جهود عربية مكثفة لمواجهة خطة ترامب بشأن غزة

جهود عربية مكثفة لمواجهة خطة ترامب بشأن غزة
الدوحة- الرياض: قالت خمسة مصادر لرويترز إن الدول العربية، التي سارعت برفض خطة الرئيس دونالد ترامب لتولي الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة وإعادة توطين سكانه في دول أخرى، تكثف جهودها للاتفاق على مسعى دبلوماسي لمواجهة الفكرة.
أعلن ترامب عن خطته في الرابع من فبراير شباط مع صمود وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، وأثارت غضب الفلسطينيين والدول العربية وقلبت الدبلوماسية الأمريكية التي ركزت على حل الدولتين لعقود رأسا على عقب.
وفقا لمصادر مطلعة على المناقشات الدبلوماسية قبل الاجتماع، فإن الدول العربية التي تحاول التوصل إلى خطة بديلة لم تحل بعد قضايا حاسمة مثل من سيتحمل تكلفة إعادة إعمار غزة -وتقدرها الأمم المتحدة بأكثر من 50 مليار دولار- أو كيف سيتم حكم القطاع.
وطلبت المصادر عدم الكشف عن هوياتها لأنها غير مخولة بالتحدث إلى وسائل الإعلام.
ومن المقرر أن يجتمع زعماء دول خليجية بالإضافة إلى مصر والأردن في وقت لاحق من اليوم الجمعة في الرياض خلال ما وصفته السعودية بأنه اجتماع غير رسمي في إطار “العلاقات الأخوية الوثيقة”.
ولم يشر بيان الرياض رسميا إلى المناقشات بشأن غزة لكن مصادر قالت لرويترز إن الاجتماع، الذي سبقه وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس الخميس إلى السعودية، سيناقش اقتراحا مصريا في الأساس لمواجهة خطة ترامب “لتطهير” غزة وإعادة توطين معظم سكانها في الأردن ومصر.
وبحسب المصادر، قد يشمل اقتراح القاهرة تمويلا يصل إلى 20 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات تتعهد به في الغالب دول الخليج والدول العربية الغنية لكن لم تعلن أي التزامات حتى الآن.
وقال أحد المصادر وهو مسؤول مشارك في مفاوضات غزة لرويترز “التفاصيل ليست واضحة وهناك حيرة بين الأطراف المعنية بشأن ما تحتويه الخطة”.
وذكر مصدر مقرب من الديوان الملكي السعودي لرويترز أيضا أنه لم يتم الانتهاء من أي مقترح قبل محادثات اليوم الجمعة.
ولم يتضح بعد ما إذا كان القادة العرب سيتمكنون من التوافق على بديل موحد لخطة ترامب قبل اجتماع طارئ للجامعة العربية مقرر عقده في الرابع من مارس آذار في القاهرة.
ودعا السيسي يوم الأربعاء المجتمع الدولي إلى تبني خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين.
ويشعر الفلسطينيون وغيرهم في المنطقة بالقلق من أن يزعزع اقتراح ترامب استقرار المنطقة ويكرر “النكبة” التي وقعت في حرب عام 1948 مع إعلان دولة إسرائيل.
وحينها فر ما يقرب من 800 ألف فلسطيني أو أجبروا على الرحيل من منازلهم وقراهم، في أحداث فارقة أليمة في حياة الفلسطينيين.
وأجبر العديد منهم على العيش في مخيمات للاجئين في الأردن ولبنان وسوريا، وكذلك في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية حيث لا يزال كثير من أحفادهم يعانون بعد مضي أكثر من 75 عاما.
مخاطر كبيرة
يقول الفلسطينيون إنهم يواجهون معاملة تمييزية في بعض هذه البلدان، ويشكون في كثير من الأحيان من تخلي الدول العربية عنهم. بينما دأبت الدول العربية على القول إنها تبذل قصارى جهدها لنصرة القضية الفلسطينية.
والمخاطر كبيرة بالنسبة لمصر والأردن تحديدا. ويخشى السيسي أنه إذا انتقل عدد كبير من الفلسطينيين إلى بلاده أن يكون من بينهم أعضاء من حركة حماس التي يعدها تهديدا أمنيا.
فيما يخشى الأردن، الذي يضم عددا كبيرا من الفلسطينيين بالفعل، أن تكون خطة إعادة التوطين وصفة للتطرف الذي قد يتسبب في انتشار الفوضى في شتى أنحاء الشرق الأوسط ويهدد السلام بين المملكة وإسرائيل ووجود البلاد نفسها.
بالنسبة لعمان، فإن حديث ترامب حول تهجير مليونين من سكان غزة يكاد يقترب بشكل خطير من الكابوس الذي تخشاه المملكة ويتمثل في الطرد الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية، وهو ما يعكس رؤية يروج لها اليمين الإسرائيلي منذ فترة طويلة لاعتبار الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين.
في الوقت نفسه، تعتمد دول مثل مصر والأردن بشكل كبير على الدعم المالي والعسكري الأمريكي، وتحتاج دول الخليج إلى دعم واشنطن الأمني لذا قد تواجه تلك الدول صعوبة في اتخاذ موقف معارض بقوة لترامب.
وفي حديثه خلال مؤتمر في مدينة ميامي الأمريكية استضافته منظمة غير ربحية مرتبطة بصندوق الثروة السيادية السعودي، قال المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إن تصريحات ترامب بشأن غزة تتعلق أكثر بتجربة حلول مختلفة عن تلك المقترحة على مدى العقود الماضية.
وقال المسؤول المشارك في مفاوضات غزة إن أطرافا رئيسية مثل الأردن والأمم المتحدة لم يضطلعا بدور في صياغة الأفكار التي من المتوقع أن يطرحها السيسي، مضيفا أنه لم تتضح الكيفية التي ستدار بها غزة.
وتوقع مصدران أردنيان عدم تطرق البيانات العامة لقضايا شائكة مثل الدور المستقبلي لحماس لكن من المتوقع التوصل إلى إطار سياسي واقتصادي أكثر اكتمالا في قمة جامعة الدول العربية في القاهرة الشهر المقبل.
خلافات حول الحكم
تصر إسرائيل دوما على رفض أي دور لحماس في قطاع غزة بعد الحرب، لكن في الوقت نفسه تظهر استطلاعات للرأي أن السلطة الفلسطينية المنافسة للحركة لا تحظى بشعبية كبيرة سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.
وقال مصدران مصريان إن اقتراح القاهرة يتضمن تشكيل لجنة وطنية لإدارة القطاع وإعادة إعماره عبر تأسيس صندوق تموله دول الخليج والولايات المتحدة وبلدان أجنبية ومنظمات تمويل.
وأضاف المصدران أن الأمر في الوقت الحالي لا يتجاوز كونها مجرد أفكار تتطلب التنسيق العربي إضافة إلى تعهدات بالتمويل لكي تمضي قدما.
ومن المتوقع أن تكون التزامات التمويل ضرورية لتحويل أي مقترح عربي إلى بديل مقبول لترامب. لكن دول الخليج المنتجة للنفط قالت إنها سئمت من تمويل إعادة الإعمار مع تكرار دوامات العنف والدمار.
ومن المتوقع أيضا أن تقدم السلطة الفلسطينية اقتراحها المتعلق بحكم القطاع اليوم الجمعة. ويشمل استحداث منصب نائب لرئيس الوزراء يتولى إدارة القطاع ويعمل مباشرة تحت إشراف الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
غير أن القاهرة اقترحت خطة مختلفة لإدارة غزة من خلال ما يسمى بلجنة إسناد مجتمعي من المتخصصين غير المنتمين إلى فصائل أو جماعات تكلف بإدارة المعابر الحدودية والخدمات داخل القطاع وإعادة إعماره.
وتصاعد الخلاف حول حكم غزة، إذ عبرت حماس أمس الخميس عن استغرابها من تصريحات للأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية أشار فيها إلى أن تنحي الحركة يمثل مصلحة للشعب الفلسطيني.
وقالت حماس إنها “أبدت أقصى درجات المرونة في صياغة مقاربات سياسية وإدارية لإدارة قطاع غزة خلال الحوارات المتعددة”.
وقال عبد العزيز الغشيان، وهو محلل سياسي سعودي “حاليا يتعين على الدول العربية أن تطرح شيئا على الطاولة، فالكثير من الأمور يعتمد على ذلك”.
(رويترز)