مقالات

الجيل العربي الذي كبر في أحضان العروبة بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب-استاذ جامعي -دمشق -سوريا –

بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب-استاذ جامعي -دمشق -سوريا -

الجيل العربي الذي كبر في أحضان العروبة
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب-استاذ جامعي -دمشق -سوريا –
كنا صفاراً وكنا نلهو في الحارات،وعلى البيادر،وبين القباب..كنا صغاراً نذهب إلى الوادي لنقطف الجرجير والدردار والخبيزة،ونجلس قرب النبع الصغير نغسل ما قطفناه،ونخرج رغيف الخبز،ونشرع في الأكل،ونعود إلى دورنا،بعد أن أكملنا سيراتنا.وجاء الشيخ الخطيب إلى قريتنا،وأصبح إماماً للجامع،وذهبنا إليه لنقرأ القرآن،الشيخ طه الخطيب الصفدي الفلسطيني،صاحب اللحية البيضاء التي تفوح نوراً وهيبةً.وبدأنا نسمع عن فلسطين واليهود،ونسمع عن نضال الشعب الفلسطيني دفاعاً عن عروبتها.
كبرنا يا فلسطين،وكبر فينا الوعي بأنك درة الوطن العربي ،بدأت ثقافة القرية تكوننا تكويناً جديداً لم نعرفه من قبل،وحتى ثقافة القرية راحت تدخلها مفاهيم لم تعرفها من قبل.وكنا نتساءل فلسطين !ما هي هذه فلسطين التي جاءنا هذا الشيخ الذي كان يناديه أهل القرية:ياشيخ أبو أحمد،ومابينهم وفي أحاديثهم اليومية،الشيخ طه الفلسطيني،المهاجر خوفاً،من العصابات الصهيونية. ورب السموات والأرض لم نكن نعرف فلسطين،وما يقوله
أهلنا  :العصابات الصهيوني. وأذكر بهذه المناسبة إنه ألقى خطاباً في مسجد القرية،من يوم جمعة،فأبكى الجميع،حتى أن الحاج حمادة،صرخ قائلاً ومناشداً الشيخ طه:حاجي ياأبو أحمد أبكيتنا ذبحتنا.
وبكى الشيخ طه وأكمل خطبته،في حوارنا الداخلي ،وفي أعقاب هذه الخطبة أعدنا سؤالنا:فلسطين ماهي حتى أبكت الجميع،والعصابات من هم.؟
كناانذاك صغاراً في قرية،لاكهرباء ولاماء ولاسيارات ولا عجلات نسمع عن حماه ولانعرفها،إلا بعد نزولنا لمدرسة الأيتام.وتلاقينا في هذه النزلة،مع مظاهرة،يهتف شبابها ورجالها:
فلسطين فلسطين عربية عربية.
وبدأنا نكبر..وبدأ وعينا يكبر..نعم كنا صغاراً وترافق مشوار عمرنا مع فلسطين وعروبة فلسطين،ورحنا نشارك في المظاهرات،إنطلاقاً من مدرسة مصطفى عاشور ،فدار العلم فعمر بن الخطاب في حمص.فثانوية ابن رشد.
كبرنا وكبرت معنا فلسطين،التي أصبحت في ثقافتنا الشعبية من مفاهيمها وعناوينها،مفاهيم وعناوين تحتل عمق وعينا، وحوارنا الداخلي.ومن عمر الطفولة،حتى عمر الشباب،كان نشيدنا الداخلي اليومي،قضايانا العربية المصيرية،كم هتفنا لإسكندرون،والقاهرة وبغداد والجزائر وتونس.
في جيل عربي هذا وعيه،لانعرف ولاءنا لسوريا إلاّ بعروبتها،والعروبة في وعينا لها تجليات إسلامية،لها برهانها في منازلاتنا للمشاريع الاستعمارية،المتمثل في كل نداء نتوجه به ضد الإمبريالية.
سن المراهقة،غاب فينا يوم أصبحت فلسطين عروستنا،ويوم غدت العروبة هويتنا،متجاوزة الولاءات دون القومية العربية. كم هتفنا ولاء وانتماء لفلسطين العربية،إنطلاقاً،من وعينا بعروبتنا،الذي كونته ثقافتنا العربية الشعبية.وأذكر بهذه المناسبة يوم وقف أحد رفاقنا هاتفاً وصارخاً من جوانيته:لاشرقية ولاغربية،بل وحدة عربية،هذا الهتاف الذي إلهب حماسنا،،فانطلقنا نغني:هي يابعث العروبة الله يديمك فيك توحيد البلاد العربية.
والآن وقد كبرنا ،ثم شخنا وهرمنا،نستذكر طفولتنا،يوم كنا صغاراً،فكبرنا و كبرت أحلامنا بوحدة عربية،تعيد مجد الجمهورية العربية المتحدة،ولم تهرم وتشيخ قضايانا،ونقول لأجيالنا العربية،صغاراً وكباراً،العروبة هويتنا،والإسلام عقيدة وثقافةً رسالة خالدة للأمة العربية،وهي تعيش معركة مصيرها،على دروب دورها الحضاري،مع الصهيونية العالمية إذاً؛كنا صغاراً ثم شباباً في عقد الخمسينات من الألفية الثانية
نهتف :لاشرقية ولاغربية بل وحدة عربية،ونحن على ذكريات ذلك التاريخ،يوم كان لواء إسكندرون والأحواز وفلسطين جنباً إلى جنب في هتافنا يوم كنا نتظاهر تلبية لهمومنا العربية،واليوم لابد أن نحيي ذلك الولاء والانتماء لأمّتنا العربية،فنهتف من قلب سوريا العربية:لاشرقية ولاغربية..ولا تركية ولا إيرانية بل
وحدة عربية من المحيط الهادري…إلى الخليج العربي.
د -عزالدين حسن الدياب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب