الصحافه

إسرائيل: أمننا هو الذي يرسم حدودنا مع سوريا ولبنان

إسرائيل: أمننا هو الذي يرسم حدودنا مع سوريا ولبنان

تنشغل إسرائيل في جهد موازٍ لتصميم الساحتين في الشمال: الأولى بالنار، والأخرى بخليط من الدبلوماسية والنار.

الساحة الأولى، السورية، وقفت في بؤرة سلسلة هجمات ليلة أول أمس. يخيل أننا لم يسمع نشاطاً جوياً يقظاً كهذا منذ نهاية الحرب في الشمال، بهدف منع تموضع قوات الحكم الجديد جنوبي دمشق.

يمكن الافتراض بأن هجوماً كهذا يستند إلى جمع معلومات استخبارية، مع اشتباه ملموس بأن النظام في دمشق معني بتعزيز قبضته في المنطقة، التي لإسرائيل فيها مصالح مختلفة – من الدفاع عن حدودها في الجولان، عبر الدفاع عن الدروز، وحتى إبعاد قوات الثوار عن تفعيل تهديد ذي مغزى على استقرار الأردن. في الخلفية مذبحة ارتكبتها قوات النظام ضد أبناء الطائفة العلوية، وأن من خلف السمحة المعتدلة زعماً التي يسعى الرئيس السوري أحمد الجولاني لعرضها، تظهر منظمة الإرهاب إياها التي تتبنى الأيديولوجيا الداعشية المعروفة ولا تتردد في ذبح خصومها.

لهذه الأسباب، من المتوقع أن تحافظ إسرائيل على المناطق التي استولت عليها في الجولان السوري، بل وربما تعمق سيطرتها فيها. في الأسابيع الأخيرة، تعاظمت وتيرة الأعمال المبادر إليها في المنطقة، سواء الهجمات (نحو مجالات عسكرية) أم هندسية (تثبيت مجال الفصل). قسم الجيش الإسرائيلي المنطقة التي بين الحدود ودمشق إلى ثلاثة مجالات فرعية: مجال الفصل بعمق حتى 5 كيلومترات عن الحدود، ومجال الأمن حتى 15 كيلومتراً عن الحدود، ومجال النفوذ الذي يتواصل حتى طريق دمشق السويداء، والتي يعمل فيها جميعها بطرق وبكثافة متغيرة.

ينشغل الجولاني حالياً بتثبيت حكمه في سوريا، ووقع أمس على اتفاق هام مع الأقلية الكردية في الدولة. وربما يتفرغ أيضاً لجبهة الجنوب ويطالب بانسحاب إسرائيلي من المناطق التي استولت عليها.

على إسرائيل أن تصل جاهزة عسكرياً وسياسياً. صحيح أن الجيش الإسرائيلي يعرف كيف ينسحب ليدافع عن إسرائيل من أراضيها، لكنه سيكون مطالباً بأن يتأكد من عدم تموضع الجيش السوري الجديد في المناطق التي يخليها وألا يتمتع الجيش التركي بقدرة وصول حرة للعمل في سوريا، فيخلق منها تهديداً على إسرائيل.

سياسة العصا والجزرة

بالتوازي، في الساحة الثانية، اللبنانية، تعمل إسرائيل بسياسة متداخلة من العصي والجزر. العصي اليومية جاءت على شكل هجوم على مجال يتمركز فيه رجال حزب الله، وتصفية ناشط في منظومة المنظمة الجوية زعم أنه عني بترميم قدرات تضررت في الحرب. لهذه الهجمات المتواترة أهمية مزدوجة: فهي تنزع بؤر معرفة وقدرات من حزب الله، وتخلق “اعتياداً” على أعمال هجومية لإسرائيل؛ أي أنها لن توافق على العودة إلى فترة “المعادلات” وبناء تهديد متجدد في الأراضي اللبنانية.

أما الجزر فجاء في صورة تحرير خمسة لبنانيين اعتقلوا أثناء الحرب. وتم التحرير في إطار المحادثات التي تجرى في الناقورة، كجزء من آلية الحوار بين الطرفين. هذه آلية معروفة كان لها ثلاثة أضلاع، شارك فيها إلى جانب إسرائيل ولبنان ممثلو قوة اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة، واليوم أربعة أضلاع، بقيادة الجنرال الأمريكي جاستر جيفرس الذي أقام آلية رقابة على تنفيذ وقف النار.

علم أمس أن الآلية تعمل على حوار في بضع مسائل مركزية، وعلى رأسها استمرار وجود الجيش الإسرائيلي في خمس نقاط جنوبي لبنان، والخلافات بين الدولتين حول ترسيم الحدود، وتحرير باقي اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل.

موضوع ترسيم الحدود مهم؛ لأنه إذا تحققت فيه توافقات، فستسحب من حزب الله حجة مركزية لعمله العسكري في المجال.

مجرد الحوار مشجع لأنه يبعد استئناف الحرب (التي حزب الله على أي حال غير معني بها)، ويسمح لإسرائيل بمهلة إضافية للعمل على نزع قدرات لم تعالج بعد في جنوب لبنان. المسيرة تسمح أيضاً بخلق دينامية تمكن الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون، وضمناً تضعف حزب الله. نأمل أن يستكمل الجيش اللبناني انتشاره على طول الحدود، على أمل العمل ضد محاولات متوقعة من حزب الله للعودة إلى التموضع في المجال.

يوآف ليمور

 إسرائيل اليوم 12/3/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب