
الجزائر تستعيد منتخبها؟

حفيظ دراجي
حضور جماهيري كبير في سهرة رمضانية استثنائية، وفرجة كروية ممتعة، وفوز خامس بالخمسة، يضع المنتخب الجزائري في الطريق الصحيح نحو مونديال 2026، بعد مواجهة المنافس المباشر منتخب موزمبيق في الجولة السادسة من تصفيات كأس العالم الخاصة بمنطقة إفريقيا رغم غياب الكثير من الكوادر بسبب الاصابات، ما سمح ببروز آخرين على غرار بوداوي وزرقان وقندوسي وحجام الذين وضعوا المدرب بيتكوفيتش في وضع يصعب فيه الاختيار لاحقا عندما يعود بن ناصر وعوار وزروقي وبونجاح، ويشتد التنافس بين اللاعبين على المناصب في منتخب لم يعد يتأثر بالغيابات والضغوطات، ولا بالظروف الطبيعية والمناخية، وعادت لتكبر طموحات لاعبيه وعشاقه وجماهيره بعد أكثر من سنتين من التراجع والتوتر.
كل شيء كان جميلا في ملعب “الشهيد حسين أيت أحمد” بتيزي وزو الذي استقطب عشرات الآلاف من المناصرين من كل مكان، جاءوا لتشجيع منتخب بلادهم، وصنعوا صورا جميلة في شوارع المدينة التي استقبلتهم على موائد الإفطار قبل المباراة، وفي ظروف تنظيمية جيدة في مدرجات الملعب حيث كان التجاوب كبيرا مع عزف النشيد وجمال الأهداف الخمسة التي سجلها الخضر، وسمحت لهم بالانفراد بمقدمة ترتيب المجموعة بفارق ثلاث نقاط قبل أربع جولات على نهاية التصفيات بعد أن حقق خمسة انتصارات من أصل ست مباريات، شهدت تحسنا كبيرا في المردود الفردي والجماعي، وتحكما واضحا للمدرب في مجموعته، التي بدأت تستوعب هوية لعب تقوم على روح المجموعة قبل الفرديات.
فوق الميدان بدت الأمور سلسة وجميلة ومريحة رغم اقحام المدافع الأيسر حجام في الجهة اليمنى بسبب اصابة عطال، ورغم استبدال ثنائي الوسط زرقان وبن زية الذي لعب في بوتسوانا قبل أربعة أيام بقندوسي وشايبي، والأكثر من ذلك أقحم المدرب بيتكوفيتش أربعة مهاجمين في الشوط الثاني بعد أن كان متفوقا بالخمسة، وبقي ضاغطا على المنافس الى غاية الأنفاس الأخيرة من اللقاء الذي برز فيه صاحب الهاتريك مهاجم فولفسبورغ محمد لمين عمورة الذي سجل خمسة أهداف في مباراتين رسميتين متتاليتين، وصار قطعة أساسية مهمة في ظرف وجيز رغم المنافسة القوية في وجود بونجاح وغويري وبن زية وبلايلي وسعيد بن رحمة، من دون أن ننسى وسط الميدان المايسترو هشام بوداوي الذي فرض نفسه كقطعة مهمة يصعب الاستغناء عنها مستقبلا.
المدرب السويسري للمنتخب الجزائري فلاديمير بيتكوفيتش أكد البارحة أنه في الطريق السليم، سواء تعلق الأمر بكيفية تعامله مع المجموعة والمباريات والضغوطات، أو تعامله مع الصحافة الجزائرية التي راحت ترافقه بعد أن اقتنعت بتصوره ورؤيته للكيفية التي يستعيد بها هيبة الفريق ويبعث فيه تنافسا ايجابيا مفيدا على المناصب بكل هدوء ومرونة، ومن دون ضجيج أو احتكاك مع اللاعبين تارة، ومع الإعلاميين تارة أخرى، وأحيانا ضد المنافسين والحكام، فكانت المحصلة تراجع في المردود والنتائج، ما كلفنا الغياب عن كأس العالم الأخيرة والخروج من الدور الأول لنهائيات كأس أمم أفريقيا مرتين متتاليتين، وتلويث الجو داخل المجموعة، وبين المنتخب وجماهيره وإعلامه رغم الدعم الرسمي والشعبي الذي كان يحظى به المنتخب بكل مكوناته.
الأسبوع الماضي كتبت في نفس الزاوية أن “الوصول الى أمريكا يمر عبر بوتسوانا” في اشارة الى ضرورة الفوز بالمباراة ما قبل الأخيرة، والآن بعد الفوز في بوتسوانا وتيزي وزو على موزمبيق، صار الكل في الجزائر يفكر في كيفية الفوز بكأس أمم إفريقيا في المغرب، والتألق في كأس العالم 2026، بعد أن ارتفع سقف الطموحات من دون ضغوطات، وصار للمنتخب الجزائري مدرب ملائم يتوجه بثبات وبدون ضجيج نحو بناء هوية لعب لا تتأثر بالغيابات، وإعادة بناء منتخب يلعب كرة ممتعة وجميلة بلاعبين يتحلون بروح عالية ويقدمون كل ما لديهم بكل الاحترام لجماهيرهم التي تبقى فريدة في وفائها ودعمها وتشجيعها وتعلقها بمنتخب بلادها.
إعلامي جزائري