مقالات
أطفال السودان ضحايا على مذبح الحرب العبيثة والإنتهاكات المروّعة! بقلم نعمت بيان
بقلم نعمت بيان

أطفال السودان ضحايا
على مذبح الحرب العبيثة والإنتهاكات المروّعة!
نعمت بيان
20/3/2025
بينما يشهد قطاع غزّة مجددا” حرب إبادة تطيح بالبشر وما تبقى من الحجر على مرأى ومسمع العالمين الغربي والعربي الصامتين في أفظع مشهدية جرائمية في العصر الحديث، يعاني االسودان أزمات لا تقل خطورة على ما تشهده فلسطين من قتل وتدمير وحصار وتجويع وتهجير. فإذا كان المحتل الصهيوني يرتكب مجازر مروّعة وانتهاكات يندى لها الجبين بحق الشعب الفلسطيني، فالقوى المتحاربة في السودان ترتكب انتهاكات لا تقلّ ترويعا” وفظاعة” بأبناء جلدتهن وبلدهم الذين يُنكل بهم منذ بداية الحرب دون أي جهد لإيقاف هذه الجرائم الفظيعة المنتهكة لكل القوانين الدولية والإنسانية والأخلاقية، والتي صٌنفت جرائم حرب.
فيكاد لا يمر يوم دون صدور تقارير عن منظمات ومؤسسات دولية وأممية وحقوقية تبيّن فظاعة تداعيات الحرب التي اندلعت منذ ما يقارب العامين بين القوات المسلحة بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) ، والتي أولى ضحاياها الأطفال. وكأنه لا يكفي أن الملايين من أطفال السودان يعانون من فجوات تعليمية وغذائية وصحية كارثية وتعرّضهم للقتل والتشويه والتشريد والتجنيد والاستخدام من قِبل الجماعات المسلحة، لتأتي جريمة اغتصاب الأطفال وحتى الرضّع منهم لتزيد من طين المشكلة بلّة . فالمتحاربون تجاوزا كل المعايير الأخلاقية والاجتماعية والقانونية عبر انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان أخطرها حالات الإغتصاب الكبيرة التي تتعرض لها النساء الأطفال، والتي حثت المنظمات الأممية لدق ناقوس الخطر نظرا للاعداد الكبيرة التي طالتها هذه الجريمة.
ففي تقرير لمنظمة اليونيسف الصادر في 3 أذار/مارس 2025، يفيد بأن المسلحين أغتصبوا أطفالا” بمن فيهم رُضّع لا تتجاوز أعمارهم السنة. ويبين التقرير صورة أكثر من مؤلمة لهذه الجريمة التي يتعرض لها الأطفال، حيث تم تسجيل 221 حالة اغتصاب ضد الأطفال منذ بداية عام 2024، وهذه الأرقام لا تمثل سوى القليل من إجمالي الحالات، لأن الأسر الناجين غالبا” يترددون عن الإبلاغ عن هذه الحالات بسبب الخوف من الوصم الذي قد يواجهونه، والخوف من حالات الإنتقام، إضافة إلى صعوبة الوصول إلى المعنيين والعاملين في الخطوط الأمامية، لذلك يصعب توثيق كل الحالات في ظل الوضع القائم، خاصة في أماكن النزوح.
وذكر التقرير أن من بين 221 شخصا” تعرّض للإغتصاب، هناك 147 طفلة، أي 66% من الضحايا، بينما نسبة الصبيان 33%، وهم معرّضون للوصم وتحديات في الإبلاغ وطلب المساعدة والوصول إلى الخدمات.
كما أصدرت المنظمة تقريرا في 14 آذار/مارس 2025 يفيد “بأن أكثر من 16 مليون طفل في السودان بحاجة ماسة إلى المساعدة، ونحو 17 مليون طفل خارج المدرسة منذ عامين. وتواجه الفتيات مخاطر جسيمة، بما فيها العنف الجنسي والاتجار والزواج القسري. وأكثر من 12 مليون شخص معرضون لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي”.
وفي نفس السياق ، نشرت منظمة الامم المتحدة لحقوق الإنسان تقريرا” بتاريخ 6 آذار /مارس 2025 يسلط الضوء على حالات الاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة للمعتقلين من قِبل قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في ولاية الخرطوم، فقد تم احتجاز عشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم النساء والأطفال دون أي تهم. ويوثق التقرير أيضا” استخدام أطفال لم يتجازوا الرابعة عشر من العمر من قِبل الدعم السريع للعمل كحراس في سجن سوبا، واحتجاز أطفال لا تتعدى أعمارهم 13 عاما” مع أشخاص بالغين، مما يعرضهم لتعديات وتحرشات لا أخلاقية، كما تم الإبلاغ عن حالات عنف واستغلال جنسي لمحتجزات في مرافق الإحتجاز التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وتوازيا، وعلى الصعيد الصحي، ووفقا” لمنظمة الصحة العالمية، فإن أطفال السودان الذين يشكلون 42% من إجمالي الذين لم يتلقوا جرعة تحصين في منطقة شرق المتوسط، التي تضم 22 دولة. وانخفضت نسبة التغطية بالتلقيح في البلاد من 85% قبل الحرب إلى حوالي 50%، وفي المناطق التي يدور فيها النزاع يبلغ متوسط معدلات التطعيم 30%، وهو معدل منخفض للغاية.
هذا غيض من فيض مما يتعرض له الشعب السوداني بأطفاله نسائه من انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان، وكأنه لا يكفي حالة القتل والتدمير لكل البنى التحتية والتهجير ونزوح الملايين في إلى أماكن تفتقر لكل الشروط الصحية والطبية والحياتية، وانعدام الأمن الغذائي، لتأتي جريمة الإغتصاب للأطفال لتزيد من معاناة السودانيين، حيث ستخلق أزمات وندوبا” نفسية وصحية للضحايا ليس بالسهولة تجاوزها.
إن السودان اليوم يعاني أكبر كارثة إنسانية في العالم بسبب المعارك يسن طرفي النزاع والمدنيون هم زاد هذه الحرب، حيث لا يتسجيب طرفي النزاع لدعوات ومناشدات وقف الحرب، مما سيترك كبرى التداعيات على مستقبل السودان وشعبه .
لذا المطلوب من المجتمع الدولي والعربي العمل بجدية واهتمام أكبر لإجبار طرفي الصراع على وقف القتال ووضع حد لمأساة الشعب السوداني الذي يستحق حياة كريمة وآمنة. لأنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه، سيعرض جيل بكامله لخطر الضياع نتيجة الأوضاع المأساوية التي يعيشها أكثر من 16 مليون طفل.
فهل من يستجيب ويستدرك هذا الخطر الذي يهدد أطفال السودان؟؟؟