نتنياهو منافساً الجيش في أيهما أكذب “أنا أمرته بذلك”.. هكذا فضح “بطل التسريب” نفسه وهو يغازل “مساعده الأول” أوريخ

نتنياهو منافساً الجيش في أيهما أكذب “أنا أمرته بذلك”.. هكذا فضح “بطل التسريب” نفسه وهو يغازل “مساعده الأول” أوريخ
أعلن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، أمس، أن رئيس الأركان استكمل التحقيق الأولي في مسألة إطلاق النار على عاملي الإغاثة الفلسطينيين في رفح في 23 آذار الماضي. وقيل في البيان إن زامير أصدر تعليمات لتعميق الفحص بواسطة طاقم التحقيق التابع لهيئة الأركان برئاسة الجنرال احتياط يوآف هار ايفن، وأنه “تبين من التحقيق الأولي أن القوة أطلقت النار لشعورها بالتهديد على خلفية احتكاك سابق في المنطقة”.
لم يتطرق البيان قط إلى سبب تسريع الجيش الانشغال بالتحقيق مع التدخل المباشر لرئيس الأركان. ففيلم الفيديو الذي نشرته “نيويورك تايمز” من الهاتف المحمول الذي عثر عليه مع جثة أحد القتلى، الذي يناقض رواية الجيش الأولية ويكشف كذبها. الادعاء الرئيسي الذي طرح في الرد الأولي للمتحدث بلسان الجيش عن الحادث هو أن السيارات في القافلة التي أطلقت عليها النار لم تضع إشارات عليها مثل الأضواء الساطعة كما هو مطلوب من سيارات الإنقاذ، لكن الفيلم أظهر أن الأضواء كانت مشتعلة بشكل واضح.
هذا الكذب لم يولد في مكتب المتحدث بلسان الجيش في تل أبيب، بل على الأرض. فقد قاد القوة التي أطلقت النار نائب قائد الكتيبة وقائد سرية في الكتيبة تابعة للواء غولاني، هذا ما أبلغه للمسؤولين عنه. هذه الرواية تم تسويقها لقيادة الجيش الإسرائيلي العليا، ومن هناك عبر المتحدث بلسان الجيش الذي سوقها لوسائل الإعلام الأجنبية، التي أظهرت اهتماماً بالحادثة أكثر من وسائل الإعلام الإسرائيلية. وقال ضابط كبير في الجيش للصحيفة إن الرواية الميدانية أسقطتنا جميعنا. يتضح من الفيلم الآن أن سلسلة القيادة الدنيا كاذبة.
حسب أقواله، على رئيس الأركان أن يصر على استيضاح الحدث والاهتمام باتخاذ إجراءات قاسية ضد المتورطين. “هذا حدث أوسع بكثير مما يعتقد الناس”، قال. “يحدث في القطاع الآن مس شديد بالمدنيين الفلسطينيين، بسبب تواجدهم في المكان والزمن غير الصحيحين. هل تعرف من هو المخرب في غزة في نظر الجيش الإسرائيلي؟ كل من قتل. وإلى حين خروج أيال زامير بإعلان أن هناك أبرياء في قطاع غزة، وأنه لا يسمح بإطلاق النار إلا على من يعرض حياة الجنود للخطر، فلن ننجح في إصلاح هذا الوضع”.
بطل التسريب
تم إطلاق سراح يونتان أوريخ، مستشار نتنياهو الكبير، أمس إلى الإقامة الجبرية بعد التحقيق معه في قضية الأموال القطرية. يتبين في هذه الأثناء أن نتنياهو، محاولاً الإشارة إلى الإخلاص لمستشاره، قال في التحقيق إن تسريب جلسات الكابنت التي تم التحقيق مع اوريخ بسببها، جرى بتوجيه منه. هذا غير مفاجئ، لكنه يتناقض مع الرسالة التي سوقها رئيس الحكومة خلال سنوات، حيث بقي يتظاهر مرة تلو الأخرى بصدمته من التسريبات. عملياً، كانت الصورة مختلفة كلياً، بدءاً بتسريب عرض الجيش الإسرائيلي عملية “الجرف الصامد” في 2014 وانتهاء بتسريب رئيس “الشاباك” نداف ارغمان للنقاشات حول استخدام “الشاباك” تعقب المدنيين في فترة وباء كورونا في 2020.
الضغط الكبير الذي يبثه نتنياهو في قضية قطر، وبيانات مكتبه ضد رئيس “الشاباك” رونين بار، قد تدل على أن لرئيس الحكومة وحاشيته ما يخفونه في هذه القضية. في هذه الأثناء، بدأ رؤساء الجهاز السابقون في خلع القفازات كجزء من الدفاع عن بار. أحدهم، يورام كوهين، أكد أمس في مقابلة مع “صوت الجيش”، أن نتنياهو حاول تجنيده للمس بسرية نفتالي بينيت الأمنية حين كان وزيراً في حينه، وذلك بذريعة (كاذبة)، وهي أنه عندما كان جندياً، تم عزل بينيت من دورية هيئة الأركان بسبب مشاكل الولاء (مكتب رئيس الحكومة نفى ذلك، لكنه نفى في السابق أيضاً وجود علاقة مع المتحدث المعتقل ايلي فيلدشتاين).
في الوقت نفسه، يبذل بلاط نتنياهو جهداً لتشويه سمعة “الشاباك” كله. في الفترة الأخيرة، ثارت عاصفة مفتعلة عقب تسجيل أقوال رئيس القسم اليهودي في الجهاز، التي تناولت سلوكاً إشكالياً تجاه مشبوهين يهود. مثلما في السابق، لم يتأثر اليمين من المس بحقوق المشبوهين إلا عندما كانت الادعاءات تخدم هدفاً أكبر (في هذه الحالة الدفاع عن نتنياهو). التسريب هو إعداد للجلسة التي ستعقد اليوم في المحكمة العليا لمناقشة الالتماسات ضد إقالة بار من رئاسة “الشاباك”. من جهة أخرى، قدم يورام كوهين، أمس، تصريحاً مشفوعاً بالقسم للمحكمة العليا، أكد فيه ادعاءاته بشأن نتنياهو. الصراع على بقايا الديمقراطية في إسرائيل ارتفع الآن درجة أخرى؛ لا يجري في واشنطن، بل في القدس.
عاموس هرئيل
هآرتس 8/4/2025