الصحافه

هآرتس: كيف أصبحت السعودية “عاصمة القرارات العالمية” في عهد ترامب؟

هآرتس: كيف أصبحت السعودية “عاصمة القرارات العالمية” في عهد ترامب؟

السعودية الغنية بالنفط والتي لها تأثير إقليمي كبير، كانت مفيدة جداً إلى درجة لم تتمكن إدارة بايدن من الابتعاد عنها لفترة طويلة. الآن، بعد بضعة أسابيع على بدء ولاية ترامب الثانية، الذي طور علاقات دافئة مع السعودية في ولايته الأولى، بدأت أسهم السعودية ترتفع. هذا رغم أن نهج الرئيس تجاه المنطقة لا يروق للسعوديين دائماً.

العاصمة الرياض، استضافت الأسبوع الماضي قمتين عربيتين مهمتين للدبلوماسية العربية. الجمعة، اجتمع فيها زعماء الدول العربية لإعداد اقتراح يهدف إلى إقناع ترامب بعدم طرد مليوني غزي إلى دول عربية وتحويل القطاع إلى نوع من “ريفييرا الشرق الأوسط”.

قبل ذلك، التقت في العاصمة السعودية شخصيات رفيعة، أمريكية وروسية، لإجراء محادثات حول إنهاء الحرب في أوكرانيا. نزل الوفد الروسي في فندق “ريتس كارلتون”، وهو المكان الذي حبس فيه الحاكم الفعلي للسعودية ولي العهد محمد بن سلمان، مئات رجال الأعمال وبعض أبناء العائلة المالكة في محاولة مسبقة لترسيخ قوته. ادعت السعودية الرسمية في حينه بأن الأمر يتعلق بخطوة ضد الفساد. أما الآن، فقد أظهرت السعودية وجهاً مختلفاً كلياً، وقائمة طعام تشمل -حسب تقارير التلفزيون الروسي- مأكولات عربية وغربية (المحار، القريدس والسلمون، والكنافة). “دولة سلام”، كان هذا الشعار الذي رافق المنشورات التي تناولت المحادثات في الحسابات الحكومية. في أماكن أخرى، تمت تسمية المملكة في هاشتاغ “عاصمة القرارات العالمية”.

في لقائه مع مبعوثي ترامب إلى الرياض، قال بن سلمان: “سنكون مسرورين جداً من التعاون معكم ومع الرئيس ترامب وإدارته. أؤمن أننا نستطيع تحقيق أمور إيجابية من أجل السعودية ودول كثيرة في أرجاء العالم”. في الأسبوع الماضي، ألقى ترامب خطاباً في قمة الاستثمارات في ميامي بيتش، التي استضافها صندوق الثروة السيادية للسعودية. وأثنى في خطابه على دور الرياض في المحادثات بين روسيا والولايات المتحدة.

انتظرت السعودية أحداث الأسبوع الماضي بصبر. الزعماء التقليديون في العالم العربي، ومن بينهم الرئيس المصري والرئيس العراقي والرئيس السوري، ضعفوا بعد سنوات من عدم الاستقرار الداخلي. في ظل ولي العهد محمد بن سلمان، استغلت السعودية أهميتها وثروتها ومكانتها كحامية لعدد من الأماكن الإسلامية المقدسة لملء الفراغ. “الدبلوماسية المغطاة إعلامياً تستخدم لإظهار نفوذ المملكة العالمي وقيادتها الإقليمية”، قال حسن الحسن، وهو زميل بارز للشؤون السياسية في الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. وقد أشار إلى أن ضعف النفوذ الأمريكي في الساحة الدولية يسمح “للاعبين نشطين”، مثل السعودية، بتعزيز نفوذهم.

المحللون، ومن بينهم مقربون من البلاط الملكي، قالوا إن السعودية تمكنت من تطوير علاقاتها مع جهات خارج الولايات المتحدة في فترة التوتر مع إدارة بايدن، الأمر الذي عمل في صالحها في المحادثات بين أمريكا وروسيا الأسبوع الماضي.

في السنوات الأخيرة، أقامت السعودية علاقات اقتصادية مع الصين وامتنعت عن التماهي مع أحد الطرفين في المواجهة بين روسيا وأوكرانيا. هذه الحيادية مكنتها من التوسط في تبادل الأسرى بين الدولتين وتبادل الأسرى بين روسيا والولايات المتحدة، وأيضاً استضافة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. في الأسبوع الماضي، بالمناسبة، ألغى زيلينسكي زيارته المخطط لها إلى السعودية بعد أن تم إبعاده عن المحادثات بين أمريكا وروسيا حول الحرب.

ورسخت السعودية نفسها أيضاً كـ “الجائزة الكبرى” لإسرائيل إذا تم تحقيق التطبيع بين إسرائيل وجيرانها العرب، الأمر الذي يعطي السعودية الرافعة للتوصل إلى حلف دفاع مع أمريكا. السعوديون يربطون الموافقة بموافقة إسرائيل على الدولة الفلسطينية – الحلم الذي لم يتنازل معظم العالم العربي عنه ذات يوم. المحادثات المتواصلة مع الولايات المتحدة وإسرائيل من أجل التطبيع، التي تشمل التطلع إلى مساعدة في تمويل إعادة إعمار القطاع، جعلت السعودية خياراً طبيعياً للمؤتمر الذي شاركت فيه مصر والأردن والإمارات وقطر، الذي عقد الجمعة الماضي.

“الصفقة الكبيرة” المخطط لها بين السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة، اقترحتها إدارة جو بايدن في البداية، الذي اعتبر الاتفاق فرصة، اختار ترامب السعودية في ولايته الأولى لتكون أول دولة يزورها، وهي الزيارة التي رفعت السعودية إلى مكانة صديقة موثوقة وشريكة في الشؤون الدولية.

“ترامب يعتبر السعودية زعيمة العالم العربي”، قال حسين إيبش، وهو زميل في “معهد سياسات الخليج العربي” في واشنطن. أرادت السعودية التعامل معها هكذا، وفي فترة إدارة ترامب يتعاملون كذلك

حسب أقوال ترامب، اختيرت السعودية لتكون المكان الذي يعقد فيه اللقاء المحتمل الأول مع بوتين منذ عودته إلى البيت الأبيض، بسبب علاقة الزعيمين مع ولي العهد السعودي. مع ذلك، عودة ترامب إلى البيت الأبيض تعرض للخطر عملية مهمة جداً لبن سلمان، وهي التوصل إلى حلف دفاع مع الولايات المتحدة ومساعدتها في تطوير المشروع النووي المدني مقابل التطبيع مع إسرائيل.

يقول الخبراء إن طرد الفلسطينيين من غزة، كما يقترح ترامب، لن يكون جريمة حرب وخرقاً للقانون الدولي فقط، بل سيمحو أي أمل لإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية. للفلسطينيين تأييد كبير جداً في أوساط الشعب السعودي، وأظهر الأمير محمد بن سلمان أنه لن يعمل ضد طموحات شعبه. لذلك، أعلنت الحكومة في الرياض، رداً على اقتراح ترامب، أنها لن تطبع علاقاتها مع إسرائيل ما لم تقم دولة فلسطينية. هذا الشرط المسبق الذي صممت عليه السعودية في السنة الماضية، “غير خاضع للتفاوض، ولا تنازل عنه”، قيل هذا الشهر في بيان وزارة الخارجية السعودية.

“نيويورك تايمز”، وفيفيان يي وإسماعيل نعار

هآرتس 26/2/2025

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب