الطوائف السورية.. مزيج حساس واختبار صعب للقادة الإسلاميين الجدد

الطوائف السورية.. مزيج حساس واختبار صعب للقادة الإسلاميين الجدد
تتعقّد آمال الرئيس السوري أحمد الشرع في لمّ شمل البلاد من جديد تحت راية حكومته التي يقودها إسلاميون، بسبب المزيج الطائفي والعرقي في البلاد.
ويغلب المسلمون السنة على سوريا، وتشمل الأقليات الدينية العلويين والمسيحيين والدروز والشيعة والإسماعيليين. وعلى الرغم من أن معظم السوريين من العرب، فإن البلاد تضم أيضًا أقلية عرقية كردية كبيرة.
وفي ما يلي لمحة عامة عن النسيج العرقي والطائفي في سوريا:
السنة
يشكّل المسلمون السنة غالبية سكان سوريا البالغ عددهم أكثر من 20 مليون نسمة.
كانت سوريا لعدة قرون جزءًا من الإمبراطورية العثمانية التي كان يحكمها السنّة، إلى أن انهارت قبل قرن من الزمان، وأصبحت البلاد تحت الانتداب الفرنسي. وهيمن السنة تاريخيًا على أقوى المدن السورية، دمشق وحلب وحماة وحمص.
وفي ظل حكم عائلة الأسد، كان المسلمون السنّة يشغلون بعض الأدوار البارزة، وكانت أسماء، زوجة الرئيس المخلوع بشار الأسد، من عائلة سنّية اكتسبت نفوذًا امتد حتى تمت الإطاحة بالأسد في ديسمبر/كانون الأول. لكن المحسوبية كانت تميل إلى حدٍّ كبير نحو الأقلية العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد بعد استيلاء حافظ الأسد، والد بشار، على السلطة عام 1970.
في عام 1982، شن الفرع السوري لجماعة “الإخوان المسلمين” السنّية انتفاضة في حماة ضد حافظ الأسد. وسحقت قواته التمرد، وقتلت أكثر من 10 آلاف.
وكان بعض من أبرز الفصائل التي شاركت في التمرد ضد عائلة الأسد تُعرف بأنها إسلامية سنّية، بما في ذلك “هيئة تحرير الشام”، التي كانت تابعة لتنظيم “القاعدة” حتى قُطعت العلاقات بينهما في 2016.
العلويون
تشكل الطائفة العلوية حوالي 10 بالمئة من السكان، وتُعتبر فرعًا من الشيعة، وتقدّس الإمام علي بن أبي طالب. وتتركز الطائفة العلوية في سوريا، لكن لها وجودًا في مناطق أخرى من الشرق الأوسط. ومعظم العلويين في سوريا من المزارعين الفقراء الذين ينحدرون من المنطقة الجبلية الغربية على البحر المتوسط.
وأنشأ الحكام الاستعماريون الفرنسيون دولة علوية على طول الساحل عام 1920، فيما اعتُبر إستراتيجية “فرّق تسد”. وتم دمج تلك الدولة في بقية سوريا في 1936، قبل أن تنال الاستقلال بعد عقد من الزمن.
واستولى حافظ الأسد، الذي ينحدر من قرية القرداحة العلوية، على السلطة بعد أنْ تدرّجَ في المناصب العسكرية و”حزب البعث”. وعلى الرغم من تبني آل الأسد القومية العربية العلمانية الخاصة بـ “حزب البعث”، فإنهم اعتمدوا على العلويين، وقلّدوهم مناصب في الجيش والأمن والمخابرات.
وقتل المقاتلون السنة 1500 من العلويين في المنطقة الساحلية، في مارس/آذار، بعد تمرد العلويين الموالين للأسد.
الدروز
هم أقلية عربية تمارس شعائر دينية مشتقة أصلًا من الإسلام، ويعيشون في لبنان وسوريا وإسرائيل وهضبة الجولان المحتلة، ويتمركز معظمهم في سوريا في محافظة السويداء المتاخمة للأردن، وفي المناطق المتاخمة لهضبة الجولان، وفي ضاحية جرمانا بدمشق.
وعلى غرار الترتيبات الخاصة بالعلويين، أنشأت السلطات الاستعمارية الفرنسية دولة تُدعى “جبل الدروز” مركزها السويداء حتى عام 1936.
وبعد اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، نظم الدروز احتجاجات على الأسد، لكنهم كانوا بمنأى عن معظم أعمال العنف الجماعي التي اندلعت في أماكن أخرى من البلاد. وتعرضوا لهجمات بين حين وآخر من جماعات أخرى، منها “هيئة تحرير الشام” وغيرهم من المسلحين الإسلاميين السنة.
للدروز هوية متماسكة وعقيدة تميزهم ظهرت في القرن الحادي عشر، وتضم عناصر من الإسلام وفلسفات أخرى، مع التركيز على التوحيد والتناسخ والسعي وراء الحقيقة. ويحافظون على درجة من السرية حول ممارساتهم الدينية.
واندلعت المناوشات بين الدروز والسلطات السورية الجديدة في البلاد عدة مرات هذا العام، لا سيما في جرمانا والسويداء.
وتدخلت إسرائيل بشن غارات جوية على القوات الحكومية السورية خلال الاشتباكات، بهدف معلن هو حماية الدروز.
الأكراد
الأكراد هم أكبر مجموعة عرقية غير عربية في سوريا، بنسبة تبلغ حوالي 10 بالمئة من السكان، ويتركزون قرب الحدود مع تركيا والعراق. وهم جزء من مجموعة عرقية ليست لها دولة مستقلة، وتنتشر بين سوريا وتركيا وإيران والعراق وأرمينيا.
وواجه أكراد سوريا اضطهادًا منهجيًا في حكم “حزب البعث” القومي العربي.
وفي حين أن معظم الأكراد من المسلمين السنة، إلا أن الفئة المهيمنة، “حزب الاتحاد الديمقراطي”، تتبع عقيدة سياسية تُشدِّد على اليسارية العلمانية والنسوية، وتتأثر بشدة بـ “حزب العمال الكردستاني” بزعامة عبد الله أوجلان.
بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية في 2011، سيطرت جماعة مسلحة تابعة لـ “حزب الاتحاد الديمقراطي”، وهي “وحدات حماية الشعب”، على المناطق ذات الأغلبية الكردية في شمال سوريا. وتحت لواء “قوات سوريا الديمقراطية”، دخلت “وحدات حماية الشعب” في شراكة مع الولايات المتحدة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وتشكل المناطق التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” اليوم حوالي 25 بالمئة من مساحة سوريا، بما في ذلك بعض المناطق ذات الأغلبية العربية.
وتريد الجماعات الكردية الرئيسية الحفاظ على الحكم الذاتي في منطقتهم، وهو ما يتعارض مع طموح الشرع في إعادة توحيد البلاد تحت حكم مركزي.
المسيحيون
تمسّكَ العديد من المسيحيين في سوريا بالأسد، لكنهم قالوا إنهم فعلوا ذلك خوفًا من أن ينتهك الإسلاميون السنّة حقوق الأقليات، في حال وصولهم إلى السلطة.
انضمت شخصيات مسيحية بارزة أخرى إلى المعارضة السورية.
ينقسم المسيحيون إلى عدد من الطوائف، بعضها مجتمعات صغيرة ذات جذور عريقة في سوريا تعود إلى ما قبل الإسلام. ويشملون طوائف الروم الأرثوذكس، والموارنة، والسريان الأرثوذكس والكاثوليك، والكلدان، والآشوريين، والأرمن الأرثوذكس والكاثوليك. ويوجد أيضًا بعض البروتستانت.
(رويترز)