الصحافه

وثائق السنوار.. خطة مشتركة بين “محور المقاومة”: يمكن تدمير إسرائيل

وثائق السنوار.. خطة مشتركة بين “محور المقاومة”: يمكن تدمير إسرائيل

عاموس هرئيل

الوثائق التي عثر عليها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة أثناء الحرب ضد حماس، تلقي الضوء على استعداد حماس قبل الهجوم في 7 أكتوبر. الوثائق التي استُخدم بعضها أيضاً في تحقيقات “أمان” و”الشاباك” حول الإخفاقات التي سمحت بالهجوم المفاجئ على مواقع الجيش الإسرائيلي والبلدات في الغلاف، توثق تبادل الرسائل بين قيادة حماس في القطاع وقيادة الخارج، وأحياناً مع حزب الله وإيران، في محاولة لتنسيق الهجوم فيما بينهم.

يتضح من الوثائق أن قادة حماس سرعت توجهها في بداية 2021 إلى إيران لمساعدتهم في تمويل الهجوم، الذي وعدوا بواسطته بإلحاق الهزيمة بإسرائيل. وقبل الحرب بسنتين، كان هناك نقاش صاخب بين أعضاء المحور الراديكالي فيما يتعلق بطبيعة الهجوم المشترك. ورغم نضوجه في نهاية المطاف، لم تنضج الخطط إلى هجوم منسق ومتعدد الساحات، لكن العملية نجحت في مفاجأة أجهزة الاستخبارات في إسرائيل. تحليل الوثائق التي عثر عليها، نشره الأسبوع الماضي موقع “مركز تراث الاستخبارات”، الجسم الذي يعمل بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات، وعلى الأغلب يساعد على نشر مواد اعتبرت في السابق سرية. كاتب التحرير هو الدكتور أوري روست، الباحث والمحاضر في كلية سبير.

يتضح من الوثائق أن قادة حماس سرعت توجهها في بداية 2021 إلى إيران لمساعدتهم في تمويل الهجوم، الذي وعدوا بواسطته بإلحاق الهزيمة بإسرائيل

كتب روست أنه منذ إقامتها في 1987 أيدت حماس نظرية عدم قانونية الوجود الإسرائيلي واعتبرته غير أخلاقي. مع ذلك، حسب روست، ولأن هذه المنظمة كانت تدرك قيودها العسكرية والسياسية، فقد حافظت على توقها لتدمير إسرائيل كحلم للمستقبل، وركزت على القتال الذي يهدف إلى تجنب الخسارة. حسب سياسة حماس، فإن النجاح في ذلك يساوي النصر. ولكن بعد عملية “حارس الأسوار” في 2021 حدث تغير في مقاربة حماس. وتبلور لدى القيادة العليا إدراك بأن تدمير إسرائيل أصبح هدفاً يمكن تحقيقه في الفترة القريبة. وعُبّر عن هذا التغير في تصريحات علنية لكبار قادة حماس، ولكن يبدو أن الطرف الإسرائيلي اعتبرها تبجحاً عبثياً.

الوثائق التي عثر عليها تؤكد وتستكمل أموراً قيلت علناً. رئيس حماس يحيى السنوار، وإيران وحزب الله، بدأوا في رؤية تدمير إسرائيل خطة ذات احتمالية جيدة للنجاح. لا يدور الحديث عن أحاديث عبثية، بل أفكار تم دمجها ببناء خطط عملية وتنسيق مستمر بين مكونات “محور المقاومة” برئاسة إيران. واعتمدت هذه المقاربة على ما اعتبرته أوساط أعضاء المحور “ضعفاً إسرائيلياً”. طرحت الخطة للنقاش في محادثات بين حماس وحلفائها في وقت الإعداد للهجوم. ولكن إسرائيل لم تفهم التغير الاستراتيجي.

وقدر روست أن الضربة الشديدة التي تعرضت لها حماس وإيران وحزب الله أثناء الحرب، ربما تعيد “خطة التدمير” إلى الوراء، إلى مستوى الحلم. ولكن على المدى البعيد، إذا نجحت حماس في ترميم نفسها وحصلت على المساعدة من إيران، فستعود المنظمة للانشغال بالخطة.

تتضمن وثيقة روست اقتباسات قيلت علناً وفي منتديات داخلية، حول نقاشات بشأن تطبيق خطة التدمير. في الخطاب الذي ألقاه السنوار في المؤتمر المعقد في غزة عام 2021، بعنوان “فلسطين بعد التحرير”، أظهر التقدير بأن “النصر قريب… نرى التحرر، نستعد لما بعد ذلك”. نوقشت في المؤتمر أفكار للسيطرة على أرض إسرائيل بعد احتلالها. في مسلسل “انتصار الأحرار” الذي أخرجته حماس وبثته في رمضان ونيسان 2022، يقول الشخص الذي لعب دور محمد ضيف، رئيس الذراع العسكري: “ميزان القوى تغير. نحن الآن نغزوهم… ستكون لحظة حاسمة في التاريخ، سيكون يوماً لن ينساه العدو إلى أن يتم تدميره”.

أما صالح العاروري، وهو من كبار قادة حماس الخارج، فقال في مقابلة في آب 2023 إن “الحرب الشاملة أصبحت أمراً لا يمكن تجنبه. معنيون بها، محور المقاومة، الفلسطينيون، جميعنا نريدها”.

رئيس حزب الله، حسن نصر الله، أعلن بعد عملية “حارس الأسوار” عن معادلة جديدة، مفادها استمرار الرد على المس بالحرم في القدس، وستكون “حرب إقليمية من أجل القدس”. بعد سنتين، قال حسن نصر الله إن هناك أملاً بالفعل لتحرير فلسطين، من البحر حتى النهر. الجبهة الداخلية الإسرائيلية، كما قال، ضعيفة ومتعبة وخائفة، ومستعدة دائماً لحزم الحقائب والذهاب.

وكتب روست أيضاً بأن هذه التصريحات العلنية تجد صدى داعماً لها في الوثائق التي عثر عليها، والتي تدل على أن هذا لم يكن تبجحاً عبثياً. بأثر رجعي، هو يشخص تغيراً جوهرياً في استراتيجية حماس، وباتجاه الإيمان بقدرة فعلية على تدمير إسرائيل. في الوثيقة التي كتبها السنوار في كانون الثاني 2019 عقب المحادثات التي أجريت مع الإيرانيين، كتب أن حماس معنية ببلورة “اتفاق مشترك يشمل “قوة القدس” التابعة لحرس الثورة الإيراني وحزب الله وحماس، والاستعداد لحرب تحرير القدس وتفعيل كل الجبهات ضد العدو المشترك: إسرائيل. وإعداد خطة عملياتية تنفذ ضد العدو من كل الجبهات”.

في الوثيقة التي كتبها السنوار في كانون الثاني 2019 عقب المحادثات التي أجريت مع الإيرانيين، كتب أن حماس معنية ببلورة اتفاق مشترك يشمل “قوة القدس” التابعة لحرس الثورة الإيراني وحزب الله وحماس، والاستعداد لحرب تحرير القدس وتفعيل كل الجبهات ضد العدو المشترك: إسرائيل

تقتبس وثيقة روست رسالة لكبار قادة حماس في غزة إلى إسماعيل قاآني، قائد “قوة القدس” في حزيران 2021. كتب فيها أن “الهدف هو النصر الكبير وإزالة السرطان”. وأيضاً “تصفية الكيان وإزالته من أرضنا والأماكن المقدسة”. وأُرفق بالرسالة طلب تمويل بمبلغ 500 مليون دولار لسنتين لإعداد النشاطات العسكرية. في الرسالة التي أرسلت للزعيم الأعلى في إيران علي خامنئي، كتب الغزيون أن “الكيان الوهمي هذا (إسرائيل) أضعف مما يظهر للناس، وبفضل مساعدتكم يمكننا اجتثاثه وإزالته”. بعد شهر، كتب السنوار لسعيد يزدي، رئيس فرع فلسطين في “قوة القدس”، ووعد بـ “نصر استراتيجي عظيم ستكون له تأثيرات استراتيجية على مستقبل المنطقة كلها”. وقد طلب منه مساعدة حماس في بناء قدرة عسكرية مستقلة في جنوب لبنان.

بعد سنة من ذلك، تعزز التنسيق بين قيادات حماس في القطاع وفي قطر. أرسل السنوار رسالة إلى إسماعيل هنية، الذي كان في الدوحة، عرض فيها سيناريو استراتيجياً لتصفية إسرائيل. وحسب قوله، فمنذ انتهاء عملية “حارس الأسوار”، يستعد “المقاتلون الجهاديون بسرعة كبيرة وبدون توقف. مستوى الجاهزية لمعركة استراتيجية كبيرة ستغير وجه المنطقة، بات كاملاً”.

وصف السنوار ثلاثة سيناريوهات هجوم محتملة: الأول، الأفضل من بينها، هو هجوم مشترك لحماس وحزب الله، ويفضل أن يكون في أعياد اليهود؛ لأن إسرائيل فيها “تزيد أعمال الاعتداء في الحرم”. الثاني هجوم لحماس مع دعم جزئي من حزب الله، سيضع أسس تصفية إسرائيل في المستقبل. الثالث، تعمل حماس بقوة من غزة ومن الضفة الغربية مع مساعدة من مليشيات من الأردن وسوريا، بدون مساعدة مباشرة من حزب الله أو إيران. هذه الخطوة لا تحتاج إلى مصادقة مسبقة من إيران، بل إلى التنسيق مع حزب الله. وطلب السنوار من هنية أن يسرع في زيارة إيران والمضي بتأسيس قوة حماس في لبنان.

في 1 تموز 2022 كتب هنية للسنوار بأنه أجرى لقاء سرياً مع حسن نصر الله ويزدي من قوة القدس، تم فيه طرح السيناريوهات. وكتب هنية بأن حسن نصر الله أظهر دعمه للسيناريو الأول، وأشار إلى أن الأمر يتعلق بسيناريو منطقي سيُعرض على خامنئي. بعد نصف سنة، وصف هنية في مؤتمر لحماس في الدوحة، التطرف في إسرائيل مع تشكيل حكومة اليمين برئاسة نتنياهو، وقدر أن النزاع مع إسرائيل يقترب من الانفجار، وذكر بالاحتجاج ضد الانقلاب النظامي كعامل مضعضع لإسرائيل.

في منتصف حزيران 2023 زار وفد لحماس برئاسة هنية والعاروري، إيران، والتقى مع كبار قادة النظام برئاسة خامنئي. وأكد هنية في المحادثات بأن منظمته مستعدة لمعركة جديدة ضد إسرائيل برئاسة حماس. أشارت إيران إلى أنها ترى “إمكانية لإزالة إسرائيل من الخارطة”.

هذا هو اللقاء السري الأخير الموثق في وثيقة مركز تراث الاستخبارات. البقية، للأسف الشديد، معروفة لكل إسرائيلي: قررت حماس في نهاية المطاف المهاجمة وحدها بدون تنسيق الموعد مع إيران وحزب الله. حسن نصر الله من ناحيته تردد، وفي النهاية أمر بمشاركة جزئية من لبنان – إطلاق الصواريخ وإعطاء الضوء الأخضر لمحاولات اقتحام لمنظمات فلسطينية بصورة تمكن إسرائيل من الاستعداد لها، بعد ذلك البدء في هجوم مضاد في قطاع غزة. حتى هكذا، تفاجأت إسرائيل من الهجوم في غزة، وكانت أضراره كبيرة.

هآرتس 17/3/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب