دراساتمقالات

الفارابي ومدينته الفاضلة بقلم الدكتور ضرغام الدباغ

بقلم الدكتور ضرغام الدباغ

الفارابي ومدينته الفاضلة
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ
المدينة، أو الدولة الفاضلة / المثالية التي كتب عنها كتاب الغرب وأطلقوا عليها (يتوبيا / Utopia) مثل توماس مور الذي يعتبر من رواد الفكر السياسي، ولكنه لم يكتب كتابه إلا عام 1516، واسم يوتوبيا هو مصطلح يصف الدولة الفاضلة حيث يكون كل شيء مثالي للبشر وتكون كل قيم العدل والمساواة متوفرة وجميع الشرور مثل الفقر والبؤس والأمراض غير موجودة هذا الوصف والعديد من الأشياء الجميلة، واعتمد في أفكار مدينته الفاضلة على أفكار أفلاطون في كتاب الجمهورية.
آراء أهل المدينة الفاضلة كتاب حاوَل فيهِ أبو نصر محمد الفارابي تكوين صورةٍ عن مجتمعٍ فاضل من نوعِ المجتمعاتِ التي فكَر فيها من قبله طائفة من فلاسفة اليونان كجمهورية افلاطون. وقد أراد الفارابي أن ينشيء مدينته وفقاً للمباديء الرئيسية التي تقوم عليها فلسفته وآراؤه في السعادة والاخلاق والكون وخالقه، وما وراء الطبيعة.
قسم الفارابي كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة إلى قسمين حيثُ لخَّصَ مبادِئَهُ الفلسفية التي يؤمن بها في القسم الأول الذي شغل ثلاثة أخماس الكتاب، وفي القسم الثاني اختتم به كتابه وشرح فيه شؤون المدينة وما ينبغي أن تكون عليه في مختلف فروع حياتها. ولغة الفارابي في هذا الكتاب كلغته في جميع كتبه، لغة معقدة صعبة وقد يكون لعمق الأفكار سبب في ذلك.
يشتما القسم الفلسفي من كتاب ” آراء أهل المدينة الفاضلة ” على خمس وعشرين فقرة منها: الموجود الأول وهو الله تعالى، وبيان طائفة من صفاته، وآراؤه هنا تتفق مع مبادئ الإسلام وتنم عن إيمان الفارابي وسلامة عقيدته. ولكن آراءه عن الموجودات ومراتبها وحالاتها وصلتها بالموجود الأول، وصلتها ببعضها البعض، متأثرة إلى حد كبير بالافلاطونية الحديثة، والموجودات المادية ورتبها من الأعلى إلى الأدنى ترتيبا تنازلياً في ست مراتب.
أما محتويات القسم الاجتماعي من الكتاب، فقد وضع فيه ما يصح تسميته تصميماً لمدينته الفاضلة، وقد جاء تصميمه هذا شبيهاً في معظم نواحيه لتصميم أفلاطون لجمهوريته، مع بعض فروق يسيرة، تأثر فيها فيلسوفنا بمباديء الدين الإسلامي على الأخص. وقد بدأ قسمه بالكلام على احتياج الإنسان إلى الاجتماع والتعاون، فقرر أن الإنسان اجتماعي بطبعه، ومضطر إلى هذا الاجتماع لسد حاجة، وهذه المجتمعات ترجع في نظره إلى: مجتمعات كاملة، وهي ما يتحقق فيها التعاون الاجتماعي بوجه كامل، لتحقيق سعادة الأفراد، ومجتمعاتٍ ناقصة، وهي ما لا يتحقق فيها هذا التعاون الكامل ولا تستطيع أن تكفي نفسها بنفسها والمجتمعات الكاملة ثلاث مراتب، أرقاها مرتبةً: اجتماع العالم كله في دولة واحدة، وتحت سيطرة حكومة مستقلة، وأقلُّ منها كمالاً: اجتماع امة في جزء من المعمورة وتحت سيطرة حكومة مستقلة، وأقلُّها: اجتماع أهل المدينة في جزء من الأمة تحت سلطة رئيس ـ وكذلك المجتمعات الناقصة. إن المدينة الفاضلة في نظر الفارابي هي المدينة التي تتحقق فيها سعادة الأفراد على أكمل وجه، ولا يكون ذلك إلا إذا تعاون أفرادها على الأمور التي تنال بها السعادة، واختص كل منهم بالعمل الذي يحْسِنه وبالوظيفة المهيأ لها بطَبعِه.
* الفارابي، أبو نصر محمد بن طرخان :
ولد في مدينة فاراب سنة 259هج / 890 م ، فتعلم الفارسية والتركية والعربية ويختلف المؤرخون بصدد نسبه الفارسي بسبب الاختلاط الشديد بين الثقافتين في تلك العصور، ولكنه أرجح أن يكون من مناطق تركستان أو من أوزبكستان. سافر إلى بغداد ودرس فيها على يد معلمين عراقيين عرب، وأنتقل عام 320 هج/ 941م إلى الشام(حلب) وأنظم إلى بلاط سيف الدولة الحمداني في مرحلة ازدهار الدولة الحمدانية وسافر إلى مصر ومكث فيها وكتب، وعاد إلى حلب ثم أنتقل إلى دمشق واستقر فيها حتى وفاته 339هج / 950 م وهو في الثمانين من عمره. له أعمال كثيرة تربو على الأثني عشر مصنفاً وكتاباً، وهناك أضعاف غيرها من الأعمال المفقودة. ومن أشهر أعماله المترجمة إلى شتى اللغات الأوربية وغيرها : السياسات الدينية، رسالة السياسة، تحصيل السعادة، الجمع بين أراء الحكيمين(أفلاطون وأرسطو).(55) وتفقه الفارابي وتفلسف في العديد من الاتجاهات، بل كان له في الموسيقى باع طويل، ولربما كان أول من صنع آله القانون وعزف عليها.
وتاريخياً، فإن الفارابي هو نتيجة لمرحلة تاريخية، تضمنت تناقضات اجتماعية وفكرية كثيرة من العهد العباسي، ولد وترعرع في ذروة تقدم وتطور الدولة والثقافة، وفي انحداره ألفلاحي الكادح، كان في مشروعه السياسي الكبير(المدينة الفاضلة) إنما يريد أن يعكس طموحاته وأمانيه في العدالة والحرية والمساواة، في دولة يكون فيها لواء العقل عالياً ينال فيها الناس حقوقهم المتساوية.(56)
وإن شئنا التركيز بصفة خاصة ومقتضبة على أراء الفارابي في مجال تطور الفكر السياسي العربي الإسلامي، وله فيه دون ريب إسهامه بارزة، فلا بد لنا بادئ ذي بدء الإقرار، بأنه درس الفلسفة والمنطق الإغريق وتعمق بصفة خاصة في أثار أفلاطون وأرسطو، ولكنه وهو الذي لقب بالمعلم الثاني(وكان المعلم الأول هو لقب أرسطو)، وضع فلسفته في الإطار الذي يتلاءم وظروف البيئة التي عاش فيها، فقد أخذ عن أفلاطون وأرسطو وتأثره بهما، ولكنه وضع ذلك بصيغة إسلامية واضحة، ومن هنا أيضاً، كانت للفارابي محاولات في البرهنة على أن الإسلام لا يتناقض مع العقل وفلسفة اليونان.(57)
ومع أن للفارابي استعارات افلاطونية فيما يخص نظرية الفيض(وجود الله ووجود الكون) وتأثر بالفلسفة الإغريقية، ولكنه نحى منحى آخر لم يبلغه أفلاطون، وهو بذلك لا يريد أن يخرج، أو بدقة أكبر، أن لا يبتعد عن أصول الشريعة، بل هو يريد أن يضع عقله وفلسفته في خدمة الشريعة، ولكنه لم ينجح في ذلك تمام النجاح، بل وكثيراً ما نال عداء علماء الشريعة التقليديين وهكذا كان شأن الفلاسفة دائماً الذين يحاولون استخدام أدلة عقلية للتحقق من المسلمات التي هي نهائية في نظر علماء الشريعة المحافظين والتي لا يحبذون المناقشات بصددها.
والفارابي إذن في مساعيه تلك، التوفيق بين العقل(الفلسفة)والدين كان يقوم بدور السكولاستيين الأوربيين في القرون الثالث والرابع والخامس/عشر. والفارابي وكذلك السكولاستيين لا ينكرون وجود الخالق(العقل الأول) ولكن علماء الشريعة اللاهوتيين يقولون:” إن العقل الفعال بعقل الكائن الأول، ولكنه يبقى العقل الفعال هو المنظم الحقيقي لعالمنا هذا، كما أنه هو حالنا وبه ستكون سعادتنا، كما أن الفلسفة لا تتحدث عن لذة جسدية في العالم الآخر، بل بسعادة روحانية محضة، تكون بتأمل الحقائق الموجودة في العقل الفعال “.(58)
والفارابي لم يكن يريد أن يضع نفسه في موضع الصراع مع علماء الشريعة، فهو يقرر بوضوح وجلاء في أول جملة خطها في مؤلفه الأشهر (كتاب أراء أهل المدينة الفاضلة) قائلاً:” الموجود الأول هو السبب الأول لوجود سائر الموجودات كلها وهو برئ من جميع أنحاء النقص، وكل ما سواه وليس يخلو من أن يكون فيه شيء من أنحاء النقص، إما واحداً أو أكثر من واحد “.(59)
والصراع دائم بين الدين والفلسفة، ذلك أن الفلسفة(العقل) تعتقد بحقها في الإبحار دون حدود في محاولات للكشف عن مشاكل الوجود وأسرار الكون، يرفض أن يدع أي ظاهرة طبيعية أو خارقة دون أن يردها إلى سبب وإلى معرفة. ورجال الدين يرون في علاقة الكون بخالقه من السمو وفي الأسرار ما يفوق طور العقل البشري، وهذا ما يجعل الوحي حكماً والعقيدة الإيمانية نهائية المطاف”.(60)
وكنا قد عرضنا في المباحث السابقة تاريخ الفلسفة في البلاد العربية، ودور المدارس اللاهوتية، الأسكندرية وحران وأنطاكية بصفة خاصة، ولكن في مرحلة ما بعد الإسلام اشتد التوجه إلى الفلسفة لحاجة المسلمين إلى العلم والمعرفة في المناقشات والمحاورات التي كانت تدور بينهم وبين اليهود والنصارى الذين كانوا يعتمدون على الفلسفة، وأدلى بعض المسلمين بدلوهم في هذه المجادلات، ورأى بعضهم(كالمعتزلة مثلاً) أن الدين لا يمنع من النظر العقلي بل هو كان يدعو إليه:” لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ” 111 ـ يوسف) وكذلك:” وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العاقلون ” 43 ـ العنكبوت) وكذلك:” إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب” 190 ـ آل عمران).
ورغم أن الفارابي كان حذراً في طرح أرائه الفلسفية، إلا أنه أصطدم بعلماء الشريعة الذين هاجموه، ومن ابرز أراء الفارابي في هذا المجال:
ـ نظرية الفيض بدل الخلق المباشر وهي نظرية تقول بأزلية العالم والله معاً.
ـ جعل العقل الفعال وسيطاً بين الواجب الوجود(الله) والكائنات.
ـ رسم مدينة فاضلة خرج بها عن نطاق الواقع وطاف في رحاب الخيال، رئيسها فيلسوف وإن ألبسها ثوب الدين.
ـ قسم الناس بين خاصة وعامة في تعرف حقائق الوجود لتوطيد السلام بين التفكير الفلسفي والتفكير الديني ” (61)
وإن شئنا تكثيف الرؤية في الأتجاهات الفلسفية السياسية، نجد أنه في الوقت الذي يقر فيه بحتمية الاجتماع، يضيف على ذلك بأهمية التخصص إذ يقول ” كل واحد من الناس مفطور على أن يحتاج في قوامه، وأن يبلغ أفضل كمالاته إلى أشياء كثيرة لا يمكنه أن يقوم بها كله هو وحده، بل يحتاج إلى قوم له كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه، وكل واحد من كل واحد بهذه الحال “.(62)
ثم يمضي الفارابي يتعمق في آراؤه بأكثر من ضرورة الاجتماع ومن فكرة التخصص، فيعرض أن هناك ثلاث مجتمعات رئيسية: عظمى، ووسطي، وصغرى. فيعتبر أن العظمى هي المعمورة بأسرها(العالم) والوسطى اجتماع أمة في جزء من المعمورة(شعب أو أمة) والصغرى هي اجتماع أهل مدينة في جزء من مسكن أمة(المدينة) ويعتبر أن ” الخير الأفضل أو الكمال الأقصى إنما ينال أولاً بالمدينة”.(63)
ومن ذلك يتضح، إن فكرة الشعب، الأمة لما تكن بعد على درجة من الوضوح، وإن كانت اللغة والدين قد ساهمتا بدرجة كبيرة من خلق روابط أمة بين العرب في ديارهم، بل وفي خلق ذهنية ومزاج مشترك وساهم الأدب بدوره، كما ساهمت الأحداث الأساسية والتاريخية، ولكن مع ذلك سيمضي وقت طويل ليكتسب تلك الدرجة من الوضوح الذي نعرفه اليوم ليس بسبب تكاثف وتراكم عملية الوعي فحسب، بل وأيضاً الصلات الثقافية والتاريخية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي مزيد من الغوص في فكر الفارابي السياسي، نلاحظ أنه يساهم في مسألة مهمة في الفكر السياسي العربي الإسلامي عامة وفي الفكر السياسي بصفة شاملة عامة، ألا وهي قضية الرئاسة. فالفارابي يعتبر أن المدينة الفاضلة، وهي التي أودعها فكره السياسي بين المثال والواقع، كما ينبغي عليه أن تكون المدينة الفاضلة وشبه كيانها بالجسد، ويحتل الرئيس موقع القلب فيه.
ويمنح الفارابي، الرئيس مكانة هامة في مدينته الفاضلة بسبب الشروط التي يضعها لشاغل هذا المنصب الذي ما فتأ يمثل أهمية خطيرة في الفكر السياسي العربي الإسلامي وموضع نقاش وجدال واختلاف ونزاع. وهنا يبدي تأثره بفكر أفلاطون حيث يبدي ميلاً واضحاً إلى الرئيس الفيلسوف ويفضله على سواه، ويشير إلى ذلك تصريحاً وتلميحاً فيضع للرئيس شروطاً يتقارب فيها مع شروط أتفق فيها مع مفكرين عرب مسلمون، منها أن يكون تام الأعضاء، جيد الفهم والتصور، جيد الحفظ لما يفهمه، جيد الفطنة والذكاء، حسن العبارة، محباً للعلم والاستفادة، غير شره المأكل والملبس والجنس، محب للصدق، كبير النفس محباً للكرامة، غير محب للدينار والدرهم، محب للعدل وأهله، قوي العزيمة صبور.
بيد أن الفارابي يدرك أن اجتماع هذه الفضائل الأثني عشر في رجل، أمر عسير ويبدي مرونة السياسي الذي يتبصر واقع الأمر فيقبل بستة من شروطه، ويضع على راس تلك الشروط، وذلك مهم: أن يكون حكيماً(فيلسوفاً)/ أن يكون عالماً حافظاً للشرائع والسنن(لاحظ أنه قدم عليه الحكيم)/ أن يكون ذا جودة استنباط(قدرة على الاجتهاد والقياس)/ أن يكون له جودة روية وقوة/ أن يكون له جودة أرشاد بالقول/ أن يكون له جودة ثبات وشجاعة. (64)
ثم يستطرد الفارابي في اختلاف المدن، ومن المؤكد أنه يعتبر المدن التي لا يكون فيها الحكماء والفلاسفة في موقع الصدارة، هي مدن فاسقة وضالة ومتبدلة..الخ أو ليست من هذه الأصناف، بل على خصال وطباع أخرى يضيفها الفارابي :
ـ مدن الخسة والشقاوة : وهي التي يفضل أهلها منع الحياة على كل شيء.
ـ مدن الكرامة : وهي مدن يتعاون أهلها أن يكونوا متقدمين.
ـ مدن التغلب : وهي يريد أهلها التغلب على غيرهم.
ـ المدن الجماعية : وهي مدن يريد أهلها أن يكونوا أحراراً يعمل كل على هواه.
ـ مدن الجاهلية : وهي مدن يعمل كل على هواه.
ـ المدن الفاسقة : وهي مدن تعلم طريق الفضيلة وتحيد عنه.
وإذا كانت الفلسفة(العقل) قد اختلفت مع الدين في قضيتين رئيسيتين :
الأولى: تقول الفلسفة : لا شيء يخلق من لا شيء.
ويقول الدين : الله خلق العالم من لاشيء.
الثانية : تقول الفلسفة : ليست هناك حقائق نهائية، وكل الظواهر خارقة كانت أم طبيعية
خاضعة للعقل.
ويقول الدين : هناك قضايا روحانية نهائية لا يجوز فيها النقاش.(65)
والفارابي كان يقف دون شك في صف الفلسفة والفلاسفة، ولكنه أتفق مع أفلاطون وفلاسفة الإغريق في أشياء وأختلف معهم في أشياء أخرى، منها أنه لم يوافق وهو المسلم الشرقي على إباحة المرأة وشيوعية الملك والنساء. وكسبيل لمنع الاعتداء والتجاوز بين الطبقات كما أن أفلاطون حاول الجمع بين الشريعة وأحكامها وحكمة الفيلسوف.(66)
وفي سياق آرائه الفلسفية في جانبها السياسي، يتعرض إلى طائفة من المبادئ السياسية وأبرزها:
ـ العدل : وهو برأي الفارابي أساس الملك والمدينة الفاضلة والخير والسعادة والأخلاق.
ـ التخصص والطاعة والتعاون : كتعاون أعضاء الجسد والنظام والقيادة والقانون برعاية
العقل الذي في الرأس والقلب الذي في الصدر. والتخصص واجب وطني وفرض
اجتماعي وركن من أركان العدل والسعادة والإبداع في المدينة الفاضلة.
ـ المال والملكية والتملك : وهي برأي الفارابي وظيفة اجتماعية ولا يجوز عنده أن يخرج
من يد المالك من ماله شيء ما لم تضمن توازن سلامة الأطراف المشتركة في التعامل
وهي :
• سلامة منافع ورغبات المالك.
• سلامة حق رأس المال وأن لا ينقص إلا في ظرف قاهر تكون فيه لحاجة الجمهور وحاجة تبرر النقصان.
• سلامة منافع الجمهور وحاجته ورغبته.
ـ ويرى الفارابي أن التوسل لجمع المال وإلى الثراء بطريقتين : من أنفسهم ومن غيرهم فيحفضونها ويديرونها، وإما من أنفسهم، فمثل البيع والشراء وإما من غيرهم فبالغلبة في تكوين الثروات، وهي أساس التوسع السياسي والاقتصادي.(67)
وفي مطالعة أعمال الفارابي الأخرى: رسالة في السياسة، إحصاء العلوم، نجد أراء فلسفية / سياسية عميقة الغور، ومن تلك على سبيل المثال: رفعه من شأن السياسة وأعتبرها توجيه الغاية للسلوك والنظر، وبذلك ” حدد الفارابي ثلاثية: الدوافع / الوسائل / الأهداف، في قيام الحضارة التي أعتبر السياسة أرفع نشاط فيها. وأبتكر مصطلح للتدبير وهي أهم مصطلح فكري سياسي. فالسياسة عند الفارابي ” علماً أرفع من كل علم وينتفع من كل علم ثم يتمثل كل المعارف ويوجهه ” السياسة وغيره من العلوم أن يتأمل أحوال الناس بأعمالهم وتصرفاتهم، ما شهدها وما غاب عنه مما سمعه وتناهى إليه منها وأن يمعن النظر فيها ويميز بين محاسنها ومساؤها وبين النافع والضار منها “.
ويؤكد الفارابي في أعماله على أهمية الاقتصاد فيقول في كتابه إحصاء العلوم، أن المال و الثراء هو من مستلزمات الحياة الاجتماعية، وإن الاقتصاد الناجح هو الاقتصاد الذي تشرف عليه الدولة”.(68)
الهوامش :
55. الهاشم، جوزف : الفارابي ، ص 14 / 21
56. تيزيني، د. طيب : مشروع رؤية ، ص383 / 284
57. زايد، سعيد : الفارابي ، ص29 / 33
58. جزيني، إبراهيم : مقدمة لكتاب أراء أهل المدينة الفاضلة ، ص13
59. الفارابي، أبو نصر : كتاب أراء أهل المدينة الفاضلة ، ص25
60. الهاشم، جوزف : الفارابي ، ص61
61. الهاشم، جوزف : نفس المصدر ، ص65
62. الفارابي : كتاب أراء ، 95
63. الفارابي : كتاب أراء ، ص 95 / 96
64. الفارابي : كتاب أراء ، ص103 / 104
65. الفارابي : كتاب أراء ، ص106 / 107
66. الفارابي : كتاب أراء ، ص164 / 166
67. صالح، مدني : السياسة الفارابية ، مقال
68. مطلك، فضيلة عباس : الفلسفة السياسي ، مقال
الصفحات من 3 إلى 7 مستلة من كتابنا: الاستهلال والاستكمال الجزء
المركز العربي الألماني / برلين
العدد : 435

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب