منوعات

رجال جمال مبارك إذا حضروا… والمناوي جبهة مساندة لمذيع «القاهرة والناس»!

رجال جمال مبارك إذا حضروا… والمناوي جبهة مساندة لمذيع «القاهرة والناس»!

سليم عزوز

يقولون: «إذا أفلس التاجر فتش في دفاتره القديمة»!
وكما التاجر المفلس فإن أهل الحكم في مصر بعد عشر سنوات من التجريب والفشل في مهمة صناعة الأذرع الإعلامية والسياسية، عادوا لتجربة جمال مبارك في الحكم، وإلى رجاله!
لم يصنع القوم ذراعاً إعلامياً واحداً مع أن الجنرال وضع فترة زمنية للمهمة وهي عشر سنوات، فبدى ما يصنع وكأنه حمل خارج الرحم، لهذا فلم يكن هناك بديل عن رجال العهد البائد، «مجبر أخاك لا بطل»، ومن الخفة القول إنه فعل لأنه امتداد لعهد مبارك، فهذا غير صحيح، ومن تابع ظاهرة «المتحولون» في مجال الإعلام لا يمكنه الثقة في اختيار مبارك، وللدقة نجله، فقد حدث التحول بقيام الثورة، ومن كانوا من قبل يحسبون على ملف التوريث، تحولوا إلى ثوار، ومن لم يتحول منهم، فقد كانوا ضحايا ظروفهم!
وأذكر أنني بعد تنحي مبارك، كتبت في هذه الزاوية أسماء عدد من الإعلاميين الذين سأفتقدهم وكنت أتعرض لهم هنا أسبوعياً وعلى مدى سنوات، وكان على رأسهم صفوت الشريف، وقد توقفت من بعدها عن ذكر مشتملاته، حيث كنت أسبق اسمه بالرائد متقاعد، وألحقه بعبارة «صاحب التاريخ الوظيفي المشرف»، فليس من الرجولة أن يتعقب المرء فاراً، أو أن يجهز على جريح، وكان من بين من ذكرتهم مقدم برنامج «حالة حوار» عبر التلفزيون المصري عمرو عبد السميع، رحمه الله!
ولم يحدث أن تواصل معي قبل الثورة، لكن صديق مشترك كان ينقل لي اعجابه بأسلوبي في الكتابة، وأنه يتابعني صباح كل سبت، وكان أول اتصال هاتفي منه في يوم كتابة اسمه بعد الثورة، وسألني إن كان فلان نقل لي اعجابه، وأجبته: نعم نقل لي ذلك أكثر من مرة. ثم أردف كيف أنه كان في السابق ينتظر ما أكتب بشغف حتى وأنا انتقده، لكنه يطلب مني – لأول مرة – ألا أذكر اسمه، لأنه – وحسب قوله – يريد أن ينساه الناس!
والتزمت بذلك، ولم أذكر ما قال، لكنه الآن في ذمة الله، ولن يضار بمثل هذا الاتصال، فضلاً عن أن الدائرة دارت علينا نحن، لا هو، ولو كان على قيد الحياة فربما تخطى الرقاب وأصبح في صدارة المشهد!

من المولاة إلى الثورة

بيد أن أزمة عمرو عبد السميع في أنه كان الأكثر استفزازاً للناس، لا ينافسه في ذلك إلا عبد الله كمال رئيس تحرير «روز اليوسف»، كما أنه كان يقدم برنامجه في التلفزيون المصري، وهو وإن تأخر في الالتحام بالثورة، فقد شهد ظاهرة ثوار ماسبيرو، فتم طوي المرحلة البائدة، ومع إصرار المجلس العسكري الحاكم على استمرار رئيس قطاع الأخبار عبد اللطيف المناوي، والتلكؤ في الانتصار لمطالب الثوار، فقد حدث ذات يوم أن أخرجوه من مكتبه بالقوة وفي حماية ضباط الجيش!
فلم يتمكن عمرو عبد السميع لفقده لبرنامجه من أن يتحول كما المتحولون، بجانب أنه كان الأكثر جرأة في انحيازه للسلطة، وكان ثقيلا فلم يتمتع بخفة محمود سعد مثلا، الذي بدا كما لو كان من شهداء الثورة، مع أنه كان يشارك في تقديم البرنامج الذي صنعه وزير الإعلام أنس الفقي على عينه، ربما مكنته توجهاته الناصرية القديمة من تعويم نفسه، ورأينا كيف أن بعضهم جاء لميدان التحرير، ومع أنهم طردوا من هناك، فقد قاموا بتطوير خطابهم حتى بدوا كما لو كانوا من المعارضين لمبارك، ومنهم من هم منغمسون في هذا الدور إلى الآن!
وكونهم انتقلوا من المولاة إلى الثورة، فإن هذا كفيل بألا يمنحهم الجنرال ثقته، فمن باع مبارك سيبيعه، وقد كان «أبو علاء» أكثر دراية بأحوال البشر، لأنه وإن قضى عمره في المعسكر، فإنه في النهاية ابن الريف، حيث الاختلاط الشعوري بالناس، وإذا كان لم يكره أحداً كما كره حرم الرئيس السادات، إلا أنه غضب عندما أساءت لها إحدى الصحف، وظل غاضباً لأيام، وفي الأخير فسر أسباب غضبه بقوله: «إن من يهاجم اليوم جيهان، بكرة يهاجم سوزان»!

حبيب العادلي ورعونة القائمين على أمانة السياسات

بيد أن جانباً من الاضطرار لاستمرار الذين باعوا مبارك عندما قامت الثورة، قد يكون مرده إلى «قلة الحيلة»، وهذا في مجال الإعلام، لكن الاستعانة الآن برجالات أمانة السياسات العائدين بقوة للمشهد، قد يكون اعجاباً بهذه المرحلة، فقد عادوا جميعاً بمن في ذلك أحمد عز، ولم يبق بعيداً سوى جمال مبارك، وحبيب العادلي وزير الداخلية، وهو أداة جمال في تحقيق طموحه وجنوحه!
وهذا الاعجاب الفطري بفلسفة نجل الرئيس الأسبق في الاختيار، يشبه كثيراً اعجاب البعض بالعادلي باعتباره أهم وزير داخلية عرفته مصر، وهي نظرة يدفع لها الجهل من ناحية، والحسرة على الماضي من ناحية أخرى!
فرعونة القائمين على أمانة السياسات في الحزب الحاكم برئاسة جمال مبارك تسببت، في إنهاء نظام مبارك الذي كان مستقرا لأكثر من عشرين عاماً، وبالحرس القديم الذي كان يعرف كيف يحافظ على نظام الحكم، باعتباره جزءا منه، فلم يكونوا مجموعة من «الوافدين» عليه!
وكان حبيب العادلي هو القوة المادية التي استخدمت في نهاية هذا العهد، فلم يكن كفوءا أبداً لمنصبه، ولو في إدارة حياته الخاصة، وهو من أدار انتخابات البرلمان في 2010، بالشكل الذي مهد لثورة يناير/كانون الثاني 2011.
مؤخراً خطت السلطة خطوة للأمام في اتجاه التمكين للجنة السياسات بدون جمال مبارك، فتم تعيين عبد اللطيف المناوي، رئيساً تنفيذياً للأخبار والصحف في الشركة المتحدة، وهو لم يغب عن المشهد منذ 2013، فقد اختاروه قائماً على جريدة «المصري اليوم» المملوكة أيضاً للشركة المتحدة، لكنه أصبح الآن السلطة الأعلى في صحف الشركة وفي القنوات الإخبارية، بعد أن كان رئيساً لقطاع الأخبار في التلفزيون المصري في مرحلة جمال مبارك، وهو بالمعايير المهنية صاحب تجربة فريدة في الفشل، عندما ابتعد بكاميرته في تغطية ثورة يناير، وكانت مصوبة على النيل وليس على ميدان التحرير، ليعطي انطباعا زائفا بأنه لا أحد في الميدان، كما كانت برامجه الإخبارية تسيء للثورة، وتشوه الثوار، وتتهمهم بأنهم عملاء للخارج!

لقاء العملاقة لميس وعبد اللطيف!

وكان قد خطا خطوة أخرى، عندما رأى قوات الجيش تحمي مبنى التلفزيون، فقال هذا ربي هذا أكبر، وإن كانت قوات من الحرس الجمهوري، لم يكن وزير الدفاع يعرف في البداية من أي سلاح هم. فإذا كان وزير الإعلام على تواصل مع الرئاسة وعومل على أنه فرد في أسرة الرئيس، فإنه كان على اتصال بالجيش، على النحو الذي ورد في مذكراته، ومع هذه العلاقة فإن التغطية لم تتغير، فلا زحام في ميدان التحرير، ومن هناك يمولون من الخارج، والاتصالات الهاتفية تؤكد على هذا المعنى، وأبلغهم اتصال «تامر بتاع غمرة»، الذي صار موضوعا للسخرية والتندر لفترة طويلة، ويمكن طلبه من اليوتيوب، فلم يفشل في انتزاع الابتسامة من فمي في كل مرة!
ولعل هذه العلاقة مع سوء التغطية تنفي الدعاية التي راجت بأن الجيش حمى الثورة، وقد شاهدت قبل أيام مقطعاً لحسام بدراوي أحد وجهاء الحرس الجديد للحزب الوطني، والعائد بقوة لصدارة المشهد، في مقابلة مع قناة «العربية» يتحدث عن أن الجيش نزل لا ليحمي نظام مبارك، ولكن ليلتحم بالثوار، والأقدر على الرد عليه هو عبد اللطيف المناوي، الذي كانت تغطيته ضد الثورة ومع تواصل لم ينقطع بقيادة الجيش!
ما علينا، ففي الأسبوع الماضي حدث لقاء العمالقة، بين لميس الحديدي مسؤولة الدعاية في حملة الرئيس مبارك في انتخابات 2005، وصاحبة آخر مقابلة تلفزيونية مع جمال مبارك بثها التلفزيون المصري، وقيل إنها على الهواء، ووضعت أرقام هاتف على الشاشة وجربت الاتصال، فإذا بالرد: هذا الهاتف ليس موجوداً في الخدمة، وبحثت في دليل التليفونات لأجده باسم أحد المحال التجارية في منطقة رمسيس، وقد كتبت كل هذا في الأسبوع نفسه ونشر في هذه الزاوية في «القدس العربي»!
العملاق الآخر في هذه المقابلة كان عبد اللطيف المناوي، الذي لم يتحدث في مجال وظيفته عن انهيار قنواته الإخبارية، وانهيار الصحافة والصحف في زمن الشركة المتحدة، وخطته للنهوض بها، ولكن جاء ليكمل مسيرة إبراهيم عيسى بالهجوم على حركة «حماس»، ويطالبها بالتوقف عن محاولة ادعاء النصر، إذن من انتصر؟ إسرائيل؟! هل يرضي أهل الحكم هذا؟!
سألنا عمن يقف وراء برنامج إبراهيم عيسى، الذي يهاجم المقاومة، ويتهمها بأنها السبب في تدمير غزة، حد احتفاء الإعلام الإسرائيلي بما يقول؟ وهو ما قاله عبد اللطيف المناوي، وقد مثل جبهة مساندة له عبر برنامج لميس الحديدي؟! لقد وصلت الإجابة!

 صحافي من مصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب