رمال تتحرك تحت أحزاب الأردن: رفاق يفصلون وقادة يتنازعون وخطط دمج في الطريق

رمال تتحرك تحت أحزاب الأردن: رفاق يفصلون وقادة يتنازعون وخطط دمج في الطريق
بسام البدارين
مراجعة مسار مرحلة ما بعد الانتخابات قد تؤدي إلى تفكيك وإعادة ترتيب داخل هيئات حزبية متعددة على جبهتي الوسط واليسار.
عمان ـ لا تقف الهزات الارتدادية داخل العديد من الأحزاب السياسية الأردنية عند حدود رغم قرب انتهاء الدورة العادية الأولى للبرلمان بعد الانتخابات المثيرة للجدل حيث المزيد من المؤشرات على أن الرمال المتحركة تمضي قدما بدون بوصلة تحت أقدام العديد من الهيئات الحزبية.
آخر اشكالية نتجت عن خلافات وتصدعات طالت الحزب المدني الديمقراطي والذي يعتبر أعرق تجربة في مجال الأحزاب مدنية الطابع، حيث قررت الأمانة العامة للحزب تحويل القيادي البارز والمؤسس وهو النائب السابق قيس زيادين بذريعة ارتكابه عدة مخالفات وانعقاد محكمة حزبية لهذا الغرض تمهيدا فيما يبدو لفصله بصورة نظامية.
عمليا زيادين ناشط سياسي بارز وأحد أركان تجربة التيارات المدنية، لكن تصدعات داخل تياره انتهت باحتقانات مع أنه يشكل إحدى الروافع الأساسية لتجربة العمل المدني في كل الأحوال.
قبل ذلك أعلن حزب العمال الوسطي وإثر خلافات ومخالفات براءته من عضو البرلمان محمد الجراح الذي نجح بالانتخابات عن مقعد يتبع الحزب، لكن حزبه فصله من سجلاته ثم طالب بمقعده البرلماني، الأمر الذي يبت فيه القضاء الإداري.
حزب العمال أيضا نازع الجراح في مقعده البرلماني بعد فصله والمسألة تثير انتباه الرأي العام والنقاش بخصوص تبعية مقعد الحزب البرلماني في حالات مماثلة.
مشكلة أخرى في أحد الأحزاب اليسارية العريقة حملت توقيع خلافات علنية مع القطب اليساري المخضرم بسام حدادين، ولم يعرف بعد على ماذا اختلف «الرفاق الحائرون» ولا كيف سينتهي الخلاف الجديد.
في الأثناء خلافات وتصدعات واستقالات حصلت هنا وهناك وهزات ارتدادية نتجت عن الانتخابات لا تنكرها أحزاب وسطية مهمة من بينها وأبرزها أحزاب الميثاق وإرادة وحتى الحزب الوطني الإسلامي.
وعلى نحو أو آخر يمكن القول إن غالبية الأحزاب الوسطية واليسارية خرجت بالكثير من التصدعات والاشكالات بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لكن الحزب الوحيد الذي صمد وحقق الأغلبية ولم يشهد أي استقالات هو حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض.
في الأثناء يعتقد بأن مراجعة مسار مرحلة ما بعد الانتخابات قد تؤدي إلى تفكيك وإعادة ترتيب داخل هيئات حزبية متعددة على جبهتي الوسط واليسار.
الملامح تغيرت في الأمانة العامة لحزبي الميثاق وإرادة، والتصدعات ظهرت في الحزب الديمقراطي الاجتماعي وفي 4 أحزاب قومية يسارية لم تفلح بالفوز ولو بمقعد واحد في السلطة التشريعية.
والانطباع سائد الآن بأن مرحلة تصويت مسار تحديث المنظومة السياسية في البلاد قد يدفع باتجاه إعادة دمج بعض الأحزاب مع بعضها البعض.
هنا يقترح البعض دمجا ما بين حزبي إرادة وتقدم وآخر بين 3 أحزاب صغيرة وحزب الاتحاد.
الدمج في حال إنجازه وإنتاجه قد يساهم بإنعاش دور الأحزاب الوسطية قبل الخوض في تعقيدات تعديل البنية التشريعية مجددا لقانوني الانتخاب والأحزاب.
يبقى ذلك في نطاق الآمال والتفكير الرغائبي ومرده أساسا بروز تباينات حادة في أداء الهيئات الحزبية الوسطية تحديدا ثم إخفاقها الملموس في التعاطي مع إقناع الناخبين في انتخابات شهر أيلول/سبتمبر من العام الماضي حيث فازت كتلة حزب المعارضة بـ 31 مقعدا في البرلمان فيما أخفقت الأحزاب الوسطية الكبرى بوضوح شديد في تجاوز عدد مقاعد التيار الإسلامي.
ثمة أحزاب خرجت من تمثيل القائمة الحزبية العامة. وأخرى تسللت باسم الجبهة الوسطية عبر الثقل العشائري والمناطقي في الدوائر المحلية الفرعية، فيما لا يشعر المواطن الأردني بأن مجلس النواب الحالي يعبر عن ذاته بتمثيل الأحزاب مع أن عدد النواب الحزبيين المعلن 104 على الأقل. وهو رقم ضخم وغير مسبوق في تاريخ العلاقة بين الإطارين الحزبي والتشريعي لكنه لا يعكس ثقل العمل الحزبي في عمق سلطة التشريع والبرلمان والتمثيل.
يفترض أن تعيد الأحزاب السياسية الكبيرة حساباتها بعد معالجة اشكالاتها الداخلية وحالة التمايز والتنافس بين الأقطاب وفقا لاعتبارات يمكن أن تجعلها مهيئة أكثر مستقبلا لمنافسة التيار الإسلامي على عدد أكبر من المقاعد في الانتخابات المقبلة، مع أن الانطباع لا يزال هو ذلك الذي يؤشر على أن النواب الحزبيين في البرلمان لا يتحدثون ولا يتحركون إنطلاقا من إطارهم الحزبي ما يضعف الفكرة الحزبية عموما ليس في المؤسسات فقط ولكن بين المواطنين.
قد تتمكن الأحزاب التي واجهت هزات ارتدادية داخلية من الوقوف مجددا، لكن الترتيبات صعبة ومعقدة وعناوين المرحلة اللاحقة في المشهد الحزبي الأردني أصبحت أوضح من كل الاحتمالات وفكرتها المزيد من الانقسامات التي تضعف جبهة الأحزاب المدنية واليسارية، فيما العنوان الثاني إدماج بين أحزاب وسطية بهدف توسيع قاعدتها وتمكينها من الصمود في الخريطة لاحقا.
في الأثناء الاستحقاق الأكثر أهمية والمتمثل في الانتقال للمرحلة التالية من تعديل تشريعات مسار تحديث المنظومة السياسية، حيث على الطاولة تعديلات مثيرة لا يستهان بها مطروحة للنقاش على قانوني الانتخاب والأحزاب.
«القدس العربي»: