الغارديان: معاملة محمود خليل لا يمكن أن تحدث في ديمقراطية.. ولكنها حدثت في بلد “أحرار” و”شجعان” ترامب

الغارديان: معاملة محمود خليل لا يمكن أن تحدث في ديمقراطية.. ولكنها حدثت في بلد “أحرار” و”شجعان” ترامب
إبراهيم درويش
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرًا للمعلق في طبعتها بأمريكا مصطفى بيومي، قال فيه إن المعاملة التي لقيها الناشط الفلسطيني، وخريج جامعة كولومبيا، محمود خليل، ما كان يجب أن تحدث في ديمقراطية.
وقال إن التغييب القسري والاختفاء والاعتقال السياسي، وما إلى ذلك، هي مصطلحات تنطبق على أول اعتقال تقوم به إدارة ترامب بجريمة تتعلق بمجرد التفكير، وهو أمر ما كان ليحدث في نظام ديمقراطي.
ولكنه حدث، فقد تخرَّجَ خليل قبل فترة من جامعة كولومبيا، وأنهى فيها ماجستير في العلاقات الدولية والعامة.
و”لكل دقيقة يقضيها خليل في الاعتقال، ينبغي أن يشعر كل منا بأن حقوقه الفردية في هذا البلد تنتهك. فاعتقال محمود خليل محاولة مكشوفة من إدارة ترامب لتدمير حرية الفكر، وفي الوقت نفسه، اغتيال الإجراءات القانونية الواجبة وحرية التعبير. وهذا تطور ينذر بالشر”.
لكل دقيقة يقضيها خليل في الاعتقال ينبغي أن يشعر كل منا بأن حقوقه الفردية في هذا البلد تنتهك. فاعتقاله محاولة مكشوفة من إدارة ترامب لتدمير حرية الفكر، واغتيال الإجراءات القانونية الواجبة وحرية التعبير. وهذا تطور ينذر بالشر
وأشار بيومي إلى حادث اعتقال خليل، الذي كان عائدًا مساء السبت 8 آذار/مارس مع زوجته الحامل إلى شقتهما التابعة لجامعة كولومبيا في مانهاتن العليا. وما كاد خليل، وهو مقيم بطريقة شرعية، يفتح الباب حتى داهم عملاء بالزي المدني من وزارة الأمن الداخلي الشقة، واندفعوا مثل البلطجية وطالبوا باستسلام خليل لاعتقاله.
وقد أبلغ العميل الرئيسي للمجموعة محامي خليل أن تأشيرة الدراسة سُحبت منه، ولكن خليل لا يحتاج إلى تأشيرة دراسة، فلديه إقامة دائمة في الولايات المتحدة. ونظرًا للتشوش، رد العميل بأن البطاقة الخضراء سُحبت منه أيضًا، والتي لا يمكن سحبها بناءً على القانون الأمريكي بسهولة وبدون إجراءات. وعندما أصرَّ محامي خليل على تقديم مذكرة اعتقال، قطع العميل المكالمة ورمى خليل المقيّد في شاحنة، وشحنه بعيدًا عن بيته، حيث يُعتقل الآن في معتقل بلويزيانا.
ويعلق بيومي: “لنكن واضحين، لو نشأت في مصر أو نيكاراغوا أو روسيا، لعرفت هذا السلوك. ولو قرأت أعمال ميلان كونديرا، أو أرييل دورفمان، أو بريتن بريتنباخ، لعرفته. هكذا تعمل الأنظمة الاستبدادية دائمًا، سعيًا لشيطنة منتقديها وتحييد معارضيها بالأكاذيب والمبالغات والقوة الصارخة لسلطة الدولة. وقد وصل هذا السلوك الحقير والخطير الآن إلى أرض الأحرار وموطن الشجعان، وأصبح سياسة رسمية”.
وأضاف بيومي أن إدارة ترامب لم تكلف نفسها عناء إخفاء الهجوم الأيديولوجي الذي يميز اعتقال خليل. فقد كان خليل عضوًا فاعلًا في احتجاجات جامعة كولومبيا ضد حرب إسرائيل على غزة، وهي حرب اتسمت، كما يقول الخبراء ومنظمات حقوق الإنسان في العالم، بأنها إبادة جماعية ارتكبتها إسرائيل.
كما عمل خليل وسيطًا بين إدارة الجامعة والناشطين الطلابيين الذين أقاموا مخيمًا في الحرم الجامعي. وبسبب هذا الدور، ركزت عليه منظمات اليمين المتطرف الداعمة لإسرائيل، والتي بدأت بإرسال قوائم بأسماء الطلبة إلى إدارة ترامب، التي قالت إنه يجب ترحيلهم من الولايات المتحدة بسبب آرائهم.
وقد تصاعدت هذه المحاولة الصارخة عندما أصدر ترامب أمرين تنفيذيين في نهاية كانون الثاني/يناير، دعا فيهما إلى ترحيل “المتهمين بتحرشات غير قانونية معادية للسامية”. وعلينا ألا ننسى أن إدارة ترامب تعمل بنشاط على إلغاء جميع أشكال الحماية الممنوحة للأقليات الأخرى. وفي حين تبدو قلقة للغاية إزاء معاداة السامية، إلا أنها تدعم ضمنيًا السلوك المعادي للسامية.
وقد عانى خليل مضايقات كثيرة من الجماعات المؤيدة لإسرائيل، حيث كتب، قبل يوم من اعتقاله، لإدارة جامعة كولومبيا، يطلب الحماية، وأنه خائف من قيام مسؤولي الحكومة، أو أشخاص خطرين بإيذائه وعائلته. وطلب من رئيسة الجامعة المؤقتة توفير الدعم القانوني والحماية له.
وبعد اعتقاله، نشر الحساب الرسمي للبيت الأبيض على “إكس” منشورًا قال فيه: “شالوم محمود”، والتي تعني بالعبرية “مع السلامة”.
ويقول بيومي: “من كتب هذا المنشور يعتقد أنه ذكي، وفي المحكمة سيكون هذا المنشور دليلًا وحجة على أن ترامب يحاول جاهدًا قمع أي خطاب لا يعجبه”.
وتساءل الكاتب، ما هي الجريمة التي ارتكبها محمود خليل تحديدًا؟ وما هي الأنشطة التي مارسها لتبرير اعتقاله وترحيله؟ أفضل ما يمكن لوزارة الأمن الداخلي أن تقدمه هي نفس التلميحات الواهية التي نسمعها مرارًا وتكرارًا. فأي مظهر من مظاهر القلق على الفلسطينيين يتحول، على الفور، إلى “أنشطة مرتبطة بحماس”.
بعد اعتقال خليل، كتب البيت الأبيض على إكس: “شالوم محمود”. “من كتب هذا المنشور يعتقد أنه ذكي، وفي المحكمة سيكون هذا دليلًا وحجة على أن ترامب يحاول جاهدًا قمع أي خطاب لا يعجبه
ويرى بيومي: “أتوقع نفس القدر من ترامب، لكنني أطالب جامعة كولومبيا، جامعتي الأم، بالمزيد. فبعد أن سحب ترامب نحو 400 مليون دولار من التمويل الفيدرالي بسبب ادعاء، بدون دليل، وقائم على الأيديولوجيا، بأن كولومبيا كانت بؤرة لمعاداة السامية، لم تكلف الرئيسة المؤقتة نفسها عناء الدفاع عن مؤسستها. بدلاً من ذلك، أرسلت لنا، نحن أعضاء جامعة كولومبيا، رسالة بريد إلكتروني على الفور “لتأكيد التزامنا بالعمل مع الحكومة الفيدرالية لمعالجة مخاوفهم المشروعة”. أنا مثقف بما يكفي لأعرف أن لكلمة “استرضاء” تاريخًا خاصًا. كما أعلم أن الجبناء يفرون من فلسطين، حتى لو كانوا هم أيضًا من سيعانون في النهاية”.
وطالب بيومي المسؤولين المحليين في نيويورك بعمل المزيد بعد الهجوم الفيدرالي على حرية التعبير المحمية ضد أحد سكان نيويورك، وهو ما يجب أن يثير قلقًا بالغًا لدى عمدة نيويورك. لكن كل ما سمعناه من إريك آدامز حتى الآن هو: “حسنًا، ما هو صوت الصراصير إذا كانت تسافر في درجة الأعمال على متن الخطوط الجوية التركية؟ إن كان هناك أي صوت، فأتخيل أن صوت محرك الطائرة أعلى من عدم اعتراضه”.
وطالب بيومي الحزب الديمقراطي بعمل المزيد، متسائلًا: أين حكيم جيفريز، رئيس الأقلية في مجلس النواب؟ وأين تشاك تشومر، زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ وكلاهما من نيويورك؟ “يبدو أنهما يعتقدان أن أفضل طريقة للدفاع عن حرية التعبير هي عدم الحديث”.
وختم قائلًا: “الديمقراطية، دائمًا ما كانت جدارًا هشًا، مرتجلًا ومتأرجحًا من الطوب، يرتفع عاليًا في الهواء. ويتطلب الأمر حشدًا كبيرًا من الناس لدعمه، لكنه سرعان ما ينهار عند مواجهة الضغط من الطرف الآخر. والحقيقة هي أنه حتى لو لم تكن من الداعمين، فإنك ستُسحق عند سقوط الجدار. ويبدو أن الكثير من الناس على استعداد للسحق، وهذا مجرد سبب بسيط لدعم محمود خليل. علينا جميعًا أن نسارع إلى الجدار ونبذل قصارى جهدنا لتحريره من سجنه الظالم. من أجله ومن أجلنا أيضًا. لأنه، كما تعلم؟ لن يكون الأخير”.
– “القدس العربي”: