسرائيلية، واحدة من البلدات التي بدا الدمار واضحًا فيها، حيث أكوام الركام، والأراضي الزراعية المجرفة، وطرقات اختفت معالمها، إذ دُمّر 70 بالمئة من منازلها وأُحرق الباقي.
وفي هذه البلدة، أبقت إسرائيل على موقع عسكري ضمن النقاط الخمس التي لم تنسحب منها داخل الأراضي اللبنانية، وهي تلة الحمامص المشرفة على مستوطنتي المطلة وكريات شمونة الإسرائيليتين.

أما بلدة العديسة، التي تقع على كتف تلة يتمركز عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي بموقع “مسكاف عام”، فقد تحولت منازلها وطرقاتها إلى أكوام من الركام، رُفعت فوقها رايات حركة “أمل” و”حزب الله”.
وفي بلدة حولا، لم يختلف المشهد عن كفركلا والعديسة، سوى أن الموقع الذي بقيت فيه إسرائيل يفصل بلدة حولا عن مركبا في تلة العزية، حيث يظهر جنود الاحتلال الإسرائيلي عن قرب.
وانتشرت قوات الجيش اللبناني، إضافة لدوريات قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “يونيفيل”، في كل البلدات الملاصقة لحدود جنوبي لبنان بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي منها.
وشهدت تلك البلدات عودة الأهالي إليها بعد أكثر من عام من النزوح، ليجدوا دمارًا كبيرًا خلّفه جيش الاحتلال الإسرائيلي.
بلدات بلا حياة
وقال حسين سرحان، وهو مدرس إننا “عدنا إلى بلدتنا كفركلا يوم الأربعاء الماضي (عقب الانسحاب الإسرائيلي بيوم واحد)، وجدناها مدمرة كليًا، لا توجد حياة أبدًا فيها حاليًا، لكنها ستعود”.
وأضاف: “نسبة الدمار في البلدة تبلغ 100 بالمئة، حيث دُمر الحجر واقتلعت أشجار الزيتون التي يبلغ عمرها مئات السنوات، وهذه خسارة كبيرة”.
وتابع سرحان: “الطريق التي نقف عليها ليست كما كانت، إنما هذه أراضٍ مملوكة لسكان البلدة، افتتحها العدو الإسرائيلي حتى يلغي الطريق الأساسية القريبة من الجدار الحدودي، حيث يقع موقع عسكري لهم”.
“سنعمرها بسواعدنا”
ولفت سرحان إلى أن “هذه الطريق مؤقتة، وسنعاود فتح الطريق الأساسية التي طمرها العدو بالركام”.
وأشار إلى أنه “يملك قطعة أرض تقع على مسافة صفر من موقع إسرائيلي في مستعمرة المطلة، اقتلعت أشجار الزيتون منها، ولا نستطيع الوصول إليها، وهذا ما يحزننا”.
وقال: “بسواعدنا سنعيد إعمار بلدتنا لنجعلها أجمل مما كانت عليه، ولكن نحن بحاجة إلى بعض الوقت والصبر والتعاون”، مناشدًا “الدولة اللبنانية والدول المانحة دعم البلدات الحدودية، لأننا بحاجة لمبالغ طائلة لإعادة الإعمار”.
90 بالمئة دمار والباقي حريق
أما الرجل المسن محمد سلمان الشامي (86 عامًا)، من بلدة كفركلا أيضًا، فقال لمراسل الأناضول: “كان لدينا مبنيان من ثلاث طوابق ومنزل مستقل، جميعهم دُمّروا بالكامل، إضافة إلى أرض قريبة من الحدود كانت مزروعة بالزيتون”.
ولفت إلى أن إسرائيل لا تسمح له بالذهاب إلى أرضه حتى الآن لتفقدها، وأنه لا يعرف أي شيء عن حالة أشجار الزيتون خاصته.
وقال الشامي: “نسبة الدمار في الممتلكات بلغت 90 بالمئة، بينما العشرة بالمئة الباقية عمد العدو الإسرائيلي إلى إحراقها (…) لم يتركوا لنا شيئًا”.
وأضاف: “عدنا إلى بلدتنا لأننا مشتاقون إلى رائحة ترابها، حتى لو تعرضنا للقتل”.
وتابع الشامي: “الآن، لا يوجد أحد من السكان يعيش هنا، لأنه لا يوجد مكان مؤهل للسكن، حيث لا يوجد ماء، ولا كهرباء، أو اتصالات (…) الحياة معدومة، لكننا سنحييها”.