ازمات نتنياهو الداخلية تتفاقم وتتدحرج مثل كرة الثلج انعكاساتها في الهروب الامام وطوق النجاة يبتعد عنه
بقلم مروان سلطان - فلسطين

ازمات نتنياهو الداخلية تتفاقم وتتدحرج مثل كرة الثلج انعكاساتها في الهروب الامام وطوق النجاة يبتعد عنه
بقلم مروان سلطان. فلسطين
22.3.2025
تتفاقم الازمات الداخلية في الكيان الاسرائيلي يوما بعد يوم بسبب الاتجاهات والسياسات اليمينية التي تسيطر على الحكومة الاسرائيلية. ومع تفاقم تلك الازمات فانها تترك انعكاساتها على داخل الكيان الاسرائيلي من جهة، وتترك بصماتها على التوترات الاقليمية والعلاقات الدولية، مما يترك الباب مفتوحا امام مصير هذه الحكومة سواء بقيت في الحكم الى مدة حكمها او ذهبت الى انتخابات مبكرة. وتطول الازمات القطاعات المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية على حد سواء ، كل ذلك له انعكاسات على الاقليم بشكل واسع بسبب التوترات التي تتركها الحرب على غزة، والتوتر في الشمال على الحدود مع لبنان وسوريا. تدل تلك الانعكاسات على ان سياسات الحكومة تترك فراغا في الشان العام الاسرائيلي يحتاج الى اجابات وافعال لمعالجتها، ولكنها وضعت لنفسها اولويات اخرى تاركة تلك التساؤلات دون اجابات، مما خلق مساحة للعمل في الشارع الاسرائيلي وعلى راس ذلك قضيتين هامتين وهم الرهائن الاسرائيلين لدى حركة حماس، والاخرى تتعلق بالتغيرات التي وضعتها الحكومة على اجندتها في الجيش والقضاء ومنظومة الدولة العميقة، ومنها مجموعة الاقالات والتعيينات لكبار مسؤولي الدولة واخرها اقالة رئيس الشاباك “رونين بار ” ، مما يترك المجال للتفسيرات الى اين تتجه اسرائيل اذا ما تم ذلك؟ . وهذا يعني ان عصر الديمقراطية في اسرائيل قد انتهى!.
القاضي ايهود براك الذي شغل منصب رئيس المحكمة العليا في اسرائيل يقول ” الحرب الاهلية بدئت في اسرائيل”، بينما يقول اخرون ان اسرائيل دخلت في “الفوضى الخلاقة “، وهذا وضع مثالي لرئيس الحكومة الاسرائيلية واليمين الاسرائيلي بحيث في ظل هذه المناخات يتم التغطية على قضية ما يسمى ادعاء الاخفاقات في يوم السابع من اكتوبر، لصد هجوم حركة حماس الذي اثناء هذه العملية لم تطلق رصاصة واحدة على المهاجمين من حركة حماس طيلة ساعات الهجوم، وتلك واحدة من القضايا التي بقيت تشغل بال الراي العام الاسرائيلي، ويرفض نتنياهو فتح تحقيق في ملابساتها لتبقى اسرارا يحتفظ بها نتنياهو لنفسه، لكن تشير الوقائع ان نتنياهو تحديدا كان يعلم بالهجوم وتفاصيله لكنه ابقى ذلك طي الكتمان لينفذ مخططات تم اعدادها مسبقا في الشان الفلسطيني، وكان يحتاج الى مثل تلك العملية النوعية لتنفيذ مخططاته. وفي طل هذه المناخات السياسية وانعدام الثقة بين مختلف فئات المجتمع الاسرائيلي ، فان اسرائيل تدخل في نفق مظلم له تداعياته الداخلية والخارجية.
الحراك الشعبي الاسرائيلي بدء من اجل الضغط على الحكومة الاسرائيلية من اجل الافراج على الرهائن، وكان هذا الحراك يتمدد ويتقلص في الشارع الاسرائيلي ، والحكومة الاسرائيلية تضع في اولوياتها الحرب على غزة ، ولم يكن ابدا الرهائن هم العنوان في تلك المعركة ، لان الاهداف الموضوعة تتعدى الافراج عن الرهائن وثبت بالوجه القاطع ان اسرائيل لم تستطع الافراج عن الرهائن الا من خلال المفاوضات ولكنها كانت على مضض تنفذ هذه المهمة، حتى الهدنة والصفقة الاخيرة كانت ارضاء للرئيس ترامب قبل دخوله البيت الابيض. وتاكيدا على ما نقول فان اسرائيل ، مع انتهاء المرحلة الاولى من الاتفاق ارادت تمديد هذه المرحلة باخراج اكبر عدد من الرهائن دون الدخول في استحقاقات المرحلة الثانية التي اهم بنودها انهاء حالة الحرب وانسحاب الجيش الاسرائيلي من غزة وهذا يتنافى مع اهداف الحرب من الجانب الاسرائيلي ، التي اعلنت عن بدء الاعمال العسكرية مرة اخرى في غزة ، وقتلت في اليوم الاول من الهجوم الاخير حوالى فلسطيني في قطاع غزة.
ومع بدء الجديدة من الحرب على غزة من طرف واحد، لان المستهدف هم المدنيين، واعمال القصف والتدمير يطال المدنيين الفلسطينين ، فقد بدء الشارع الاسرائيلي مرة اخرى حراكه في الشارع ليواجه انقسام الشارع وتحريض اليمين.
كما ان الحراك الاسرائيلي تعرض لاول مرة الى العنف من قبل الامن الاسرائيلي عندما بدء الشارع حراكه معترضا على سياسات الاقالات التي بدءا طالت رئيس الشاباك ، وهي المرة الاولى التي نسمع ونرى هذا العنف بشكل غير معهود من قبل اجهزة الامن الاسرائيلية باتجاه الحراك الشعبي الاسرائيلي ، وكان فقط العنف يتصدر الحراك الذي يقوم به العرب.
نتنياهو يواجه العديد من التحديات والازمات المتدحرجة على المستوى المحلي والدولي ، تتمثل في الداخل بتهم الفساد وتلقى الرشاوى، ويبدو انه مدان في بعضها ، واخرى دولية التي صدرتها محكمة الجنايات الدولية ضد جرائم الحرب التي ارتكبها ويرتكبها بحق الفلسطينين على مدار احتلاله وحربه معهم. لذا يعمل نتنياهو في اطار ذلك التهرب من كل هذه الاستحقاقات ومن اجل التخفيف عن كاهله من المسالة والمحاسبة على “الهروب الى الامام” وذلك بخلق توترات اقليمية وباشعال الحروب في الاقليم، ذلك طالما ان الحروب مشتعلة فان مصيره السياسي باق ، وفي حال عاد السلم انهارت الحكومة وانهار معها مستقبله السياسي. كل تلك السياسات المتدحرجة مثل كرة الثلج والنهج اليميني المتطرف الذي ينقل اسرائيل بشكل متسارع الى سياسة الحزب الواحد ، والشخص الواحد وانتهاء مظاهر الديمقراطية الكذابة في اسرائيل التي طالما تفاخرت بها بانها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط ، فانه ياخذ اسرائيل اليوم الى نفق مظلم ، له تداعياته على النسيج المجتمعي الاسرائيلي ، مما يزيد الانقسام بينهم والذي يضع اسرائيل في وضع “الفوضى الخلاقة” ولربما يؤدي الى الحرب الاهلية، وهذا ما يعزز ابتعاد طوق النجاة عن رقبة نتنياهو ، وانتهاء عصره الدموي.