مقالات

 اذا لم يرق لنا ان تسمية ما يجري في الضفة الغربية حربا ، فماذا يمكن تسميتها غير الحرب.بقلم مروان سلطان -فلسطين

بقلم مروان سلطان -فلسطين

 اذا لم يرق لنا ان تسمية ما يجري في الضفة الغربية حربا ، فماذا يمكن تسميتها غير الحرب.

 

 

بقلم مروان سلطان -فلسطين  .

9.4.2025

———————————————

يمكن ان نعرف الحرب بانها استخدام دولة او اكثر قواتها المسلحة ، لتحقيق غايات واهداف سياسية ، اجتماعية، اقتصادية ، دينية….. الخ .  وينتج عن ذلك ضحايا بشرية وخسائر مادية وتترك اثرا نفسيا وماديا وثقافيا وذات ابعاد مختلفة  على الشعوب المتحاربة، ويزداد عمقها على الشعوب المهزومة او الاضعف  في ميزان القوى. الحرب التي تشنها اسرائيل على الشعب الفلسطيني تهدف الى كي الوعي الفلسطيني ، وطمس الهوية الفلسطينية، وتغير المعالم التاريخية العربية الاسلامية والمسيحية في فلسطين، ولجات الى كل الاساليب التي تحقق اهدافها في الشان الفلسطيني باستعمال القوة المسلحة بحق المدنيين العزل والاطفال وكبار السن، الذين يعتبرون ضحايا هذا الاحتلال ومستوطنيه. انه احتلال احلالي هدفه احداث تغير شامل في الشان الفلسطيني والعربي في فلسطين.

في الضفة الغربية التي تقدر مساحتها %22  من فلسطين التاريخية، حيث يعيش جزء من الشعب الفلسطيني في هذا الجزء من الوطن  للشعب الفلسطيني، وهم من المدنيين العزل الذين يخضعون لسلطة الاحتلال منذ 1967, وتدير شؤونه السلطة الفلسطينية بموجب اتفاقية اوسلو منذ 1993. تشن اسرائيل حربا على الفلسطينين لا هوادة وتفرض حصارا على السلطة الفلسطينية وتعمل على تقويضها، تنفيذا لسياسات بعيدة المدى في مشروع الضم الاسرائيلي للضفة الغربية. واحدثت تغيرا في الديموغرافيا الفلسطينية وحاصرتهم ضمن تجمعات كبيرة، وفي بعض المناطق اقدمت على التطهير العرقي في كل من الخليل، والقدس من اجل تهويد تلك المناطق التي افرغت من سكانها .

الاجراءات الاحتلالية والاستيطان سياسة الكيان الاسرائيلي منذ بدء احتلال الضفة الغربية سنة 1967, وتفاقمت هذه السياسة تباعا مع سنوات الاحتلال المزمن. فقد فتحت اسرائيل معتقلاتها سيئة السمعة ، وسيق اليها ابناء الشعب الفلسطيني اسرى من خلال الباب الدوار الداخل اليها، اضعاف المحررين . ومع وصول الحكومة اليمنية الى سدة الحكم فقد اعدت البرامج  والسياسات المختلفة من اجل تهويد الضفة الغربية، وضمها الى اسرائيل وقمع الوجود الفلسطيني. 

 الهجوم الاسرائيلي متعدد الوجوه والاشكال ويسير بشكل  اصبح واضحا وجليا على مسارات متعددة ، لمقارعة الفلسطينيين، وتنفيذا لتلك السياسات. فقد شكل الاستيطان حجر زاوية في المشروع الاسرائيلي الاحلالي في الضفة الغربية ، وقصة صمود وتحدي فلسطيني انام توجهات الاحتلال امام التهجير والهدم ومصادرة الارض والحد من العمل في الارض والزراعة. وصادرت من اجل ذلك الاراضي ، واقامة الاسلاك الشائكة، والحواجز من حول تلك المستوطنات، وعملت على ترحيل الفلسطينيين من محيط المستوطنات التي اقاموها، فكان الصمود الفلسطيني والثبات السلاح الذي واجهت بها محاولات الاحتلال في التطهير العرقي ، والتمييز العنصري والترحيل وهدم المنشات، واغلاق المراعي في وجه المزارعين ، وارهقت الفلسطنيين في المحاكم الاسرائيلية التي كانت في اغلبها تتساوق مع سياسات الاحتلال.  وشكلت ايضا الهيمنة الاسرائيلية على المقدسات الاسلامية والمسيحية جبهة اخرى في المواجهات المستمرة، ونفذت سياسة التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الابراهيمي الشريف وتسعى جاهدة لتطبيق هذا الواقع على المسجد الاقصى المبارك، اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

كما استولت على البلدة القديمة في الخليل وابقتها في اطار سيطرتها الامنية والادارية وتم تهويد اجزاء منها والسيطرة عليها وعلى بعض احياء البلدة العتيقة في الخليل على غرار مدينة القدس، وهي البلدة التي يمتد نشاتها الى اكثر من ستة الاف عام، في محاولة لسرقة التراث الثقافي الفلسطيني والحضاري. وفي داخل البلدة القديمة في مدينة الخليل يتعجب السامع عندما يعلم ان عدد الحواجز والبوابات التي انشاتها اسرائيل داخلها يزيد عن مائة حاجز عسكري وبوابة حديدية تغلق وتفتح من قبل الجنود الاسرائيليون. اما المستوطنون الذين يتزايدون وهم من المغالين الذين يطمعون الى الاستيلاء على كافة الاراضي الفلسطينية، وتهجير اهلها منها فقد خاضوا عمليات شرسة وارهابية معززين باستمرار بالجيش  الاسرائيلي ادت الى استشهاد العديد من الفلسطينيين، اثناء عملياتهم في الضفة الغربية ضد المزارعين والفلاحين والسكان والاطفال، ولعل الطفل  محمد ابوخضير من القدس الذي احرق حيا والدوابشة في دوما هو من ابشع ممارسات الاحتلال.

اما حرب المخيمات التي تشنها اسرائيل فقد عملت على تغير معالمها في اطار حربها لكي الوعي الفلسطيني وتوجت ذلك بحظر عمل وكالة الغوث الدولية وصدرت القوانين التي توقف انشطتها ، واقدمت على تهجير سكان تلك المخيمات  في شمال الضفة الغربية ، واقدمت على هدم البيوت وشقت الشوارع الطولية والعرضية في المخيم .وهي تتجه في هذه السياسة جنوبا فانها احدى تلك السياسات التي تهدف الى انهاء القضية الفلسطينية.

حصار المدن ومنع تمددها وفق المعايير الاسرائيلية التي تقسم المدن الى ا ب ج ، وتضع البوابات والحواجز  على مداخلها وبواباتها  حيث بلغ عدد تلك الحواجز اكثر من ثمانماية حاجز  ونقطة تفتيش، تعيق في ذلك حركة المواطنين، وتنقلهم ، ونقل بضائعهم جزء من حرب اقتصادية واجتماعية وسياسية لمنع اي تواصل جغرافي يؤدي الى قيام كيان فلسطيني.  واخطر الاتجاهات الاسرائيلية هي توجهها الى ضم مناطق التي يطلق عليها ج ، وتشكل ما مساحته %62 من الضفة الغربية، ومن اجل ذلك هدمت البيوت بحجج عدم الترخيص ، وهي لا تمنح الترخيص في تلك المنطقة.  واذا ما اضفنا ان %18 شوارع التفافية وطرق  نفذتها اسرائيل ، اضافة الى الجدار العازل الذي يلتهم الاراضي الزراعية ويتلوى على طول الحد الفاصل بين اسرائيل والضفة الغربية فماذا تبقى للفلسطينيين للتمدد الطبيعي ، وتامين الامن الغذائي لهم. لان المنطقة ج تعتبر اراض زراعية ورعوية ، وهي المستقبل الطبيعي للفلسطينين من اجل تمددهم الطبيعي، وبهذه السياسة تفرض اسرائيل الهجرة الطوعية على الفلسطينين لعدم وجود مساحات تستوعبهم في المناطق ا واصبح البناء فيها عموديا لنقص المساحات للبناء.

كما تعتبر المياه من القضايا المعقدة للفلسطينيين ، فلا تسمح بحفر ابار لاستخراج المياه، لاغراض الاستعمال الادمي ولا الحيواني ولا الزراعة. وتحظر اسرائيل فتح ابار في الحوض الغربي الغني بالمياه، وسمحت بوساطة امريكية لحفر ابار في الحوض الشرقي الذي يعتبر محدود المياه. شح المياه تشكل قضية حساسة للفلسطينيين بشكل عام لان المعاناة كبيرة في هذا الموضوع.

القدس التي يعتبرها الفلسطينين عاصمة الدولة الفلسطينية والروحية ايضا، منعت اسرائيل الوصول اليها الا بتصاريح وبطاقات ممغنطة ، واقامة من حولها الحواجز واغلقتها ومنعت الوصول اليها ، مما اثر على حيويتها وفعاليتها واقتصادها ، كما عملت على التهجير القسري من داخل اسوارها من خلال عربدة المستوطنين وفرض الضرائب الباهظة على سكانها. كما اقدمت على هدم مئات البيوت  بحجج عدم الترخيص ، وفرضت غرامات باهظة ايضا في عمليات الهدم القسري التي تنفذه معاول الاحتلال. لقد اجرت اسرائيل تغيرا في الوضع الديمغرافي في المدينة المقدسة في سعيها لتكون جزءا من ما يسمى العاصمة الموحدة لدولة اسرائيل. وتعتبر مسيرات واقتحامات بن غافير اشهرها في باحات الاقصى الاشهر بعد اقتحام شارون الاستفزازية وعلى اثرها اندلعت انتفاضة الاقصى. لقد اقدمت ايضا اسرائيل على اسرلة التعليم في القدس وتم اغلاق المدارس فيها ، واشترطت لاعادة فتحها تطبيق المنهاج الاسرائيلي فيها. 

الاجتياحات العسكرية والامنية للمدن والقرى والمخيمات التي تسارعت واشتدت حدتها في الضفة الغربية وخصوصا بعد السابع من اكتوبر ،  هي بمثابة اعلان حرب على الشعب الفلسطيني بكل ما تعنيه الكلمة من معنى حيث استعملت اسرائيل الطائرات المسيرة والسمتية في المتابعة والملاحقة وقتل النشطاء الفلسطينين ، شكلت احد السياسات التي زادت من وتيرة العنف في الاراضي الفلسطينية.

الحرب على الفلسطينين شملت التاثير على الاقتصاد الفلسطيني وفرض حالة التبعية الاقتصادية لهذا الاقتصاد ، حيث بلغ حجم التداول مع اسرائيل خمسة مليارات دولار، بينما حجم التداول من الطرف الاخر لا يتجاوز المليار اي بفارق اربعة مليارات دولار لصالح الاقتصاد الاسرائيلي. كما ان اسرائيل اليوم تفرض وصاية تامة على اموال الفلسطينين التي تحبيها باجر من اموال الضرائب الفلسطينية وهي تقرصن تلك الاموال بحجج مختلفة بارادة وهيمنة اسرائيلية مخالفة الاتفاقات الموقعة معها بهذا الخصوص. وفي هذا الشان ايضا منعت اسرائيل العمالة الفلسطينية للدخول للعمل في مناطق الداخل ، لان العمالة الفلسطينية توفر دعما ماليا في الضفة الغربية.

 بسبب تلك السياسات الاسرائيلية الممنهجة يعاني الاقتصاد الفلسطيني الأمرين ويترنح ، واستمرار هذه الحالة قد يؤدي الى الانهيار المحتوم. وفي مواسم الحصاد عمد الاحتلال الى نشر المستوطنين لمهاجمة المزارعين الفلسطينين والاستيلاء على محصولهم، جزء يتمامل مع سياسة الحرب الاسرائيلية على الفلسطينيين ، في مسارهم للاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين. 

 هذه الحكاية بتفاصيلها المملة هي مجموعة من الحكايات والقصص الرهيبة التي تمر على الشعب الفلسطيني افرادا وجماعات وتشكل حالة لها تاثيرها النفسي والعضوي والاجتماعي على الانسان الفلسطيني من الاطفال والنساء وكل افراد المجتمع الفلسطيني، يجب ان يرى العالم ان اطفالنا يذهبون الى مدارسهم ، يلاقون الامرين في المعاملة من الجنود والمستوطنين وعبر الحواجز والبوابات الالكترونية ، وكل ذلك يترك اثاره السلبية على الطفولة والامومة والابوة في حياة الفلسطيني، فلا يرتسم في ذاكرتهم الا تلك المؤثرات المؤلمة في ذهابهم وايابهم.

امام تلك التحديات يشعر الفلسطيني بالقلق والخوف وعدم الامن ، لانه في حركته من الممكن ان يتعرض للخطر حتى الموت امام الحواجز وفي الطرقات حيث المستوطنين المدججين بالسلاح. 

لقد توجت اسرائيل اهدافها في اطار سياستها لطمس المعالم الفلسطينية في قرصنة الثقافة الفلسطينية ، فقد صادرت الكثير من المعالم الاثرية والتاريخية ونسبت لنفسها جزءا من تاريخ هذه الثقافة، وجعلت الكثير منها معالم للزوار الاسرائيليون، ونسبت الى نفسها العديد من التراث الثقافي الفلسطيني واكلاته الشعبية مثل الحمص والفول والفلافل…. الخ من ذلك التراث الشعبي الفلسطيني، انها الحرب لطمس الهوية الفلسطينية وتقمص هوية الاخرين.

في ظل هذا الواقع المرير ، وهو غيض من فيض، اذا لم يقر العالم واصحاب الشان ان ما يحدث في الضفة الغربية حربا على الفلسطينيين العزل ،  فماذا يمكن ان يسموها غير الحرب . انها الحرب بكل تفاصيلها ، وهي من اجل تنفيذ سياسات تفضي الى واقع جديد اما هجرة طوعية او قسرية ، وتطهير عرقي وحصار واعتقال وقتل وهدم  وضم ، انها الحرب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى يتحمل الفلسطينيون المدنيون اوزارها ، ويذهب ضحاياها الاطفال والنساء والشيوخ في ظل ازدواجية المعايير وعالم لا يرى لا يسمع لا يتكلم؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب