إدارة ترامب تنهي إعفاء العراق من عقوبات شراء الكهرباء من إيران مع السماح بمواصلة استيراد الغاز لمحطات التوليد

إدارة ترامب تنهي إعفاء العراق من عقوبات شراء الكهرباء من إيران مع السماح بمواصلة استيراد الغاز لمحطات التوليد
واشنطن – وكالات: قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب أنهت «إعفاءات» كانت تسمح للعراق بشراء الكهرباء من إيران وذلك ضمن حملة «أقصى الضغوط» التي تمارسها إدارته ضد طهران.
وأضاف المتحدث في تصريح في وقت متأخر مساء السبت أن قرار عدم تمديد الإعفاء الممنوح للعراق عند انتهاء صلاحيته «يضمن عدم السماح لإيران بأي قدر من المتنفس الاقتصادي أو المالي»، مشيراً إلى أن حملة ترامب تجاه إيران تهدف إلى «إنهاء تهديدها النووي وتحجيم برنامجها للصواريخ الباليستية ومنعها من دعم الجماعات الإرهابية».
وأعاد ترامب فرض سياسة «أقصى الضغوط» على إيران ضمن أول قراراته بعد عودته رئيساً في العشرين من يناير/كانون الثاني. وفي ولايته الأولى انسحب من الاتفاق النووي الإيراني متعدد الأطراف الذي سعى إلى منع تطوير إيران لأسلحة نووية.
وتقول الحكومة الأمريكية إنها تسعى إلى عزل إيران عن الاقتصاد العالمي ووقف إيراداتها من صادرات النفط بهدف إبطاء تطوير طهران للسلاح النووي.
وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية وتقول إن برنامجها سلمي.
وفرضت واشنطن سلسلة من العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي ودعمها لجماعات مسلحة مما حظر عملياً على الدول التي تتعامل مع إيران إجراء معاملات تجارية مع الولايات المتحدة.
ومنح ترامب في البداية إعفاءات لعدة مشترين لتلبية احتياجات المستهلكين من الطاقة عندما أعاد فرض العقوبات على صادرات إيران من الطاقة في 2018 وعزا ذلك إلى برنامجها النووي وما تصفه الولايات المتحدة بتدخل طهران في الشرق الأوسط.
وجددت إدارته وإدارة سلفه جو بايدن إعفاء العراق مراراً مع حث بغداد على تقليل اعتمادها على الكهرباء الإيرانية. وكرر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية التأكيد على تلك الدعوة يوم السبت.
وأضاف «نحث الحكومة العراقية على إنهاء اعتمادها على مصادر الطاقة الإيرانية في أسرع وقت ممكن… إيران مورد طاقة لا يمكن الاعتماد عليه».
وقالت مصادر لرويترز إن الولايات المتحدة استغلت مراجعة الإعفاءات من بين سبل اتبعتها للضغط على بغداد من أجل السماح بتصدير النفط الخام من إقليم كُردستان العراق عبر تركيا. والهدف هو تعزيز الإمدادات في السوق العالمية والحفاظ على استقرار الأسعار مما يمنح واشنطن مجالاً أوسع لمواصلة جهودها في تقييد صادرات النفط الإيرانية.
وشاب التوتر حتى الآن مفاوضات العراق مع إقليم كُردستان شبه المستقل بشأن استئناف تصدير النفط.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية « التحول في مجال الطاقة في العراق يوفر فرصاً لشركات أمريكية هي الأكثر خبرة في العالم في تعزيز كفاءة محطات الكهرباء وتحسين الشبكات وتطوير الربط الكهربائي مع شركاء يعتمد عليهم».
وقلل المتحدث من تأثير واردات الكهرباء الإيرانية على شبكة الكهرباء في العراق وقال «شكلت واردات الكهرباء من إيران في 2023 أربعة في المئة فقط من إجمالي استهلاك الكهرباء في العراق».
من جانبها دعت المتحدثة باسم السفارة الأمريكية في بغداد في حديث لوكالة فرانس برس حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى «التخلص من اعتمادها على مصادر الطاقة الإيرانية في أقرب وقت ممكن»، مرحّبة كذلك بـ»التزام رئيس الوزراء العراقي بتحقيق استقلالية الطاقة».
ويعتمد العراق بشدّة على الجمهورية الإسلامية في مجال موارد الطاقة على رغم أنه بلد غني بالنفط، لكن بُنيته التحتية متهالكة بسبب عقود من الحروب والنزاعات. ويستورد العراق من إيران ثلث حاجته الاستهلاكية من الغاز والكهرباء في ظلّ عجزه عن تحقيق اكتفاء ذاتي لتأمين حاجات سكانه الذين يزيد عددهم عن 46 مليون نسمة. وتعلّق طهران بانتظام إمداداتها إلى العراق على خلفية الاستهلاك المحلي لديها، ما يؤدي إلى تزايد انقطاع الكهرباء في البلد المجاور. كما يشكو مسؤولون إيرانيون من تأخر العراق في سداد مستحقات الغاز والكهرباء.
من جانبه قال مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية، فرهاد علاء الدين، لرويترز أمس الأحد إن إنهاء الإعفاء من العقوبات الأمريكية الذي سمح للعراق بشراء الطاقة الإيرانية «يمثل تحديات تشغيلية مؤقتة».
وتابع قائلا إن «الحكومة تعمل جاهدة على إيجاد بدائل لمواصلة إمدادات الكهرباء والتخفيف من وطأة أي اضطرابات محتملة». وأشار إلى أن «تعزيز أمن الطاقة يظل أولوية وطنية، وستستمر جهود تحسين الإنتاج المحلي وكفاءة الشبكة والاستثمار في التكنولوجيا الحديثة بأسرع وتيرة».
وأضاف علاء الدين أن العراق ملتزم بهدفه الإستراتيجي المتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة.
وعلى العكس من محاولة علاء الدين التقليل من آثار القرار الأمريكي الجديد، قال رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي، عطوان العطواني، أمس الأحد أن إيقاف استيراد الغاز من إيران لتشغيل محطات إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق ستكون تبعاته «كارثية» على الشعب العراقي لاسيما في فصل الصيف، وسيتسبب بانهيار منظومة الكهرباء الوطنية لعدم وجود اية بدائل في الوقت الراهن.
وقال العطواني، خلال اجتماعه أمس بالقائم بأعمال السفارة الأمريكية في بغداد دانيال روبنستين، إن «الحكومة العراقية جادة في تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة من خلال العديد من المشاريع الواعدة فيما يتعلق باستثمار الغاز المصاحب، لغرض استخدامه في توليد الطاقة الكهربائية وبما يحقق الاكتفاء الذاتي، الا ان هذه المشاريع ستدخل الخدمة خلال السنوات المقبلة».
وطالب الإدارة الأمريكية «بمراجعة سياسة الضغوط التي تمارسها الخزانة الأمريكية على القطاع المالي والمصرفي في العراق من خلال فرض العقوبات المتواصلة على المصارف المحلية». وذكر العطواني أن «العراق حقق نقلة نوعية في سياسة الامتثال والتحويلات المالية، ورغم ذلك نتفاجأ بعقوبات جماعية تستهدف المصارف العراقية دون سابق إنذار وبلا مبرر معلن أو حتى إشعار البنك المركزي العراقي بذلك، وهذا ما خلق لنا مشكلة كبيرة، وأثر على عمل ونشاط القطاع المصرفي».
ودعا إلى» ضرورة التواصل الدائم لتصحيح مسار العلاقات العراقية-الأمريكية وتعزيز التعاون المشترك بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية على صعيد إدارة وتطوير عمل القطاع المالي والمصرفي».
ولكنه أعرب عن قلقه من قرب انتهاء مدة الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الغاز الطبيعي من إيران. وأشار إلى أن توقف العراق عن استيراد الغاز من إيران سيتسبب بانهيار المنظومة الكهربائية الوطنية خاصة في أشهر الصيف، وهذا سيكون له تبعات كارثية على الشعب
ومازال ملف الطاقة في العراق شائكا مما انعكس سلبا على استقرار إمدادات الطاقة الكهربائية بسبب تدني مستويات الإنتاج وعدم تلبية متطلبات الاستهلاك الداخلي بسبب عدم القدرة على تأمين وقود الغاز لتشغيل المحطات الكهربائية.