الصحافه

هاغاري يستقيل وزمير يعد لـ”حربه الكبيرة” في غزة: لا يوجد قانون دولي.. بل قانون ترامب

هاغاري يستقيل وزمير يعد لـ”حربه الكبيرة” في غزة: لا يوجد قانون دولي.. بل قانون ترامب

عاموس هرئيل

العاصفة التي دارت حول إنهاء خدمة العميد دانيال هاغاري وإزاحته عن الجيش الإسرائيلي أبعدت عن الجمهور موضوعاً آخر، له تداعيات مهمة، وهو خطة رئيس الأركان الجديد إيال زمير، والقيام بهجوم واسع ضد حماس في قطاع غزة. زمير يسرع الآن استعداده لخطته الطموحة، وهو على قناعة بأنها ستؤدي إلى نتائج أكثر حسماً. ولكن أكثر مما يتعلق بالحكومة، فالأمر يتعلق بتطورات أخرى. التقدم في المفاوضات حول تطبيق صفقة المخطوفين وموقف الرئيس الأمريكي ترامب.

الخميس، اليوم الأول في ولايته، خرج زمير لإجراء زيارة لقيادة المنطقة الجنوبية وفرقة غزة، بصورة تقليدية بدرجة معينة، مع من يتشاورون في مكتب رئيس الأركان، بوح المتوفى ايتان بار؟ تم توثيق رئيس الأركان وهو “يرسل القوات إلى تمرين لهجوم فجائي من حماس، وكأن آخر الضباط في فرقة غزة لم يعرف مسبقاً أنه من المتوقع إرسال كهذا للقوات.

ولكن الأهم من التمرين هو ما حدث وراء الكواليس. فرئيس الأركان ناقش بالتفصيل الخطط الآخذة في التبلور. في هذا الأسبوع، سيدخل تعيينه الأول إلى حيز التنفيذ، وهو تعيين الجنرال ينيف عاسور في منصب قائد المنطقة الجنوبية بدلاً من فنكلمان الذي قدم استقالته. وقال زمير للمستوى السياسي إنه يحتاج إلى بضعة أسابيع للاستعداد حتى تكتمل خطته الجديدة. تنطوي هذه الخطة على تفعيل عدة فرق على الأقل في القطاع، وإعادة تجنيد عشرات آلاف رجال الاحتياط. الهدف هو هجوم عنيف جداً، واسع، يبدو على طول القطاع، يستهدف بنى حماس التحتية العسكرية الموجودة والمتجددة. والحديث يدور هذه المرة عن دفع السكان إلى مناطق إيواء، لكن إسرائيل تنوي إدارة إرساليات المساعدات الإنسانية بنفسها.

العاصفة التي دارت حول إنهاء خدمة العميد دانيال هاغاري وإزاحته عن الجيش الإسرائيلي أبعدت عن الجمهور موضوعاً آخر، له تداعيات مهمة، وهو خطة رئيس الأركان الجديد إيال زمير

من الجهة الأخرى، هناك شهادات متراكمة على إعادة تنظيم حماس لنفسها، وإشارات متزايدة على سيطرتها المدنية والعسكرية. وهذه تبرز في حضور واضح لحاملي السلاح من الذراع العسكري في الشوارع من خلال استغلال وقف إطلاق النار الذي دخل إلى حيز التنفيذ في منتصف كانون الثاني. وتضع حماس أيضاً عبوات مفخخة كبيرة في المباني والشوارع في أرجاء القطاع. وخبراء المتفجرات لديها يفككون المواد المتفجرة من القنابل التي لم تنفجر والتي ألقاها سلاح الجو في أثناء الحرب.

كالعادة، تسربت يوم أمس تهديدات من إسرائيل إلى الصحيفة الأمريكية “وول ستريت جورنال”، تقرر بأن الجيش الإسرائيلي يعدّ خطة تشمل عملية برية جديدة في القطاع. في هذا التقرير اقتبس وزير المالية سموتريتش، الذي قال إن “لخطوات القادمة قد تشمل قطع الكهرباء والمياه مثلما تم مناقشة ذلك في جلسة للحكومة قبل أسبوع. بعد ذلك، قد تكون عمليات قصف جوي وإخلاء للسكان من شمال القطاع واقتحام آخر للأراضي الفلسطينية.

وهذه العملية تطرح عدة علامات استفهام، من بينها خطر مؤكد على حياة الجنود والمخطوفين. يجب التحذير أيضاً من خطر أن ترفع خطة التطهير العرقي رأسها القبيح. عندما يوفر ترامب دعماً لإسرائيل بسلاح ثقيل وجرافات ويشير إلى غضبه من الفلسطينيين، يزداد خطر أن تفسر الحكومة والجيش ذلك كتصريح للعمل بدون أي كوابح للقانون الدولي. هناك أسئلة أخرى: كم عدد رجال الاحتياط الذين سيتجندون للعملية الجديدة التي قد تعرض حياة المخطوفين للخطر؟ ماذا ستفعل حالة طوارئ أخرى وتجنيد عام بالاقتصاد الإسرائيلي؟ كم عدد القوات التي ستبقى للاستخدام في القطاعات الأخرى؟ يقف في الخلفية تهديد إسرائيل المتزايد بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. هل الجيش الإسرائيلي قادر على القتال في عدة ساحات في الوقت نفسه؟

مثلما في موضوع إيران، يستخدم ترامب تهديد إسرائيل العسكري كأداة ضغط لتحقيق إنجازات أفضل في المفاوضات. عندها هذا هو التقدير الذكي: سنرى في غزة تهديداً، وربما عملية عسكرية قصيرة، ثم استعداد حماس لتقديم تنازلات عندما يكون السيف مسلطاً على عنقها مرة أخرى. ولكن هذه ليست أوقات معقولة. ترامب يغير رأيه كل يومين، ولنتنياهو مصلحة في الحفاظ على الحرب كوسيلة لبقاء الائتلاف على قيد الحياة، حتى لو نجح في تمرير الميزانية مع نهاية الشهر كما يأمل.

قمة حياته المهنية

بيان المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي عن استقالة هاغاري أثار ردوداً انفعالية من اليمين واليسار. البيبيون فرحوا من إزاحة ضابط خطير من الطريق. أما اليسار وأوساط معظم المراسلين فكان هناك غضب وحزن حول تعامل رئيس الأركان الجديد مع المتحدث، وهو من الأشخاص القلائل المتميزين في الحرب. هوس اليمين بهاغاري دليل آخر على الجنون المطلق الذي يسيطر على معسكر نتنياهو منذ بداية الحرب. هذا الهوس المرضي يستند إلى عدة ملاحظات هامشية له في فترة عاصفة وبحكم عمله في السابق رئيساً لمكتب ثم مساعداً لرئيس الأركان بني غانتس ورئيس الأركان غادي آيزنكوت. أما الآن فلم يعد مطلوباً سوى تشويه شخص.

في كانون الأول الماضي، هدد المقرب من نتنياهو، يعقوب بردوغو بأنه إذا قرر وزير الدفاع يسرائيل كاتس ترقية هاغاري إلى رتبة جنرال، فسيكون ذلك التعيين الأخير له في ولايته

في كانون الأول الماضي، هدد المقرب من نتنياهو، يعقوب بردوغو بأنه إذا قرر وزير الدفاع يسرائيل كاتس ترقية هاغاري إلى رتبة جنرال، فسيكون ذلك التعيين الأخير له في ولايته. لذلك، عندما نشر البيان حول هاغاري بعد يومين على تسلم زمير لمنصبه، فإنه من الطبيعي الربط بين النقاط. عملياً، القصة أكثر تعقيداً، رغم أن زمير لم يخرج عن أطواره بالضبط كي يبقي هاغاري في الخدمة العسكرية.

الآن إلى الحقائق نفسها: ثلاثة متحدثين من بين الخمسة بلسان الجيش الأخيرين، تمت ترقيتهم إلى رتبة جنرال، وكلما تطور المتحدث في المسار الوظيفي، وبالتأكيد القتالي، تكبر فرصته لمواصلة حياته المهنية العسكرية في نهاية فترة المتحدث. وظيفة المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي تعتبر وظيفة ثقة، لذلك من العادة تغيير المتحدث في فترة قصيرة من تغيير رئيس الأركان، حتى لو تعلق الأمر بأشهر وليس بأيام. فرونين منليس، بقي ثمانية أشهر تحت قيادة افيف كوخافي كرئيس للأركان رغم أن العلاقة بينهما كانت متوترة جداً. في حالة هاغاري، إزاء تميزه في منصبه في الحرب، ولأن أبناء جيله (49 سنة) والأصغر منه، ابن طاقمه في الكوماندو البحري دان غولدفوس، والعميد ايتسيك كوهين، تمت ترقيتهما إلى رتبة جنرال، فمن المنطقي أن يأمل بالترقية.

ولكن زمير اعتقد غير ذلك، وقال لهاغاري بأنه ينوي تعيينه في منصب آخر كعميد، الوظيفة الثالثة بهذه الرتبة، رغم أنه لم يذكر وظيفة معينة. بعد ذلك، أضاف بأنه سيفحص ترقيته إلى رتبة جنرال. أنا نفسي، قال له، شغلت ثلاثة مناصب برتبة عميد (حتى لو حصل زمير على رتبة الجنرال في سن 46). الأمر الذي أثار هاغاري كما يبدو هو كلمة تجميد، التي ذكرت في هذا السياق. أن تذهب إلى فترة انتظار لسنتين بدون وعد ملموس برتبة وتحت هجوم دائما للأبواق، ظهر له كمسار غير ناجح، ولذلك طلب الاستقالة.

حتى الآن، هذه عملية مؤلمة، لكنها ليست مسممة بالضرورة. في السابق، كانت صدامات كهذه في الجيش الإسرائيلي، وربما بكر هاغاري قليلا في بداية النقاش حول أفق خدمته. المشكلة الأساسية هي الدور السلبي الذي تشغله القناة البيبية هنا، من تهديد بردوغو وحتى تسريب “هاغاري انتهى”، التي صدرت الخميس. ما هكذا يتم التعامل مع ضابط متميز. زمير ارتكب خطأ مقلقاً بالصورة التي عالج فيها الحدث المتفجر الأول في ولايته. وهو في الأصل متهم في نظر جمهور كبير، على خلفية تعيينه من قبل نتنياهو، والآن يفقد الكثير من الثقة.

بخصوص هاغاري نفسه، هو لا يحتاج إلى علامات مني على أدائه كمتحدث، الذي كان استمراراً مباشراً لمسيرة مهنية مؤثرة كمحارب وقائد في الأسطول 13. ليسأل كل قارئ نفسه من الذي صب فيه الأمن النسبي ومن صدقه في ظل انطباع 7 أكتوبر. من الوحيد الذي وقف بعد شهرين ونصف أمام الأمة ليلة الجمعة الفظيعة تلك التي قتل فيها الجيش الإسرائيلي ثلاثة مخطوفين بالخطأ، بعد نجاحهم في الهرب بصورة عجيبة من أيدي حماس؟ من حافظ على قناة اتصال مع عائلات المخطوفين حتى في الأيام القاسية جداً، واهتم بالحضور وتقديم الإحباطات وحتى الاعتذار عندما حدثت أخطاء في التعامل معها؟ ليس غريباً أن تتأثر عائلات المخطوفين جراء استقالته.

الجزء الأقل معرفة في ولاية هاغاري يتعلق بعمله من وراء الكواليس للدفع قدماً بتحرير جنود الجيش الإسرائيلي المخطوفين، لا سيما المراقبات الخمس. عندما تجمد آخرون في الحكومة وجهاز الأمن، كان هو الذي استغل فيلماً تم ضبطه لدى حماس أثناء الحرب لإعادة المخطوفات. ظهرت في الفيلم مشاهد فظيعة في موقع “ناحل عوز” العسكري حيث كانت ليري الباغ وصديقاتها وهن مقيدات ويرتجفن من الخوف، وفي الخلف جثث صديقاتهن اللواتي قتلن، ورجال حماس يتعاملون معهن وكأنهن أبقار مخصصة للذبح. كانت هذه علامة حاسمة على الحياة للعائلات، ولكن مرت أشهر إلى أن تم نشر الفيلم. فعرف كيف يحوله إلى حملة إعلامية وضعت ألم المراقبات على رأس الأجندة الإعلامية، ما أغضب سموتريتش وأمثاله.

هذه العملية وغيرها من العمليات التي لم تنشر، ساعدت في تجنيد الرأي العام في البلاد والخارج لقضية المراقبات. من غير الغريب أنهن وعائلاتهن مدينون بالشكر لهاغاري.

 هآرتس 9/3/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب