ثقافة وفنون

دلالات «الطريق» في الأفلام السينمائية والقصص الإنسانية المؤثرة

دلالات «الطريق» في الأفلام السينمائية والقصص الإنسانية المؤثرة

كمال القاضي

الطريق في معناه المجازي والتوظيفي داخل القصص السينمائية هو الاتجاه الذي يسلكه البطل، أو البطلة في سياق الأحداث ويكون له تأثير خاص في رحلة الحياة والمصير، وكثيراً ما تم بناء الوقائع والتفاصيل على مفهوم الطريق ودلالاته في أفلام مصرية اجتهد كُتابها لإحداث التأثيرات التراجيدية المطلوبة درامياً، للفت انتباه المُشاهد.
وهناك أفلام تضمنت عناوينها بشكل صريح كلمة الطريق، للإيحاء بالمعنى واللعب على وتر التأثير الإنساني لما وراء الكلمة بذاتها، فهي تأخذ في كثير من الأحيان أبعاداً مُختلفة ويتم تأويلها وتفسيرها على أكثر من وجه، حسب الحالة وما ينتُج عنها من حكايات وحواديت وتلميحات وإسقاطات لها بالقطع سياقها الخاص، الذي يربط بينها وبين مُجمل الأحداث ويُعوض عن المعنى المطلوب.

«امرأة في الطريق»

من بين هذه النماذج فيلم «امرأة في الطريق» للسيناريست عبد الحي أديب والمخرج عز الدين ذو الفقار، وبطولة رشدي أباظة وشكري سرحان وزكي رستم وهدى سلطان، هذا الفيلم تم إنتاجه عام 1958 ولعب فيه المخرج على عناصر التأثير كافة، من الناحية العاطفية والناحية الإنسانية، حيث أفرد كاتب القصة والسيناريو مساحة واسعة تسمح بإعطاء الفرصة لاستغلال الصراع الدائر بين الأبطال الأربعة وتأويل المفاهيم الخاصة بالعلاقة التي تربط كل منهم بالآخر، حسب رؤية كل شخص.
ويمكن القول إن مبدأ الغواية الذي تبنته البطلة هدى سُلطان في تعاملها مع كل العناصر، الزوج والحبيب والأب كان هو الخيط الرفيع الذي ربط عنوان الفيلم بمضمونه، في ضوء اجتهادات المرأة اللعوب لإحداث الفتنة والوقيعة بين الرجال الثلاثة، بما يوحي بالمعاني المُثيرة ويُضاعف تركيز المُتلقي على التفاصيل الدرامية، ويُزيد من الإقبال الجماهيري على الفيلم، وفق المُعادلة المُتفق عليها ضمناً بين الكاتب والمخرج والأبطال والمُنتج.

«الطريق المسدود»

ويُعتبر فيلم «الطريق المسدود» المأخوذ عن قصة الكاتب إحسان عبد القدوس، والذي أخرجه صلاح أبو سيف، أحد العلامات السينمائية الدالة على مفهوم الطريق، كمسلك ومسار ومعنى وهدف، فالأحداث تتناول حياة فتاة مُستقيمة (فاتن حمامة)، ترفض المُضي في طريق شقيقاتها المُنحرفات، وتُصر على استكمال دراستها للارتقاء بحياتها والابتعاد عن طريق الرذيلة. وهو تأكيد على رسالة إنسانية مهمة طالما ركزت عليها الفنانة الكبيرة في مُعظم أفلامها، حيث تبنت مفهوم النقاء والعفة وأهميتهما لدى الفتاة الشرقية كرأس مال لا ينفد أبداً، ومردوده مضمون العائد، في اكتساب السيرة والسمعة الطيبة وضمان تربية الذرية والأولاد تربية حسنة، في إطار التمسك بالفضيلة كمقوم أساسي للحياة الاجتماعية السليمة.

«الطريق»

وبامتداد خط الإنتاج السينمائي المصري لهذه النوعية من الأفلام في فترة الستينيات، وبالتحديد في عام 1964 نلحظ توافر المواصفات الإنسانية والتراجيدية ذاتها، في تفاصيل فيلم «الطريق»، المأخوذ عن رواية «الطريق» لنجيب محفوظ، فالمخرج حسام الدين مصطفى قدم رؤية فضفاضة لحياة الأبطال، شادية ورشدي أباظة وسُعاد حسني وتحية كاريوكا، محورها الأساسي هو الانحراف عن جادة الصواب، والميل إلى اتباع الشهوات وصعوبة الاختيار بين الحُب الصادق النظيف والنزوات التي أسرت البطل، وسيطرت علية فأثرت على مصائر من حوله.

«اتنين على الطريق»

ويتكرر استخدام الطريق في عنوان فيلم آخر هو «اتنين على الطريق» بطولة عادل إمام وشمس البارودي وإخراج حسن يوسف، إنتاج عام 1984، فالأحداث مستوحاة من فيلم أمريكي بالعنوان نفسه، تم تمصيره ليُصبح فيلماً عاطفياً سياسياً، تدور تفاصيله حول ما سُمي في فترة الستينيات بمراكز القوى، ولأن المضمون بشقيه العاطفي والسياسي يتفق مع رمزية الطريق وما توحي به الكلمة من صعوبة الرحلة التي جمعت بين البطلين على المركب. فقد جاء العنوان لائقاً إلى حد كبير بالأحداث والمفهوم والمعنى، غير أن هناك تميزاً من نوع آخر لهذا الفيلم كونه من إخراج النجم الراحل حسن يوسف، في تجربة لم تكن مُتكررة في حياته الفنية.

«طائر على الطريق»

وتأتي التجربة الأكثر إنسانية والأحدث نسبياً في ما هو مُتصل بتوظيف الطريق ككلمة ومعنى، مُتمثلة في فيلم «طائر على الطريق» للمخرج محمد خان والكاتب بشير الديك، بطولة أحمد زكي وفردوس عبد الحميد وفريد شوقي، فالبطل هنا سائق سيارة أجرة، يُمثل الطريق بالنسبة له واقعاً يومياً في حياته، فمن خلاله يُصادف أشكالا وألوانا من البشر، وفي الوقت نفسه يأتي الطريق في السياق العام، كإشارة للمصير المُترتب على المُصادفة التي تضع البطلة أمام البطل فتنشأ بينهما قصة حُب غير مُتوقعة.
وبموجب العلاقة العاطفية الناشئة على غير اتفاق أو موعد بين البطلين دار الصراع القاسي والمؤلم، كون البطلة متزوجة من رجل شرير وصاحب سطوة (فريد شوقي)، ما نتج عنه مستوى آخر من التراجيديا تم الكشف عنه في نهاية الأحداث.
وتعددت الأنماط السينمائية والأفلام التي اتخذت من معنى الطريق محوراً ومسمى، فهناك فيلم «تلاته على الطريق» للمخرج محمد كامل القليوبي بطولة محمود عبد العزيز وعايدة رياض، وفيلم «الطريق إلى إيلات» وهو الأشهر للمخرجة إنعام محمد علي، حيث دارت أحداثة حول العملية التي قام بها رجال البحرية المصرية لتدمير ميناء إيلات الإسرائيلي الحربي بتخطيط من جهاز المخابرات المصرية في أعقاب نكسة 67 ضمن بطولات حرب الاستنزاف التي امتدت لسنوات وتكبد خلالها العدو خسائر فادحة .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب