رهان نتنياهو على الحصان الخاسر امام الصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني بقلم الكاتب مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
بقلم الكاتب مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
رهان نتنياهو على الحصان الخاسر امام الصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني
بقلم الكاتب مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
19.3.2025
—————————————
الاستراتيجية الاسرائيلية القائمة منذ نشاتها وحتى اليوم وغدا اي في ظل المنظور القريب والبعيد في ان تلعب دور الشرطي في منطقة الشرط الاوسط ، وان تصل يدها ” ذراع النمر” الى المناوئين والمعارضين لسياستها هو المشهد القائم. الحروب التي اندلعت بسب تعدياتها على محيطها وما سببته تلك الحروب احدث علامة فارقة لدى الشعوب في الاقليم والمنطقة. حروب اسرائيل لم تعد من اجل الحفاظ على وجودها بقدر ما هو تدخل في شؤون الاخرين وفرض اجندة وسياسات على الاقليم ودول المنطقة، تحاول ان تضمن ولائهم او عدم مناوئتهم لها.
ومن الواضح بعد السابع من اكتوبر 2023, ان كل القيادات الاسرائيلية حكومة ومعارضة على حد سواء ، تتفق على عدة امور جوهرية. من الواضح ان السياسة الاسرائيلية تعمل على انهاء القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي دون ان تكون هناك التزامات اسرائيلية مترتبة على احتلال المدن والقرى الفلسطينية وتهجير سكانها الى مناطق اللجوء في سنة 1948. وبالتالي فانهم يبنون استراتيجياتهم والمفاهيم التي يعملون بها في ادارة الصراع الذي مضى عليه ثمان عقود ، ولا يوجد ضمن الاجندة الاسرائيلية حلول وافاق تفضي الى سلام بينها وبين محيطها العربي، وتضع ضمن اجندتها عودة اللاجئين والنازحين وتعويضهم عن سنوات التهجير والخسائر التي لحقت بهم. وهي بهذا تضع على راس الاجندة في تلك السياسات ابقاء الوضع الفلسطيني مفتوحا دون حلول مما لا يساعد على استقرار المنطقة.
اسرائيل على راس اجندتها تعمل على اثارة الحروب والقلاقل في المنطقة، فقامت بتغذية الحركات الانفصالية في السودان وليبيا ، والعراق ، وسوريا، وفلسطين ، واليمن كما انها تحاول ان تبقي بعض الجبهات مشتعلة لاسباب عديدة، اهمها انها تحتل اراضي واسعة تسعى بحكم الدعم الامبريالي الدولي الى التوسع وضم تلك الاراضي الغنية بموقعها الاستراتيجي ومواردها وثرواتها المختلفة الى اسرائيل.
الرؤيا الاسرائيلية للحل مع الفلسطينين باتت واضحة ، وهي ان لا عودة للمهجرين واللاجئين الفلسطينيين عام 1948، اما المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، تعمل على تجميعهم في المدن والتجمعات الفلسطينية ذات الكثافة السكانية العالية ، معزولة ومنفصلة عن بعضها البعض بهدف منع اقامة دولة فلسطينية .
وهي ترى ان الفلسطينيين يجب ان يهجروا من فلسطين الى الدول العربية وغيرها، والبعيدة منها تحديدا ليتم توطينهم فيها، حتى لا يتمكنوا من العودة الى بلادهم او تشكيل اعمال مقاومة تعيد القضية الفلسطينية الى الواجهة العالمية.
الامر الثالث هو خلق عدو وهمي، وقد نجحت اسرائيل في تعزيز هذا المفهوم على وحدة الشعب الاسرائيلي، وكذل الحصول على دعم دولي تحت ما يسمى مكافحة الارهاب الذي يهدد امن اسرائيل . ان اسرائيل تعمل على استدامة الصراعات ولهذا تعمل على ايجاد او صناعة “العدو وهمي ” لتعمل من خلاله على اجندة تفتح لها ابواب لا يمكن ان تفتح في ظل سلام قائم، ووجهت مؤشرها باتجاه ايران ومحاورها ومنها حركة حماس وحزب الله اللذان يعتبران احد ادوات ايران في المنطقة ، مما فتح باب التصعيد العسكري الدائم ، والمستدام في المنطقة. وهذا المحور في ذاته موجها الى العالم الخارجي ليكسبها تعاطفا دوليا، وايضا الى الجبهة الداخلية من اجل فرض حالة من التماسك الداخلي ضد العدو الوهمي الذي يهدد امن اسرائيل ووجودها، لكن هل ننسى فضيحة ايران غيت في زمن الحرب العراقية الايرانية، يجب ان لا ننسى حتى ناخذ العبرة ان الاعداء الوهميون فقط لايجاد حالة من الرعب تفرضها على المنطقة.
لقد رفضت اسرائيل المبادرات العربية للسلام، وعملت على تقويض الاتفاقيات مع م ت ف، واعتبرت ان السلطة في برنامجها الدبلوماسي لاقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967, جهة معادية وارهابية تعمل ضد اسرائيل ، كما واظهرت ايضا ان حركة حماس العدو الذي يهدد امن ووجود دولة اسرائيل ووصل بها الامر اعتبار الرئيس عباس بانه ارهابي بحلته المدنية الرسمية التي يلبسها .
وفي ذات الوقت عملت على تعزيز مكانة ونفوذ حماس في غزة، ونقلت الاموال القطرية من خلال منظومتها الامنية الى قطاع غزة، لسنوات طويلة واستمر الامر حتى الهجوم الذي شنته حماس على غلاف غزة في السابع من اكتوبر 2023. ثم قامت وفق اجندة معدة مسبقا بعمل عسكري في قطاع غزة والضفة الغربية وهاجمت تكتلات اللاجئين الفلسطينين في اماكن تواجدهم بمخيمات اللجوء ، واحدثت تغيرا جوهريا في تلك المخيمات، فقامت بتهجير سكانها ودمرت البيوت في المخيمات وشقت الشوارع الطولية والعرضية فيها. كما وقامت وفي ظل حربها على اللاجئين الفلسطينين ، ان منعت منظمة الانروا التي اسست من اجل تشغيل واغاثة اللاجئين الفلسطينيين منذ بدء النكبة سنة 1948. كما واقدمت في قطاع غزة على تدمير القطاع بصورة شبه كاملة لتنفيذ اجندتها المرسومة منذ سنوات طويلة ، ليجد سكان غزة من النساء والاطفال والشيوخ المدنيين العزل انفسهم بين الركام وفي العراء.
الحرب التي تشنها اسرائيل بزعامة نتنياهو على الشعب الفلسطيني ، هي حرب من طرف واحد تهدف الى تماسك الائتلاف الحاكم الاسرائيلي اولا ، وثانيا من اجل الجمهور الاسرائيلي لابقائه تحت مظلة هذه الحكومة موحدا امام ما تسميه تهديد امن اسرائيل من الارهاب الفلسطيني ، بنك الاهداف العسكرية للاحتلال الاسرائيلي هم الشعب الفلسطيني الاعزل ومؤسساته المدنية والمرافق المدنية ، المدارس ودور الحضانة والجامعات وبيوت الله من الكنائس والمساجد ، والبيوت والابراج السكنية الذين وجهت اليهم اسرائيل حممها ، من القنابل الذكية وغيرها ذات القوة التدميرية الهائلة، لتقتل البشر والشجر والحجر.
هذه الحرب كشفت للشعب الاسرائيلي والعالم مدى كذب نتنياهو والحكومة الاسرائيلية، وان اهداف الحرب التي يشنها تتعدى الاسباب التي قامت من اجلها للافراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس، اضافة الى انهاء حكم الاخيرة في قطاع غزة. الحرب القائمة في بشاعتها والجرائم التي ترتكب، تشن ضد الشعب الفلسطيني من اجل اقتلاع جذوره من ارضه ، وتوطينه في مجاهل افريقيا او اي مكان اخر. هذه الحرب هي ارضاء لليمين الاسرائيلي الذي يهدف الى تغير الديموغرافيا على الارض الفلسطينية وعدم اقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.
كل تلك السياسات التي تعمل من خلالها حكومة الاحتلال رهان على حصان خاسر في طمس معالم القضية الفلسطينية ، وانهاء الوجود الفلسطيني على ارضه. لا التجويع ولا التعطيش ولا القتل ولا التدمير …. الخ يحطم امال واحلام الشعب الفلسطيني. الشعب الفلسطيني يرى في بقاءه على ارضه صمود وتحدي ورباط الى يوم الدين. هنا باقون ، هنا صامدون ،
ويا محلى النصر بعون الله.