مقالات
حكومة الإصلاح والإنقاذ والثقة”الحرزانة”: لا تخيّبوا آمال الناس ولا تتهاونوا في كبح الفلتان الامني . بقلم نبيل الزعبي-طليعة لبنان –
بقلم نبيل الزعبي-طليعة لبنان -

حكومة الإصلاح والإنقاذ والثقة”الحرزانة”: لا تخيّبوا آمال الناس ولا تتهاونوا في كبح الفلتان الامني .
بقلم نبيل الزعبي-طليعة لبنان –
لعلها من المرّات النادرة في عهد الحكومات اللبنانية ان تنال حكومةُّ الثقة من الشعب اللبناني قبل ان تطلبها من اعضاء المجلس النيابي خاصةً وان اكثر من نائب وكتلة نيابية استمزجوا رأي ناخبيهم قبل ان يعطوا ثقتهم للحكومة ،ربّما عن مضض ، تحسُّباً لطلب ثقة ناخبيهم غداً اكثر من ان يكون ذلك تعفُّفاً منهم على طريقة ، مُجبَرُّ اخاك لا بطل .
وفضلاً عن الشخصية الاستقلالية التي يتمتع بها رئيس الحكومة القاضي نواف سلام والحرص على تقديمه وجوهاً وزارية جديدة قادرة على تجاوز الواقع اللبناني المتأزم ، ثمة عاملان أساسيان ساعدا حكومة الإصلاح والإنقاذ على الاقلاع السريع وهي تُعِدّ بيانها الوزاري :
١-خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الذي لم يترك لموالٍ او معارض ليزيد عليه او يزايد فكان البيان خلاصةً لهذا القسم بكل ما تعنيه مفردات السيادة والإصلاح واستشراف المستقبل من عبارات ومعايير ،
٢-اللغة العربية بفصاحتها وبلاغتها وانتقاء المفردات الذهبية في تدوير الزوايا وتجعل منها قاسماً مشتركاً يُجمِع عليه اللبنانيون في هذه المرحلة التي تتطلب التضامن والوحدة وتوحيد الجهود في سبيل الإنقاذ المرتجى وتحقيق كل إصلاح مرتقب .
ولعلّ الاهم في هذا وذاك ان رئيسي الجمهورية والحكومة الزما نفسيهما بكل ما تضمنه البيان الوزاري من بنود سيادية وإصلاحية قبل ان يثبتها البيان ويجعلها منهاج عمل خلال الفترة القصيرة المقبلة والمحددة لعمر الحكومة الحالية التي ستشرف على الانتخابات النيابية الاولى للعهد الجديد نتمنى ان تنتج مجلساً نيابياً جديداً يشبه الرئيسين ويُقدِّم تمثيلاً حقيقياً للشباب اللبناني الواعد والقوى الاعتراضية التي وقفت طوال عقود ما بعد الطائف ضد استئثار الميليشيات الطائفية والمذهبية للأكثريات النيابية والوزارية وفرضت على لبنان واقعاً لم يُحسَد عليه لنتائجه الكارثية المدمّرة .
ان اعادة الاعتبار لاتفاق الطائف كوثيقة دستورية أُقِرّت في المجلس النيابي عام ١٩٨٩ ولم يُعمَل بها للأسف حتى تاريخه ، هي ما اعتبره رئيس الحكومة مخالفةً دستورية بحد ذاتها ينبغي تصحيحها بالعودة اليها وتطبيق بنودها لا سيّما لناحية الديموقراطية الإدارية المركزية التي تفوّت الفرصة على كل المنادين بالفيدرالية وقد تم تجاهلها والتخويف منها طوال العقود الماضية ، شأنها شأن الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية التي استُبدِلَت بقانون انتخابي هجين كرّس الطائفية والمذهبية في النصوص بتعزيزها للحظائر التي تحولت إلى قنابل موقوتة بين المكوّنات اللبنانية لصالح من يتحكّم بها من امراء الميليشيات وأربابها .
ان تعود ولو متأخراً خمس وثلاثين عاماً إلى اعادة الاعتبار لوثيقة الوفاق الوطني التي انبثقت عن اتفاق الطائف ، لهو خيرُّ الف مرّة من عدم إبقاء لبنان معلّقاً على حبال الخروج عن الدساتير او العمل ضمن شرائع قوى الأمر الواقع وتكريس هويّات الحظائر المناطقية والطائفية والمذهبية على حساب الهوية الوطنية الجامعة والموقف الوطني الجامع لارادة اللبنانيين الداعمة لقواتهم الامنية الشرعية وعلى رأسها الجيش اللبناني كمصدر وحيد للاستقرار المطلوب في سبيل انهاض البلد من جديد وعودته إلى الحياة الديموقراطية السليمة التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات وتعيد الازدهار إلى بلدٍ سُمّي يوماً ب “سويسرا الشرق”
ويستطيع ان يكون بمستوى ذلك إذا ما تمكن الجميع من تفكيك الألغام الخارجية والإقليمية الهادفة إلى ضرب وحدة هذا البلد وأمنه واستقراره والعمل على توحيد الصف الوطني الداخلي في مواجهة الاحتلال الصهيوني للأرض اللبنانية، خاصةً ما يتسرب هذه الايام من كلامٍ خطير عن التطبيع مع العدو او اقامة منطقة عازلة في الجنوب ، وتسخير الجهود المحلية والعربية والعالمية لاعادة إعمار الجنوب والبقاع والضاحية ضمن مسلّمة اساسية لا تتخطى الدولة وشرعيتها واعتبارها الملاذ الوحيد لكل اللبنانيين لا لطرفٍ محدد او منطقة معينة او طائفة ومذهب وانهاء كل استقواء خارجي عليها ، دون إغفال الخروقات الامنية الداخلية التي بدأت تقلق اللبنانيين مؤخراً جرّاء انعكاس التوترات الامنية في سوريا على الداخل اللبناني بهدف إثارة الفتنة ،
واستغلال التراخي الامني في تفاقم الجريمة وأعمال السرقة والتشبيح التي تشهدها اكثر من منطقة لبنانية لا سيّما في عاصمة الشمال طرابلس .
ان ما ينتظر اللبنانيين من محطاتٍ للإصلاح المنتَظَر في سبيل الإنقاذ المعهود لهو الفيصل الدال على نجاح رهاناتهم على العهد الجديد وحكومته الاولى التي استحقت ثقةً وازنة هي ثقة الشعب قبل النواب ، فحذارِ، حذارِ من المطّبات المشبوهة لعرقلة هذا العهد وكل دعسةٍ ناقصة غداً تطيح بكل ايجابيات البيان الوزاري وتجعل من آمال الناس سرابا فنندم ، حيث لا يعود ينفع الندم .