ملاذ لآخر الملائكة

ملاذ لآخر الملائكة
عباس الحسيني
وهم يعبدون حلم العودة
ما زالوا يجمعون عظام التأريخ
وتردي انقلاب السماء على المروءة
البنفسج غائم في بحبوحة الموت
وهذا المساء محطة أخرى
لتوصل العاشق المستبد إلى
خلوة الناي والمنطلق
يقول لها انتظريني تحت جنح المخيم
تقول له انتظرني خارج سرب الكلمات
ثمة ابتكار يعيد إليهما طمأنينة الحياة
أن تعيش بلا يدين
وبلا عينين
وبلا قدمين
خير لك ان من تعيش بلا عودتين
مرة لها
وأخرى إلى صميم ثراها
ورائحة التراب في تشرين
ذلك الشارع الذي أوصد حجر النبوءة
وهذه الأرض بتول
كما استندت إلى صدرها
أشجار البرتقال
وأنت تخجل من صوتها
من أنوثتها التي تعبر بحار الغزاة
من قسماتها الموتورة
بفكرة الخلاص الأبدي
من تضاريس موت
يدرك أهمية الرصاص في لحمنا
ويدرك خجل الزيتون من عشقنا
ويدرك أهمية الغياب في شراشف النهار
تطل علينا سيدة الأرض
بشذى صدرها البلوري
وأنت تعابث شعرها الغجري
تركت لكما كمثرى وفنجان قهوة
وشيئا من عصارة الجوع
تدبر طريقك إلى الموت
فتلك الشجيرات تفتق أسرارها وهي تذوي
ومسار بغداد لا يصل إلى أبي نواس
لقد هجرتك العواصم
وأدرك شهريار إصرارها على الكذب
اعد لكما قلنسوة من مواجع البرد
لنلتقي في عاصمة محايدة، في أرض خجولة
تضج بقمح التشفي
وراية الخلاص الأخير على مداخل الحب
ستكون رمسا مذهبا كأي ولي
يوحشه اسوداد الخيام
ستنقلب على سرك الأخير
وملمس الوبر في عقد بدوية
لا يدخل الملوك القرى
ولا تنهج الأرض صبابة الموشح
ولا يهمس الطفل بغير جوع الجهات
من لنا غيرك، أيها الموت؟
من لهذه الأعضاء
غير حقيقة حضورك وحتمية غيابنا؟
بك وحدك تستعاد بوصلة المحارب
وتميمة الصابر
ورأفة القبلة في كبد عاشق يتلظى
وما كنت لتفسر ذاك المساء
لولا حتوف التشفي
وما كنت لديهم
أيهم
يكفل حلمنا
أيهم
يشبه موتنا
أيهم
يعابث نجمنا
شاعر عراقي
شاعر ومترجم عراقي